صحافة دولية

ناشونال إنترست: هل تبحث دول خليجية عن بديل للسعودية؟

ناشونال إنترست: تحاول دول الخليج تشكيل تحالفات استراتيجية دون ربط مصيرها ببيت آل سعود- جيتي

نشرت مجلة "ذا ناشونال إنترست" مقالا للكاتب كلايتون كروكيت، يتساءل فيه عن محاولات دول في مجلس التعاون الخليجي البحث عن حام لها غير السعودية.

 

ويبدأ كروكيت في بداية مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، مستشهدا بمثل عربي سمعه مرة من ضابط كويتي، يقول: "عندما يقع الجمل تكثر السكاكين". 

 

ويعلق الكاتب قائلا إن "مجلس التعاون الخليجي أنشئ من أجل التأكيد على سيادة دول منطقة الخليج، لكنه أنهى مؤتمره الأخير بطريقة غير حاسمة، حيث انعقد لمواجهة الأزمة التي يواجهها منذ عامين، بعد فرض السعودية وثلاث دول أخرى حصارا على دولة قطر، وهو ما دفع الولايات المتحدة لإعادة تقييم أولوياتها في المنطقة". 

 

ويقول كرويكت إن "السعودية يسلط عليها الضوء في الفترة الحالية بسبب عملية قتل خارج القانون جرت في القنصلية السعودية في إسطنبول، والحرب المستمرة، ودراما الحرب العائلية- القبلية، لكن التحركات الأخيرة من أيد قوية في المنطقة تؤشر إلى فكرة أن الجمل ربما تعثر". 

 

ويشير الكاتب إلى أن "الكويت، التي تقودها عائلة الصباح المحترمة، ستقوم في بداية عام 2019 بتعاون وتنسيق عسكري مع تركيا، ويشير التحرك إلى أنه ليس عملية الدفع الأخيرة التي تقوم بها تركيا رجب طيب أردوغان في مجال التأثير السعودي، لكنها تعبر عن مظاهر قلق وسط الأصوات الخليجية المعتدلة، فمع مسارعة الرئيس دونالد ترامب لدعم الحصار السعودي على قطر، وبناء على دعمه للنظام السعودي في أعقاب مقتل الصحافي جمال خاشقجي، فمن سيدافع عن الكويت لو قررت السعودية احتلال حقول النفط أو انتهاك سيادتها؟".

 

ويقول كريكيت إن "فترة عامين على حصار دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي أدت إلى تقييد جهود الوساطة التي تقوم بها الكويت، ومن هنا فإن تركيا، المعتدلة إسلاميا والديمقراطية (مع وجود تحذيرات جدية)، التي تملك قيادة مستقرة بشكل عام، تجعلها البديل الواضح للقيادة في الشرق الأوسط". 

 

ويلفت الكاتب إلى أن "قدرة تركيا على الحفاظ على صناعات ترفيهية وثقافية، وإسلام معتدل، وسياسة خارجية هجومية، والموازنة بين الثنائي الأمريكي الروسي، أعجبت حلفاء محتملين في عموم المنطقة". 

 

ويفيد كرويكت بأن "الهدف من مجلس التعاون الخليجي هو توفير الأمن لدول صغيرة غير قادرة على توفيره بنفسها، ومن هنا فهي لن تتخلى عن فكرة البحث عن نموذج أخ قائد ومهيمن، فهذه الدول ثرية لكنها ضعيفة، ستبحث عن دعم دولة تقود الإسلام السياسي، ولديها بالتأكيد مستقبل سياسي". 

 

وينوه الكاتب إلى أن "تركيا بذلت جهودا في وضع نفسها بديلا واضحا عن السعودية، فأرسلت قواتا إلى قطر، حيث القاعدة العسكرية التركية، ما  أرسل عددا من الرسائل: الأولى هي أن التصرفات السعودية لا يتم تجاهلها خارج حدود الجزيرة العربية، والرسالة الثانية هي أن الدول الخليجية الصغيرة يتم التعامل معها على أنها دول منفردة وبهويات مستقلة عن علاقاتها مع الدول الأخرى، أما الرسالة الثالثة والأخيرة وهي وجود دولة مسلمة مستعدة للوقوف أمام السعودية ومنافستها على القيادة في المنطقة، وقد أرسلت هذه الرسائل كلها قبل أن يقدم لها الأمير محمد بن سلمان الهدية التي تعدل الهدايا كلها: التفوق الأخلاقي". 

 

ويبين كرويكت أنه "في ظل آل سعود فإنه ليس من المستبعد أن يواجه حكام العائلات في دول الخليج الإنذار الذي واجهته قطر ذاته، فقد ذكرت الأزمة حاكم الكويت الشيخ الصباح بمكامن ضعف دولته الصغيرة، وأنه يجب الحصول على تطمينات تتعلق بأمن دولته النفطية، فالكويت تتكون من صحراء قاحلة باستثناء النفط، ولا تزال تناقش الطرق التي تتعامل فيها مع العمالة الوافدة بطريقة لا تشعر سكانها بالتهديد، وتحتاج دولة كهذه إلى دول محسنة لتدافع عنها". 

 

ويشير الكاتب إلى أن "الكويت ليس وحيدة في البحث عن بديل للثلاثي السعودي الإماراتي البحريني، فهناك عُمان الدولة المتحمورة حول نفسها، التي لم ينظم سلطانها قابوس بن سعيد معرضا (صنع في قطر) فحسب، بل إنه زاد من العلاقات التجارية مع الدولة المحاصرة بنسبة 100%، ونظرا لافتقاد عمان للواجبات الكويتية للوساطة في الخلاف، فإن من السهل تجاهل اللفتات العمانية باعتبارها محاولة للاستقلالية، مثل المعاهدة الدفاعية مع بريطانيا، واستقبالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتزمت الكويت وعمان بواجباتهما من ناحية أداء دور في القمة الخليجية الأخيرة، والتزام الصمت بشأن مقثل خاشقجي، لكن النظرات الحائرة لا يمكن إخفاؤها". 

 

ويقول كرويكت إن "قطر مثل الكويت، صغيرة وتحتاج للطعام ومستقبل ما بعد النفط، فرغم الحصار فإنها تعهدت باستثمار 15 مليار دولار في الاقتصاد التركي، وقررت الخروج من منظمة (أوبك)، وأرسلت وفدا على مستوى منخفض إلى قمة الرياض الأخيرة، وبالمثل تعهدت دول مجلس التعاون الخليجي بعشرات المليارات من الدولارات للبحرين، ومثل الأموال التي تعهدت بها قطر لتركيا، وتلك التي تعهد بها مجلس التعاون للدول الأخرى، فهي ليست إحسانا بل بثمن وتوقعات". 

 

ويتوقع الكاتب في هذه الحالة أن "يكون مستقبل مجلس التعاون الخليجي مضطربا، وله خسائر اقتصادية، فالسعودية من خلال تراثها الإسلامي أكدت على صادراتها الثقافية، أما تركيا فمن خلال رزمة تقدم الأمن والبديل المعولم فتحت لها بعض الجيوب". 

 

ويختم كرويكت مقاله بالقول إن "مجلس التعاون الخليجي كان مبادرة من آل الصباح، وخطوة إيجابية لتحصل دول الخليج على الأمن وبدعم أمريكي، ومن هنا فإن الرد في مرحلة ما بعد الغزو العراقي للكويت، الذي دفع الأخيرة للبحث عن الاستقرار يجب أن يعكس مرحلة ما بعد الحصار على قطر والكويت في مرحلة ما بعد خاشقجي، ومع المصادر المحدودة، ووجود سكان غير مهيئين لمرحلة ما بعد النفط، فإنه يبدو أن هناك عدة طرق يمكن من خلالها لعمان والكويت بناء علاقات وتحالفات استراتيجية خارج منظومة مجلس التعاون الخليجي دون الارتباط بآل سعود". 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)