صحافة دولية

MEE: هكذا تقوم قوات حميدتي بالسودان بحملة لتلميع صورته

MEE: قوات حميدتي في السودان تقوم بحملة لتلميع صورته على منابر التواصل الاجتماعي- أ ف ب

نشر موقع "ميدل إيست آي " تقريرا أعده كامل أحمد، يشير فيه إلى جهود قوات الدعم السريع السودانية والسياسيين في البلاد لتغيير صورتهم بغية الحصول على دعم شعبي.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن فتاة بالزي الأحمر، وعلى رأسها قبعة المليشيا، كانت تغني قصيدة تمدح فيها قوات الدعم السريع، وذلك في شريط فيديو تم بثه كجزء من حملة علاقات عامة، وجاء في القصيدة: "في كردفان الدعم جا، في دارفور الدعم جا". 

 

ويلفت أحمد إلى أن الفتاة كانت تقف في ساحة خضراء اتخذتها قوات الدعم السريع قاعدة عندما سيطرت على العاصمة بداية العام الحالي، وذكرت أسماء عدد من الأماكن في السودان، قال الناشطون على منصات التواصل الاجتماعي إنها استقبلت قوات الدعم السريع، ليس كجماعات خيرية بل قوة شر نشرتها الحكومة لترويع الناس. 

 

ويفيد الموقع بأن حملة التواصل الاجتماعي تمثل تحولا جديدا لقوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب جرائم هذا العام وجرائم إبادة في شكلها السابق عندما كانت قوات جنجويد تم نشرها في دارفور، مشيرا إلى أنها تقوم في الوقت الحالي بتقديم نفسها عبر منصات التواصل الاجتماعي على أنها قوة تملأ الفراغ في الخدمات الاجتماعية والصحية، وتوفر النقليات العامة، وتعقد صفقات مع رؤساء القبائل. 

 

وينوه التقرير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي أصبحت المفتاح الرئيس لأطراف العملية السياسية في مرحلة ما بعد عمر البشير، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية في نيسان/ أبريل، لافتا إلى أن النظام الجديد، الذي سيطر عليه العسكر، قدم مساحة للقيادات المدنية وحكومة بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إلا أن الأدوار والطموحات وتوازن السلطة هي أمور غير واضحة. 

 

ويشير الكاتب إلى أنه في الوقت الذي يظهر فيه حمدوك على المسرح العالمي بحثا عن الدعم الدولي لتحويل السياسة السودانية والاقتصاد المحطم، فإن رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان يقوم بالظهور بمظهر رجل الدولة الذي يستقبل المسؤولين، ويعقد احتفالات قسم اليمين، ويدير محادثات مع أطراف المعارضة وجماعات التمرد. 

 

ويذكر الموقع أن الخبراء يرون أن حملات تحسين الصورة تعكس توازن السلطة بين العسكريين والمدنيين، حيث يحاول كل منهما بناء جسور مع الرأي العام الذي احتج لشهور مطالبا بالتحول في البلاد. 

 

وينقل التقرير عن مدير برنامج القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية موريثي موتيغا، قوله: "من الواضح أنه زواج بالإكراه، فقد كانت قوات الأمن مع البشير حتى آخر لحظة، ورغم الإطاحة به فإن قادتها لم يظهروا إلا شهية قليلة للإصلاح، خاصة بالطريقة التي أداروا فيها مذبحة 30 حزيران/ يونيو"، في إشارة إلى فض اعتصام الخرطوم الذي قتل فيه أكثر من مئة شخص، ويعتقد بشكل واسع أنه كان من عمل قوات الدعم السريع. 

 

وأضاف موتيغا: "يبدو أن القادة المدنيين يتحركون من موقف ضعيف، لكن قوتهم نابعة من الرأي العام والدعم الشعبي الواسع، ويحتاج الطرفان لبعضهما". 

 

ويبين أحمد أنه منذ تعيين حمدوك رئيسا للوزراء في آب/ أغسطس، فإنه قام بحملة علاقات عامة دولية، ورافقتها حسابات صحيحة على وسائل التواصل الاجتماعي لرجل لم يكن يعرفه أحد، وحملت منشورات منتظمة بالعربية والإنجليزية، مشيرا إلى أن حمدوك احتفى بلقاءات مع القادة الدوليين في أثناء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/ سبتمبر، ونشر أشرطة فيديو له وهو يتحدث في جلسات النقاش حول التغير الديمقراطي وحرية الإعلام بعد سنوات من العزلة. 

 

ويفيد الموقع بأنه في الوقت الذي كان فيه برنامج رئيس الوزراء حافلا على المستوى الدولي، فإن قوات الدعم السريع كانت ناشطة على المستوى المحلي، واستفاد من منصات التواصل الاجتماعي للاقتراب من الرأي العام المعادي لها ولزعيمها محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي. 

 

ويورد التقرير نقلا عن الناشط المقيم في أمريكا محمد صالح، الذي يقوم بحملة منذ أشهر لحذف حسابات الدعم السريع من منابر التواصل الاجتماعي، قوله: "الرسالة والموضوع واضحان، وهي أن قوات الدعم وقائدها حميدتي قادران على الحلول محل الحكومة، والاضطلاع بدورها في توفير الخدمات الرئيسية، مثل الحاجات الصحية والأمنية". 

 

ويلفت الكاتب إلى أن الناشطين نجحوا في حجب حسابات الدعم على الإنترنت، وحذفها من "تويتر"، لكن حساباته على "فيسبوك" و"يوتيوب" و"تلغرام" لا تزال تنشر الرسائل حول الدعم السريع وما تقدمه القوات من نقل للناس وتطعيم للأطفال في المناطق الريفية، التي قدم حميدتي نفسه حاميا لها. 

 

ويقول الموقع إن قوات الدعم اتهمت أثناء الحملة بمهاجمة عمال المستشفيات والهجوم على المتظاهرين، ورمي المواد الكيماوية الضارة في مصادر المياه قرب الأماكن التي اعتصم فيها المحتجون، مشيرا إلى قول صالح: "تقوم المليشيا بنشر الأخبار الزائفة من خلال محتويات الإنترنت، بالإضافة إلى إخفاء الحقائق المتعلقة بمسؤولية الدعم السريع عن مذبحة الخرطوم وتشويهها". 

 

وبحسب التقرير، فإن دراسة مسحية قام بها مرصد الإنترنت في جامعة ستانفورد، وراجعت 22 موقعا سودانيا، وأدت إلى محو عدد منها، وجدت أنها مرتبطة بشركات روسية متهمة بنشر الأخبار الزائفة، وكذلك شركة "واغنر"، وهي شركة مرتزقة لديها علاقات مع الجيش السوداني.

 

وينوه أحمد إلى أن تركيز حمدوك في زياراته كان على إيصال رسالة عن الحاجة لإحياء الاقتصاد السوداني الذي دمره الفساد، والاعتماد على النفط الذي خسر معظمه بعد انفصال الجنوب عن الشمال، بالإضافة للعقوبات الأمريكية، فيما لا يزال وزير المالية إبراهيم البدوي، وهو مسؤول سابق في البنك الدولي خارج السودان، يبحث عن دعم لبرنامجه الاقتصادي. 

 

وينقل الموقع عن الاقتصادي السوداني يوسف المهدي، قوله إن تركيز حمدوك على المسرح الدولي والجنرالات على الساحة المحلية يناسب الطرفين، مع أن الاقتصاد مهم لهما، وأضاف: "سيؤدي الاقتصاد إلى نجاح هذه الحكومة أو فشلها، وأعتقد أن هذه الحكومة تقوم برهن نفسها على الدعم الخارجي، وأعتقد أن هذه هي لعبة خطيرة". 

 

ويقول المهدي إن العلاقة مع الجيش تبدو جيدة في الوقت الحالي، لكنها غير متوازنة، والامتحان الحقيقي هي الكيفية التي سيرد فيها الجنرالات على مطالب حمدوك بتقديم تنازلات خاصة فيما يتعلق بالنفقات العسكرية، ويضيف المهدي أن الإصلاحات التي تقوم الحكومة بدراستها هي قطع الدعم، ما يعني الإضرار بحياة الناس، وزيادة المظلومية التي غذت الانتفاضة ضد البشير نهاية العام الماضي، وهو ما سيضر بثقة الرأي العام بالحكومة. 

 

ويتابع المهدي قائلا إن خسارة قوى الحرية والتغيير قد تدفع الكثير من الناس لإعادة النظر في العلاقة مع الجيش. 

 

ويجد التقرير أن الخوف هو من استفادة قوات الدعم السريع من فشل الحكومة الحالية، ومحاولتها ملء الفراغ، وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية، في وقت قد يقوم فيه قائدها حميدتي بالتركيز على جذوره الاجتماعية، وأنه من عائلة تجار جمال من مناطق دارفور، وليس من النخبة الحاكمة في الخرطوم. 

 

ويشير الكاتب إلى أن الصحف السودانية تقوم بنشر أخبار انضمام القبائل الى قوات الدعم السريع، في وقت تقوم فيه قنوات القوة بتقديم حميدتي على أنه نائب لرئيس المجلس السيادي، ورفع مكانته فوق الآخرين، مع أن المجلس منقسم بين المدنيين والعسكريين، ولا يوجد منصب نائب للرئيس.

 

ويورد الموقع نقلا عن موتيغا من مجموعة الأزمات الدولية، تعليقه قائلا: "ما نفهمه، وبحسب أشخاص في الميدان، فإن قوات الدعم السريع اكتسبت الكثير من السلطة، ويتصرف حميدتي كأنه يدير دولة داخل دولة". 

 

ويلفت التقرير إلى أن حميدتي يستفيد من التمويل القادم إليه من دول الخليج، وذلك بسبب نشر المقاتلين في حرب اليمن، مشيرا إلى قول موتيغا: "ما يقوم به حميدتي خلال الأشهر الماضية هو تقديم نفسه حاميا لسكان الأرياف في السودان، وهي مفارقة، خاصة أنه متهم بقيادة مليشيات متهمة بارتكاب جرائم في دارفور". 

 

ويقول أحمد إنه يعتقد أن حميدتي والدعم السريع لديهما مصادر مالية كبيرة، بما فيها مناجم للذهب، التي سيطر عليها من منافسه موسى هلال عام 2017، وكذلك في جبال النوبة التي تعد منطقة نزاع أخرى، لافتا إلى أن ثروة حميدتي وسلطته تعدان مهمتين للمستقبل، حيث يرى الكثيرون أن حملة العلاقات العامة هي من أجل الحصول على دعم السكان في حال فشلت الدولة. 

 

ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول المهدي: "أعتقد أن حميدتي يخطط للأمام، ولديه المال أكثر من أي شخص آخر، ومن الناحية الجغرافية فهو يملك أكثر من غيره.. أعتقد أنه كان ذكيا في محاولة التقرب إلى المجتمعات، ولن يستطيع السيطرة على المجلس العسكري، ولن ينتصر على النخب على منصات التواصل الاجتماعي، لكنه يقوم بتجاوزها ويقيم علاقات مع المجتمعات".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)