نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمديرة مكتبها في بغداد لويزا لوفلاك، تقول فيه إن القادة العسكريين الأمريكيين في قاعدة عين الأسد في العراق، قالوا يوم الاثنين إنهم يعتقدون أن الهجوم الإيراني بالصواريخ كان يهدف لقتل أفراد الجيش الأمريكي، وهو ما كان سيؤدي إلى جلب الطرفين إلى شفير الحرب الشاملة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الهجوم على القاعدة الأسبوع الماضي خلف حفرا عميقة ودمارا في سكن الجنود ومنصة هيلوكوبتر، وقذف على الأقل جنديين من نافذة برج مراقبة على ارتفاع أمتار، لافتا إلى أنه تم علاج عشرات الجنود لاحقا لإصابتهم برضوض نتجت عن الهجوم الصاروخي.
وتنقل لوفلاك عن قائد وحدة جزيرة الحربية وأحد أكبر المسؤولين في القاعدة، وهو المقدم تيم جارلاند، قوله في ذلك اليوم: "تم التخطيط للهجوم وتنظيمه ليتسبب بأكبر عدد ممكن من الضحايا"، وأضاف أن الهجوم كان خطيرا؛ لأنه جاء على شكل موجات، فوصل الفاصل بين الموجة والتي تليها حتى 15 دقيقة، وكانت خلال تلك الفترات قوة استجابة سريعة تتحرك لتقييم الأضرار في مواقع الانفجارات، وتبحث عن الجنود الذين يخشى أنهم أصيبوا.
وتذكر الصحيفة أن الهجوم استمر لأكثر من ساعة ونصف، بحسب القادة، حيث أضاءت الانفجارات المنطقة على مدى أميال، ووصف عدد من الجنود في مقابلات معهم كيف أصبح الهواء دافئا عندما ملأ النور سماء الليل، وكيف توالت الموجات المخيفة عبر الهواء.
ويورد التقرير نقلا عن المقدم ستيسي كولمان، التي تشرف على عمليات المطار العسكري، وصفها عدم وجود إصابات بليغة بأنه "معجزة".
وتلفت الكاتبة إلى أنه في الساعات التي أتبعت الهجوم، أطلقت عليه إيران "الانتقام القاسي"، وقالت إنه تسبب بقتل العشرات، مشيرة إلى أنه خلال يوم كان المسؤولون الأمريكيون والعراقيون يقولون إنه لم يقتل أحد في الهجمات.
وتنقل الصحيفة عن مصادر من داخل إدارة ترامب، قولها بأن عدم وقوع ضحايا كان عاملا مهما في قرار الرئيس عدم التصعيد أكثر، فقال في تغريدة له بعد ساعات من الهجوم: "كل شيء بخير"، مستدركة بأن شهادات الشهود والأضرار في مناطق في أنحاء قاعدة عين الأسد تشير إلى أن عدم وجود إصابات خطيرة كان على الأقل مسألة حظ.
ويبين التقرير أنه في الوقت الذي كان فيه التوتر متصاعدا في بدايات الأسبوع الماضي، بعد أن قامت أمريكا باغتيال اللواء الإيراني قاسم سليماني في بغداد، فإن قاعدة عين الأسد كانت في حالة تأهب عال، متوقعة المزيد من الهجمات الصاروخية، التي استهدفت قوات التحالف التي تقودها أمريكا والقوات العراقية في أنحاء البلاد لمدة أشهر، مشيرا إلى أنه يعيش في هذه القاعدة حوالي 2000 جندي، 1500 منهم من قوات التحالف الذي تقوده أمريكا.
وتورد لوفلاك نقلا عن مسؤولين عسكريين، قولهم إنه كان هناك اتصال في الساعة الحادية عشرة ليلا يوم الثلاثاء، وتم إخبارهم فيه بأنه يتوقع حدوث هجوم غير مسبوق على القوات الأمريكية من إيران بصواريخ بالستية، مشيرة إلى أن المسؤولين العسكريين رأوا أن هذا هو أسوأ سيناريو، حيث تم إغلاق القاعدة وتوزيع الجنود بين الملاجئ المكتظة وأبراج المراقبة والمخابئ المبنية تحت الأرض، التي كان قد بناها الجيش العراقي أيام حكم الرئيس صدام حسين، بحسب ما قال جارلاند.
وتقول الصحيفة إنه مر أكثر من ساعتين، ما شكك المسؤولين العسكريين إن كان التحذير مجرد إنذار كاذب، وقال مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بأنه تم إخبار قيادة العمليات المشتركة العراقية، التي تشارك غرفة عمليات مع التحالف الذي تقوده أمريكا، قبل 30 دقيقة من بداية الهجوم، وقبل الساعة الواحدة والنصف صباح الأربعاء جاء تحذير جديد، وأظهرت الرادارات بأن هجوما بالصواريخ البالستية كان وشيكا وتم إعلان ذلك بمكبرات الصوت، وتجهز من في القاعدة لوقوع الصواريخ.
وينقل التقرير عن الملازم أول تشارلز دنكان (25 عاما)، قوله بينما كان يقف وسط حطام مسكن جندي آخر: "قبل أن تبدأ أول موجة من الصواريخ كان هناك صمت، ثم سمعنا من خلال جهاز اللاسلكي (إنها قادمة، إنها قادمة).. خلال تلك الثواني كنا ننتظر فقط".
وتورد الكاتبة نقلا عن المسؤولين، قولهم بأنه خشية وقوع اجتياح أرضي، فإن الجنود ظلوا يحرسون حدود القاعدة الليل كله، ويبحثون عن إصابات في الوقت الذي استمر فيه الهجوم.
وتنقل الصحيفة عن العريف جويل فالديفيا (30 عاما)، قوله إنه استطاع من برج مراقبة رؤية أول أربعة صواريخ قادمة، وبعد ذلك أرسل تحذيرا لفريق استجابة سريعة، وقال إن النور ملأ الأجواء وبدأ البناء بالاهتزاز.
وينوه التقرير إلى أنه في الأسفل كان هناك عدد من الجنود في سيارات مصفحة وعلى أقدامهم، وقال الرقيب أرماندو مارتينيز (35 عاما)، الذي كانت وظيفته تقييم الإصابات، إنه سمع تحذير فالديفيا على اللاسلكي، وارتمى خلف جدار ليحتمي به.
وتفيد لوفلاك بأنه خرج عندما بدا أن الموجة الأولى قد انتهت، وكان في منطقة مفتوحة عندما جاء الإنذار الثاني على اللاسلكي للموجة الثانية، حيث لم ير مكانا يختبئ فيه، فجلس على الأرض في الوقت الذي ساعده جندي شاب على استعادة الاتصال.
وتكشف الصحيفة عن أن الضربات تسببت داخل بعض المخابئ بدفع أطر الأبواب في الأرض، بحسب الجنود، أما البنايات الجاهزة فتحولت إلى هياكل من القضبان الملتوية، مشيرة إلى أنه تم إعلان انتهاء الخطر قبل طلوع الشمس، وخرج الجنود قلقين لكنهم يشعرون بالارتياح، وكانت السماء صافية ولونها يميل للبرتقالي، ووصف العديد من الجنود ذلك بأنه منظر رائع.
ويورد التقرير نقلا عن الرئيس ترامب، قوله في خطاب للأمة في اليوم ذاته، إنه لم يقتل في الهجوم أي أفراد أمريكيين أو عراقيين، وبأن إيران "بدت أنها تتراجع"، بعد أن أطلقت 16 صاروخا باليستيا على قواعد تضم قوات عسكرية أمريكية، بما فيها 11 سقطت على قاعدة عين الأسد.
وتشير الكاتبة إلى أن الجنود كانوا صباح الاثنين لا يزالون يلبسون السترات الواقية في المناطق المفتوحة من القاعدة، وفي المقصف كانت الكراسي مقلوبة على الطاولات، حيث كان يطلب من الجنود أن يأخذوا طعامهم ويغادروا.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أنه في الوقت الذي كانت تمشي فيه مجندة شابة تجاه الباب خارجة من المقصف فإنها دفعت ذراع زميلتها، وضحكت قائلة: "ليس الأمر طبيعيا هنا هذه الأيام، أليس كذلك؟".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: أزمة إيران تمثل فرصة لواشنطن.. هل يستغلها ترامب؟
بوليتيكو: لماذا يصفق رموز حرب العراق لتصعيد ترامب بإيران؟
MEE: هذه دوافع ترامب الحقيقية لاغتيال قاسم سليماني