سياسة عربية

تحديات تواجه عبد المهدي لإدارة الدولة العراقية.. هذه خياراته

محللون قالوا إن تصريحات المالكي تحرج حكومة عبد المهدي حديثه الولادة- أرشيفية

كادت تصريحات نائب الرئيس العراقي السابق، نوري المالكي، تجاه البحرين، أن تتسبب بأزمة دبلوماسية بين البلدين، حيث رفضت المنامة ما أسمته التدخل السافر في شؤونها الداخلية، وذلك ردا على مهاجمته للسلطات بالبحرين الأحد الماضي.


وبعد ضجة كبيرة أثارتها تصريحاته، أصدر المالكي توضيحا، اليوم الأربعاء، قال فيه إنه "لم يطالب بالتدخل في شؤون البحرين أو أي دولة أخرى كما يتدخل الآخرون في شؤوننا، ولم ندع للعنف ولا نشجع أحدا عليه".


وأضاف: "وندعو للحوار ورفض التهميش والإقصاء وممارسة الاستبداد السياسي، والتأكيد على احترام الشعوب وحقها في الحرية واستخدام الآليات الدستورية الديمقراطية في معالجة الأزمات".


ولعل ما يبرز من تساؤلات هنا، هو عن إمكانية أن تسبب مثل هذه التصريحات أزمات سياسية للعراق مع دول أخرى ولاسيما العربية منها، وإلى أي مدى يستطيع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي أن يضبطها ويدير الدولة العراقية وفق سياسة النأي عن المحاور التي أعلنها سابقا؟

 

اقرأ أيضا: المالكي يوضح مقصده من تصريحاته التي أغضبت البحرين

 

تأثيرها على العراق


وفي حديث لـ"عربي21" قال الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية الدكتور أمير الساعدي، إن "أمام عبد المهدي الكثير من التحديات، وواحدة منها هي توجهات ورؤى الطبقة السياسية في العراق تجاه ملفات هي تراها لها أولوية في ساحة تحقيق النظام الديموقراطي، أو تحقيق حقوق لمجتمعات في دول الإقليم والجوار، قد غاب عنها العمل والدعم الخارجي". 


وفي هذا المجال، بحسب الساعدي، فإن هناك "صورا ومشاهد كثيرة متضادة، وواحدة منها على سبيل المثال: لماذا البحرين وليس الشعب السوري؟"، لافتا إلى أن "التحدي ذاته كان يواجه سلفه حيدر العبادي بشكل كبير، وخصوصا حيال العلاقات مع السعودية وإيران، وكذلك ترطيب الأجواء الإيجابية مع الضاغط الدولي المتمثل بالولايات المتحدة".


ودعا الساعدي إلى ضرورة أن "يكون هناك تطابق بين الزعامات السياسية ورئيس الحكومة في التعاطي مع مثل هذه القضايا بعيدا عن سياسة المحاور، وإنما الالتزام بإستراتيجية مصالح الدولة العراقية أولا".


وعن قدرة عبد المهدي على ضبط تصريحات هذه الزعامات، قال إن "الأرض أمام رئيس الحكومة ربما ليست منبسطة، لكن بالمقابل لديه قوة المنصب الذي يديره وهي مسؤولية إدارة بناء الدولة العراقية في مرحلة خطرة وحساسة، لاسيما بعد تقاطعات إقليمية وفواعل دولية متمثلة بالولايات المتحدة وإيران".


وأردف: "يمكن لعبد المهدي أن يضغط على الأطراف السياسية لتتقارب مع وجهة البرنامج الحكومي، تجاه دول الإقليم والجوار في مرحلة يحتاج فيها العراق إلى إعادة بناء إعمار المدن المدمرة من الإرهاب، وبالتالي ينبغي أن تبقى سياسته الخارجية إيجابية ودبلوماسية مرنة بأبواب مفتوحة، ولاسيما مع عودة مشكلة هبوط أسعار النفط مرة أخرى".


وبخصوص تأثير تصريحات المالكي على حكومة عبد المهدي التي لازالت في بداية مشوارها، قال الساعدي إن "رئيس الحكومة لم يغادر المئة يوم حتى هذه الساعة، فبالتأكيد ستكون مثل هذه التصريحات محرجة له، وخصوصا أنه وضع نصب عينيه انفتاح عربي كبير، وهذه التصريحات قد تعرقل ذلك".


وشدد الساعدي على ضرورة "الابتعاد عن سياسة التصعيد مع أي طرف ومنهم البحرين، يمكن أن يكون لنا فيما بعد معاضدا في حلقة الدعم العربي على أقل تقدير".

 

عبد المهدي أمام خيارين


من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي الدكتور عدنان التكريتي: "نحن أمام حالتين لا أعتقد أنهما ستتوحدان مستقبلا، الأولى: هي أن عبد المهدي يواجه دولة عميقة أنشأها المالكي وانضمت لها قوى الحشد الشعبي، وباتت دولة داخل دولة. والثانية: هي مواجهته لقوة مقتدى الصدر المتجهة نحو فرض الهيمنة المستقبلية. لذا الرجل في وضع لا يحسد عليه".


وأضاف التكريتي في حديث لـ"عربي21" أن "المالكي يكاد يكون ناطقا باسم إيران، أو لعله يتكئ على هذا الركن لتحقيق المزيد من التأييد والنفوذ الذي لا تعارضه طهران بالضرورة".


وفي ظل خيارين أمام عبد المهدي، بحسب التكريتي، فإنه يتوقع أن "ينحاز عبد المهدي إلى تحالف البناء الذي ينضوي فيه ائتلاف المالكي،ولن يكون قادرا على مواجهة تهديد سائرون بدون هذا الاختيار".


واستدرك التكريتي قائلا: "لكن من المتوقع أيضا، أن يبقى هذان المساران يحكمان المشهد، الدولة العميقة التي تزداد تغولا، ودولة رئيس الجمهورية برهم صالح، وعبد المهدي ذات النوايا الطيبة والتي ليس لها إلا ظاهره".

 

اقرأ أيضا: البحرين تستدعي القائم بأعمال العراق بعد تصريحات للمالكي

والأحد الماضي، حضر المالكي احتفالية افتتاح "مكتب ائتلاف شباب 14 فبراير في البحرين" مكتبا له ببغداد، حيث قال إن "المنامة استعانت بفدائيي صدام لقمع الاحتجاجات".


واتهم زعيم ائتلاف دولة القانون في كلمته الحكومة البحرينية بـ"اللجوء إلى العنف والتمييز والتهميش ضد الشيعة"، لافتا إلى أن "ذلك قد يجر البلاد إلى العنف".


وردت البحرين على هذه التصريحات باستدعاء القائم بالأعمال العراقي، الاثنين، نهاد رجب عسكر، حيث أبلغه وكيل وزارة الخارجية البحرينية وحيد مبارك سيار "استنكاره واستهجانه الشديدين لتصريحات المالكي، التي تمثل تدخلا سافرا ومرفوضا في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين".


وشدد سيار على أن "هذه التصريحات غير المسؤولة تمثل خرقا واضحا للمواثيق ومبادئ القانون الدولي الداعية لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتتناقض تماما وتشكل إساءة إلى طبيعة العلاقات الأخوية بين البحرين والعراق، وتعرقل المساعي الحثيثة التي يقوم بها البلدان لتعزيز هذه العلاقات على المستويات كافة".