ملفات وتقارير

لماذا أعفى السيسي 600 وحدة سياحية للجيش من الضرائب العقارية؟

وزير الدفاع المصري أصدر قرارا أعفى فيه الجيش من الضريبة المفروضة على العقارات- جيتي

أكد سياسيون واقتصاديون، أن قرار وزير الدفاع المصري، باستثناء المنشآت الربحية التابعة للقوات المسلحة من تسديد الضريبة العقارية، واعتبارها ضمن اعتبارات الأمن القومي، يدل على أن الجيش أصبح دولة داخل الدولة، ويتمتع بامتيازات فوق التنافسية، تصب في صالح قياداته، بينما تعاني ميزانية الدولة من عجز يومي مقلق.


وكان وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي أصدر قرارا برقم 24 لعام 2019، نشرته الجريدة الرسمية المصرية بإعفاء وحدات تابعة للقوات المسلحة من الضريبة المفروضة على العقارات والمنشآت التجارية والصناعية، مؤكدا أن القرار يأتي ضمن اعتبارات شؤون الدفاع ومتطلبات الأمن القومي.


وأكد متخصصون لـ "عربي21" أن القرار يشمل ما لا يقل عن 600 منشأة ربحية تابعة للجيش، تشمل الدور الاجتماعية والترفيهية التابعة للأسلحة والإدارات المختلفة، وتشمل النوادي، وقاعات الأفراح والمساجد وقاعات المناسبات، وأرض المعارض الخاصة بالقوات المسلحة، ويضم القرار الشقق والفيلات والوحدات الصيفية والساحات العامة التابعة للجيش.


ويأتي قرار وزير الدفاع، تنفيذا للقانون الذي أصدره رئيس نظام الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في 19 آب/ أغسطس 2014، باستثناء الوحدات التابعة للقوات المسلحة، من تسديد الضريبة المقررة على العقارات والمنشآت العامة والخاصة التي تحددها وزارة المالية، ويصدر بذلك قرار سنوي من وزير الدفاع، على أن يتم تطبيق القانون بأثر رجعي من أول تموز/ يوليو 2013.


قائمة طويلة


من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي كامل المتناوي لـ "عربي21"، أن القوات المسلحة تتعامل مع منشآتها باعتبارها سرا عسكريا، إلا أن عددا من البيانات الرسمية والحكومية، كشفت عن إعفاء كل المنشآت الربحية والسياحية التابعة للجيش من هذه الضريبة.


ووفقا للمتناوي، فإن قرار الإعفاء يشمل 25 ناديا، و29 فندقا، و18 مصيفا، و8 دور سينما ومسارح، و38 إدارة أو فرعا من فروع القوات المسلحة، وكل فروع مجمعات جهاز الخدمة الوطنية البالغ عددها 58 فرعا، والساحات وفروع السوبر ماركت والمجازر الآلية، والعمارات والشقق والفيلات السياحية والمصيفية.

 

اقرأ أيضا: ما دلالات اجتماع السيسي الأمني بقيادات الجيش والشرطة؟

ويضيف المتناوي، أن القرار يشمل استاد الدفاع الجوي والفندق والخدمات الملحقة به، ومسجد المشير وقاعات المناسبات المرتبطة به، ومركز مؤتمرات مصر، ومركز مصر للمعارض بالتجمع الخامس، واستاد برج العرب بالإسكندرية، ودار العجمي، ودار سموحة، وقرية «تيبا روز»، وكافتيريا سيدي كرير، ومصايف الفنارة، ومطروح، والعين السخنة، وفايد، والمنشآت السياحية التابعة للقوات البحرية، مثل مبني المحروسة، وقرية فخر البحار، ودار قاصد خير، ودار قيادة القوات الجوية، ومجمع النسور للأنشطة، ومعسكر القوات للراحة والترفيه.


وحسب رصد الخبير الاقتصادي، فإن القرار يشمل فندقي الماسة بمدينة نصر والعاصمة الإدارية، ونادي الجلاء للتجديف والرياضات المائية، وصالة البولينج، وحديقة النصر، وقرية الجوهرة بفايد، ومعاهد اللغات، والمجزر الآلي واستراحة الضباط بالقاهرة، وحديقة بدر، وسينما ألماظة، ونوادي الجيش بالفيوم وحلوان والخانكة وسمالوط.


ويؤكد المتناوي أن كل هذه المنشآت تقوم بتقديم خدماتها للمواطنين بمقابل مادي سياحي، ما يجعلها تحقق أرباحا طائلة، وإعفاؤها من الضرائب، يمثل إهدارا للمال العام، لأن القوات المسلحة لها ميزانيتها التي تحصل عليها من الدولة، وبالتالي فإن أي نشاط تقوم به للقطاع المدني لابد أن يكون للدولة حق فيه، كما كان معمولا به قبل انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013.


فوق المنافسة

 
عضو لجنة الإسكان بمجلس الشعب المصري السابق عزب مصطفى يقول لـ "عربي21" إن القرار بدأ تنفيذه مع الانقلاب العسكري، "وكأن السيسي أراد مكافأة الجيش وقياداته على مشاركتهم في تنفيذ وحماية الانقلاب ضد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي".


ويضيف مصطفى قائلا: "هذا الإجراء لم يتم عرضه علينا في أثناء وجودنا بالبرلمان منذ عام 2000 وحتى 2012، رغم أن قانون الضرائب العقارية تم إقراره في 2008".


ويشير البرلماني السابق إلى أن الاستثناءات من تطبيق القانون، يؤدي لتفريغه عن مضمونه، وهو دعم ميزانية الدولة، لتغطية العديد من النفقات الجارية، خاصة أن الدولة تعاني من عجز وصل إلى 222 مليار جنيه (13.6 مليار دولار) خلال سبعة أشهر فقط، بما يعادل 5% من الناتج القومي.

 

اقرأ أيضا: زيادة رواتب الجيش والشرطة تكذب مزاعم السيسي (إنفوغراف)

ويوضح مصطفى أنه في الوقت الذي تعاني منه الموازنة بهذا الشكل، فإن إجمالي الواردات العامة تشهد تراجعا بقيمة 29% للفترة نفسها من العام الجاري، وفقا لبيان وزارة المالية، ولأن الضرائب أول بند في موارد الدولة، فإن إعفاء ما يزيد عن 600 منشأة ربحية تابعة للجيش، يساعد على تفاقم عجز الموازنة، وتراجع المواد العامة.


ويشير البرلماني السابق إلى أن المنشآت التابعة للجيش، تحصل على مميزات كثيرة، تجعلها فوق المنافسة، منها رخص اليد العاملة، والإعفاءات الخاصة بتصاريح الإنشاءات والبناء والتجهيز، ووفرة الأراضي المميزة للمشروعات، ولديها الحرية الكاملة في استيراد ما تريده من أجهزة ومستلزمات معافاة بشكل كامل من الجمارك، ورغم ذلك فإنها تقدم خدماتها للمواطنين بالأسعار السياحية نفسها التي تقدمها المنشآت غير العسكرية.