ملفات وتقارير

مواقف عون تشعل غضب الشارع اللبناني وتخلط الأوراق

اعتبر المحتجون تصريحات عون استفزازا لهم واستخفافا بمطالبهم في التغيير ومحاربة الفساد- الأناضول

تقلصت فرص حل الأزمة التي يمر بها لبنان، وتراجع زخم المقترحات السياسية التي تجاذبتها المباحثات الأخيرة حول تشكيل حكومة جديدة، في ظل تصاعد الاحتقان الشعبي على ضوء المستجدات التي تفجرت بعد المقابلة التلفزيونية لرئيس الجمهورية ميشال عون، والتي اعتبرها المحتجون استفزازا لهم واستخفافا بمطالبهم في التغيير ومحاربة الفساد والمفسدين.


وجاءت الدعوة إلى "الهجرة" التي خاطب بها عون الحراكات الرافضة لإعطاء الطبقة السياسية ثقة وفترة زمنية إضافية بمثابة "زلة لسان"، لم تفلح التوضيحات التي تلتها من قبل القصر الجمهوري ومؤيدي الرئيس في تلميعها أو تصويبها، فبدا الغليان الشعبي كبيرا وعادت الطرقات لتقطع على امتداد الخارطة اللبنانية.


بينما برز عامل تصعيدي جديد تمثل باستخدام السلاح ضد المتظاهرين تارة في منطقة خلدة على مشارف العاصمة بيروت من قبل عنصر تابع لمخابرات الجيش، ما أدى إلى مقتل متظاهر في إطار ما وصف بأنه عمل فردي، وتارة أخرى في منطقة جل الديب "المسيحية" بعد انتشار مسلحين وإطلاق نار باتجاه الحراك الشعبي حيث يشير المتظاهرون أن مسلحين تابعين للتيار الوطني الحر الموالي لعون فتحوا نيران بنادقهم بغية تفريق التظاهرة وفتح الطرقات بالقوة.


وبينما كان يدور النقاش منذ أيام حول تمثيل الأحزاب في الحكومة الافتراضية من عدمه، تحولت البوصلة حاليا وجل الاهتمامات إلى ضرورة ضبط الوضع السياسي والأمني قبل الانزلاق نحو انفلات شامل لا يمكن السيطرة عليه بسهولة.


الوضع الأمني


واستبعد عضو كتلة اللقاء الديمقراطي الموالية لرئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط النائب فيصل الصايغ أن تكون الأوضاع وصلت الى حد "الفلتان الأمني بمعناه الواسع لأن لا مصلحة لأي طرف سياسي بتصعيد الأوضاع"، لكنه أشار إلى ضرورة العمل سريعا باتجاه الحلول انطلاقا من تلبية مطالب المتظاهرين "والبدء باستشارات نيابية ملزمة لاختيار رئيس حكومة جديد، وأن لا تبدأ الخطوات بالعمل على تأليف مجلس الوزارء قبل تسمية رئيسه".


وعن مدى تبدل معادلة الأزمة الحالية مع مقتل متظاهر ينتمي الى الحزب الاشتراكي، قال في تصريحات لـ"عربي21": "دم الشهيد سيعطي حيوية للثورة من خلال تعزيز روح الثورة في مختلف المناطق اللبنانية، وما يدلل على ذلك هو عمق الوعي الشعبي العابر للمناطق والطوائف خصوصا على مستوى الجيل الشاب".

 

اقرأ أيضا: تصريحات عون ومقتل متظاهر تلهب احتجاجات اللبنانيين (شاهد)


وحول المطالبة بتغيير النظام، أكد أن "الحزب الاشتراكي لا يمانع في ذلك ولكن من خلال الأطر الدستورية وبدءا من حكومة مستقلين تضع في أولوياتها مهاما محددة، ومن ضمنها إجراء انتخابات نيابية مبكرة وفقا لقانون انتخابي جديد، والتعامل مع الوضع المالي وتعزيز ما تبقى من صمود في هذا القطاع، وكذلك محاربة الفساد من خلال سن قانون يمنح السلطة القضائية استقلالا وصلاحية البدء بالتشكيلات القضائية".


وتطرق إلى زيارة الوفود الخارجية إلى لبنان، فقال: "أتوقع أن تكون هذه الزيارات استطلاعية ومن المؤسف أن تتزامن هذه الإطلالات مع معطيات سلبية، عكسها مضمون كلمة الرئيس عون وما تبعها من تطورات ميدانية".


ماذا عن المتغيرات؟


ورأى النائب السابق عن كتلة المستقبل خالد ضاهر أن "الواقع الحالي في لبنان يشير الى متغيرات لم تكن في الحسبان، فما حصل في17 تشرين الأول ليس كما في سابقه، كما أن السياسيين لم يأخذوا الأمور بجدية تفرضها الأوضاع الحساسة التي تمر بها البلاد"، لافتا في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن الرئيس الحريري فهم هذا المستجد وبادر بعد انسداد الأفق أمامه إلى تقديم استقالة حكومته".


وبين أن المشاورات السابقة ارتكزت حول رؤيتين مختلفتين في مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، وقال: "يتمسك الرئيس الحريري بخيار تشكيل حكومة جديدة من اختصاصيين (تكنوقراط) لأن المرحلة الحالية تقتضي إجراء عملية إنقاذية عاجلة بعيدا عن التجاذبات السياسية، بيد أن الفريق الآخر الذي كان يعرف بقوى 8 آذار يرفض التخلي عن عدم تمثيل السياسيين في مجلس الوزارء الجديد، وبالتالي تبدو مهمة الرئيس الحريري في حال تسميته رئيسا للحكومة الجديدة شاقة لأنه يتوجل عليه حينها استمزاج كل الواقع الحالي من حراك شعبي لايمكن تجاهل مطالبه، ومن قوى سياسية تريد الحضور داخل المشهد الحكومي وفي ظل تحديات اقتصادية ومالية بالغة التعقيد والصعوبة".


وشدد على ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة إنقاذية تحظى بقبول عربي ودولي، وتساءل: "أليس مطلوبا تحديد أولوياتنا والتخطيط لمواجهة الأزمة المالية تحت رعاية عربية ودولية بدلا من متاهة البحث عن مقاعد وزارية وعن نقاشات طويلة حول تمثيل حزب الله في الحكومة".

 

اقرأ أيضا: عون: الحريري متردد ولا أحد يتجاوب معي


وأضاف: "أمام أهل السلطة خياران فقط، فإما الاستجابة للمطالب الشعبية وتشكيل حكومة تنال ثقة الشارع الغاضب، أو أن تختار قوى 8 آذار شخصية غير الحريري لتشكيل الحكومة".


وعن مدى دقة الحديث عن وجود اشتراطات لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على التشكيلة الوزارية، قال: "حصل ذلك فعلا في الفترة الأولى لاستقالة الحريري، غير أن المعضلة لا تتعلق بصهر رئيس الجمهورية وحده على الرغم من دوره المستفز في الفترة السابقة، فهناك قضية مشاركة الأحزاب السياسية التي يصر عليها حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني معا".


ورفض الضاهر الحديث عن أن حزب الله بات المدافع الأول عن عودة الحريري إلى موقعه، وقال: "أثبت رئيس الحكومة المستقيل أنه حاجة وطنية لمؤيديه وخصومه في الوقت نفسه، كما أنه موضع ثقة للخارج والداخل".


وبيّن أن "الحريري دافع عن حزب الله خارجيا في إطار المصلحة الوطنية وهذا ما يقدره الحزب، كما أن الأخير يدرك جيدا صعوبة إيجاد بديل بمواصفاته ولكونه أيضا ضمانة للاستقرار، لكنهم في الوقت عينه يريدون تحقيق مكاسب سياسية من خلاله وهذا ما يرفضه الحريري تماما".