قضايا وآراء

التوظيف السياسي للفتوى بين العسكر والإخوان!!

1300x600

لا يكل الحكم العسكري ولا يمل من توظيف الدين توظيفا سياسيا لأغراضه وأهدافه، وذلك باستخدام مؤسسات الدين ـ الإسلامي والمسيحي ـ للترويج لحكمه، وحماية أركانه، وإسباغ الصفة الدينية عليه، وحكم العسكر منذ بدايته يستدعي الخطاب الديني في كل مناسبة، وفي كل موقف، سواء في العمل السياسي، أو في تصفية معارضيه معنويا.

 

العسكر والفتوى


والعجيب أن ترى شيوخ العسكر يلصقون هذه التهمة بمعارضي حكم العسكر، فمؤخرا رأينا سعد الدين الهلالي، يصم جماعة الإخوان المسلمين بأنهم شيوخ السلطان، وذلك بعد أن تحدث خالد الجندي مادحا شيوخ السلطان، وأنهم لا بد أن يكونوا شيوخا للسلطان، زاعما أن هذا هو أمر الإسلام لهم. وزاد الهلالي على اتهام الإخوان بذلك، فقارن بينهم وبين العسكر، فقال: الجيش حكم مصر بصناديق الانتخابات، أما الإخوان فقد حكموا الشعب بالفتاوى الدينية!!

 

لو قمنا بحصر تاريخ حكم العسكر منذ أن تولى عبد الناصر، وحتى السيسي، سنجد كما هائلا من التوظيف السياسي للفتوى والمشايخ، والخطاب الديني إسلامي ومسيحي،


وكأن العسكر أتوا لحكم مصر بصناديق الانتخاب لا صناديق الذخيرة، فمنذ عبد الناصر وحتى السيسي يحكم العسكر بالبطش، وبجانب الدبابة تأتي الفتوى الدينية، فقد قال اللواء محمد نجيب في مقدمة مذكراته: "كنت رئيسا لمصر": إن من يريد أن يحكم مصر لا بد أن يمسك بزمام مؤسستين: الجيش، والأزهر.

ولو قمنا بحصر تاريخ حكم العسكر منذ أن تولى عبد الناصر، وحتى السيسي، سنجد كما هائلا من التوظيف السياسي للفتوى والمشايخ، والخطاب الديني إسلامي ومسيحي، فبعد أن أمسك عبد الناصر بزمام حكم مصر، حول المؤسسة الدينية الإسلامية إلى أداة يصفي بها خصومه السياسيين، ففي عام 1954م بعد حادث المنشية، أصدر الأزهر بيانا علميا، يرفض فيه الاغتيالات دون الحديث عن الفاعل، وترك ذلك للقضاء. 

فسلط العسكر على الأزهر كتابه، ينالون منه، ويصفون بيانه العلمي بأنه كان ضعيفا، فاضطر شيخ الأزهر لكتابة بيان آخر يهاجم فيه الإخوان المسلمين، وقال كلاما لم يقله عالم في تاريخ الإسلام، فقد أفتى ـ في جريدة الأهرام ـ بأن الإخوان خوارج، ولا تقبل لهم توبة. وهو ما لم يقل به فقيه في تاريخ الأزهر، أو الإسلام!!

 

عن التعامل مع إسرائيل

وعندما كانت رؤية العسكر السياسية رفض التعامل مع إسرائيل، كانت فتوى دار الإفتاء المصرية بحرمة السلام مع إسرائيل، ومات عبد الناصر، وجاء السادات، وتغيرت وجهة حكم العسكر السياسية، وأراد إبرام معاهدة سلام مع إسرائيل، فخرجت فتوى أخرى عن نفس دار الإفتاء المصرية، بجواز الصلح مع إسرائيل!!

وفي ثورة يناير وقد خرجت الجماهير ضد مبارك وحكمه، رأينا المؤسسة الدينية ـ الإسلامية والمسيحية ـ تصدر الفتاوى لصالح مبارك، وتفت في عضد المتظاهرين، وتحرم الخروج عليه، ثم في عهد الرئيس محمد مرسي تجيز الخروج عليه، والمظاهرات لإسقاطه، وفي عهد السيسي عادت لنفس فتاوى التحريم، وكل أحكام الإعدام التي لا مثيل لها في تاريخ القضاء، من حيث الفبركة والبطلان، تحال كل أوراق المتهمين للمفتي، فيقرها جميعا، ولو قام أحد الباحثين برصد الفتاوى التي صدرت في حكم السيسي وحده لاحتاجت لدراسة كاملة كبيرة عنها، وعن تحيزها السياسي بشكل فج.

 

حكم العسكر منذ بدايته يستدعي الخطاب الديني في كل مناسبة، وفي كل موقف، سواء في العمل السياسي، أو في تصفية معارضيه معنويا.


فمنذ تظاهرات 30 حزيران (يونيو) 2013، والفتاوى الخطيرة التي تبرر سفك الدماء، وإلغاء إرادة الجماهير، واستبدال صندوق الانتخاب بصناديق الذخيرة، والتنكيل بالمعارضين لحكم العسكر، بل تصل إلى حد التحريض على استحلال إراقة الدماء، واستحلال أعراض المخالفين. وآخر هذا التوظيف، ما صدر عن الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محيي الدين عفيفي، يطالب بالمشاركة الإيجابية في الاستفتاء على الدستور، وبأنه واجب وطني. يقصد بذلك التعديلات التي قام بها السيسي على دستور 2014م، ليظل السيسي في الحكم حتى وفاته.

كل هذا التوظيف للفتوى، والمتاجرة بها، يقوم بها العسكر في حكمه، بينما نجد من يتهم بها الإخوان، الذين لم يقدروا على البقاء في الحكم أكثر من عام، بعد ثورة شعبية، وانتخابات نزيهة أتت بهم، لا نستغرب أن يصدر هذا الاتهام من شيوخ العسكر، بل الغريب أن تجد هذه الفكرة رواجا لدى من لا يحسبون على حكم العسكر!  

Essamt74@hotmail.com