صحافة دولية

WP: هؤلاء هم الأكثر تأثرا بقرار أمريكا تخفيض عدد اللاجئين

واشنطن بوست: السوريون الأكثر تأثرا بقرار أمريكا تخفيض عدد اللاجئين- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للصحافية كيتي زيزيما، تقول فيه إن مريم رستناوي فرت من حمص عام 2012؛ أملا في الهروب من حرب أهلية طويلة؛ لخوفها من أن بقاءها في سوريا يرقى إلى حكم بالإعدام. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن رستناوي، التي سعت للجوء في أمريكا، حيث رأت أن أمريكا متعاطفة مع معاناتها، انتظرت هي وزوجها لسنوات في المنفى بدون مأوى دائم.

 

وتقول زيزيما إنهما فوجئا في آذار/ مارس، بأنه تم قبولهما في أمريكا لاجئين، وكان وصولهما خلال الربيع إلى إنديانابوليس شبيها بربح جائزة اليانصيب، مشيرة إلى أن أمريكا كانت تسمح لآلاف السوريين بالهجرة إليها، إلا أن تدفق اللاجئين السوريين توقف تماما تقريبا.

 

وتنقل الصحيفة عن رستناوي، قولها من خلال مترجم: "نحن سعيدون والحمد لله.. لم نعتقد أن الأمر سيأخذ هذه المدة كلها".

 

ويلفت التقرير إلى أن عدد اللاجئين الذين يسمح لهم بالدخول تراجع في إدارة ترامب إلى أدنى مستوياته منذ أن بدأ برنامج إعادة التوطين عام 1980، مشيرا إلى أن أحدا لم يتأثر بذلك بقدر ما تأثر به السوريون الفارون من الحرب الأهلية الطاحنة التي اشتعلت عام 2011، التي خلفت مئات آلاف القتلى.

 

وتفيد الكاتبة بأن عدد اللاجئين السوريين الذين سمح لهم بدخول أمريكا وصل في العام المالي 2016 إلى حوالي 12587 شخصا، فيما سمحت أمريكا في العام الماضي 2018 لاثنين وستين سوريا فقط بدخولها.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن نائبة رئيس قسم السياسات والدعم في لجنة الإنقاذ الدولية نازانين آش، قولها: "اللاجئون السوريون يشكلون أكبر عدد من اللاجئين الذين ينتظرون إعادة التوطين.. وفي الوقت الذي تتزايد فيه المخاطر عليهم فإن السياسة الأمريكية تقلل من قبولهم".

 

ويبين التقرير أن هذا التراجع هو نتيجة لخفض إدارة ترامب لعدد اللاجئين الذين تستقبلهم أمريكا إلى 30 ألف في العام، وهذا العدد هو الأدنى في تاريخ أمريكا، وبسبب زيادة التحريات الأمنية حول اللاجئين القادمين من 11 بلدا تعدها أمريكا مهددة لأمنها القومي، بما فيها سوريا.

وتنوه زيزيما إلى أنه نتيجة لهذه السياسة فإن التراجع كان واضحا بين الدول ذات الغالبية المسلمة، حيث تراجعت أعداد المقبولين بنسبة 90% عام 2017 إلى 2018، بحسب مشروع مساعدة اللاجئين الدولي، لافتة إلى أن ذلك يتضمن بلدانا لطالما كانت أمريكا متورطة فيها بصراعات عسكرية، مثل سوريا والعراق واليمن.

وتنقل الصحيفة عن المجموعة، قولها إن عدد اللاجئين المسيحيين، بما في ذلك المجموعات التي تتعرض للاضطهاد، تراجع بنسبة 42% خلال الفترة ذاته، بالإضافة إلى أنه كان هناك تراجع بنسبة 98% في عدد اليزيديين الذين سمح لهم بالدخول.

ويذكر التقرير أن العديد من اليزيديين قتلوا عندما اجتاح تنظيم الدولة بلداتهم في شمال العراق، في الوقت الذي تم فيه اختطاف واغتصاب أعداد أخرى منهم، لافتا إلى أن بعض اليزيديين الذين استطاعوا اللجوء إلى كندا، فيما لا يزال مختطفوهم السابقون يضايقونهم ويهددونهم عن بعد. 

وتورد الكاتبة نقلا عن الذين يعملون مع اللاجئين، قولهم بأن تحديد الأعداد المسموح لها بدخول أمريكا أثره أكبر على المجتمعات الأكثر عرضة للخطر، من خلال منعهم من فرصة لدخول بلد قامت تقليديا بحماية المضطهدين، مشيرة إلى أن عدد النازحين في العالم يبقى عند مستوى الأزمات: فهناك 68 مليون نازح اضطروا إلى ترك بيوتهم بالقوة، بالإضافة إلى أكثر من 25 مليون لاجئ.

 

وتنقل الصحيفة عن نائبة رئيس قسم السياسات والدعم في مؤسسة "وورلد رليف"، وهي منظمة تعمل على إعادة توطين اللاجئين، وتتخذ من بالتيمور في ولاية ماريلاند الأمريكية مقرا لها، جيني يانغ، قولها: "إن الرسالة التي قمنا بإيصالها للإدارة هي: إنكم ببساطة تقومون بالمضاربة على أجندتكم المتعلقة بالحرية الدينية؛ لأنكم تغلقون الباب أمام أناس مضطهدين". 

 

ويشير التقرير إلى أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قال في تعليقات له السنة الماضية، إن التخفيض الكبير لعدد اللاجئين الذين سيسمح لهم بدخول أمريكا لا يعني أن البلد أدارت ظهرها للأزمات الإنسانية في العالم، مشيرا إلى أن أمريكا ملتزمة بحماية الضعفاء مع حماية الأمن القومي، وأضاف: "البعض سيصور السقف على اللاجئين المقياس الوحيد لالتزام أمريكا بحماية الضعفاء حول العالم.. وهذا خطأ".

 

وتلفت زيزيما إلى أن وزارة الخارجية رفضت التعليق على مقاربة البلد تجاه اللاجئين السوريين، في الاشارة إلى تعليقات بومبيو، وقالت إن أمريكا تبقى أكبر المتبرعين لأولئك المتأثرين بالأزمة السورية، حيث قدمت 9.5 مليارات دولار مساعدات إنسانية.

 

وتفيد الصحيفة بأن التراجع في عدد اللاجئين دفع ببعض وكالات إعادة التوطين الى تفكيك البنية التحتية التي كانت تساعد في توطين اللاجئين في أمريكا، وتركت البلدات المحتاجة للعمال وتسعى لاستقبالهم مفتقرة إلى أولئك العمال، فيما اضطرت المنظمات التسع التي تقوم بإعادة توطين اللاجئين في أمريكا إلى الاستغناء عن موظفين، أو اغلاق مكاتب، أو كلا الأمرين، مشيرة إلى قول يانغ إن "وورلد ريليف" قامت باغلاق خمسة مكاتب عام 2017، وأغلقت مكتبها في اركون في أوهايو في آذار/ مارس.

 

وينقل التقرير عن العاملين مع اللاجئين، قولهم إن أكبر عدد من اللاجئين الآن هم من الكونغو وميانمار وأرتيريا وأوكرانيا، مشيرا إلى أن عدد السوريين الذين سمح لهم بدخول أمريكا ارتفع في النصف الأول من السنة المالية 2019 إلى 218 شخصا، وهو ما يشكل أقل من 2% من عدد اللاجئين الذين سعوا للحصول على مساعدة من أمريكا قبل عدة أعوام قليلة، ما يعني أن آلاف الناس يمنعون من الدخول.

 

وتنوه الكاتبة إلى أن مؤسسة "أكسودس ريفيوجي أميغريشن" في إنديانابوليس، قامت في عام 2016 بإعادة توطين لاجئين من 13 بلدا، بما فيهم سوريا والعراق والسودان. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن مدير المؤسسة كول فارجا، قوله إن مؤسسته قامت العام الماضي بتوطين لاجئين من أفغانستان وميانمار والكونغو وأرتيريا، لافتا إلى أن تراجع عدد اللاجئين يعني أن تمويل المؤسسة تراجع إلى النصف، وتخلت المؤسسة عن أو لم تملأ شواغر أكثر من 12 موقعا.

 

وأضاف فارجا: "أحد أكثر الأمور لفتا للنظر بالنسبة لي هو مدى التشويش الذي تسبب به هذا للشبكة.. فالمستوى الأعلى هو اللاجئين الذين لم يصلوا إلى أمريكا، لكن أيضا كيف يقوم (الرئيس) بتفكيك البنية التحتية لهذا البرنامج". 

 

وبحسب التقرير، فإن رستناوي وزوجها، خالد عساف، هما أول لاجئين سوريين تحضرهما مؤسسة "أكسودس" إلى إنديانابوليس خلال عامين، وكانت المؤسسة قد ساعدت 100 سوري في 2017 للاستقرار في المدينة، وحاول نائب الرئيس مايك بنس منع اللاجئين السوريين من الاستقرار في ولاية أنديانا عندما كان حاكما لها، لكن المحكمة منعت ذلك. 

 

وتذكر زيزيما أن ابنة الزوجين ملك عساف قد وصلت إلى إنديانابوليس لاجئة في عام 2015، وحاولت طلب والديها للانضمام إليها خلال أشهر، مشيرة إلى أن ثلاثة آخرين من أبناء الزوجين العشرة جاءوا إلى أمريكا لاجئين.

 

وتكشف الصحيفة عن أن عملية التحري الأمني تحركت بسرعة، وتمت مقابلة كلا الزوجين مرتين، وتم التأكد من الخلو من الأمراض المعدية، إلا أنه بعد أن أعلن الرئيس عن حظره للمسافرين من بلدان بما فيها سوريا، توقف كل شيء.

 

وينقل التقرير عن مريم، قولها من خلال مترجم: "بعد أن سمعنا بمنع السفر كنا نتساءل أين سيكون مكان إقامتنا القادم.. لقد كان من الأفضل لنا أن نموت في الأردن من العودة إلى سوريا"، حيث كان انتهى بهم المطاف في الأردن قبل الذهاب إلى أمريكا.

 

وتشير الكاتبة إلى أن ملك عساف استسلمت لفكرة أن والديها سيمنعان من دخول أمريكا، وقالت: "فقدت الأمل في قدوم والدي إلى أمريكا"، لافتة إلى أن رستناوي (73 عاما) وعساف (76 عاما) قضيا سنة 2017 في التنقل في الأردن من مكان لآخر، وقالت رستناوي: "كرهنا أنفسنا" بسبب عدم الشعور بالأمن، فكلا الزوجين يعانيان من مشكلات صحية ولا يستطيعان العمل، فيما كان هناك وميض أمل العام الماضي، حيث حصل الزوجان على مقابلة ثالثة مع السلطات الأمريكية.

 

وتقول الصحيفة إن رستناوي كانت تركب حافلة في طريقها للحصول على دوائها للسكر في آذار/ مارس، عندما وصلتها مكالمة تقول لها بأنه تم قبولها هي وزوجها للذهاب لأمريكا، فاتصلت مباشرة بابنتها، وكانت الساعة الرابعة صباحا في إنديانابوليس، وكانت ملك عساف سعيدة جدا بهذا الخبر ولم تستطع العودة لنومها.

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن الزوجين ذهبا في اليوم التالي للفحص الطبي، ولتحضير أمتعتهما استعدادا لحياتهما الجديدة، ووصلا إلى مطار إنديانابوليس في 23 آذار/ مارس، وكانت ابنتهما ملك ومعها 13 آخرين من العائلة في انتظارهما، بينهم أطفالها الثلاثة وأخوتها الثلاثة.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)