مقابلات

حقوقي لـ"عربي21": تعويضات حكومة مصر للنوبيين غير قانونية

أكثر من 80 بالمئة من سكان النوبة غير راضين عن تعويض الحكومة المصرية- جيتي

- تعويضات سكان النوبة غير دستورية أو قانونية

 
- ملف تعويضات النوبيين لم يغلق كما تقول الحكومة المصرية

 
- مطالب نوبية بتطبيق نص المادة 236 بالدستور المصري

 
- آلية تعويض النوبيين غير مرضية وغير كافية ولا تحل الأزمة


- جنوب السد العالي متسع لحل أزمة جميع النوبيين


في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة المصرية، إغلاق ملف تعويضات سكان النوبة، بعد صرف تعويضات لهم، أكد محامون وحقوقيون ونشطاء نوبيون أن "الدولة خالفت نص الدستور، والقانون المصري"، وفق رئيس الجمعية المصرية للمحامين النوبيين، منير بشير.

وتضرر أهل النوبة من بناء وتعلية خزان أسوان بداية من عام 1902، وإنشاء السد العالي من عام 1960 وحتى 1964، وتعرضوا لعمليات تهجير واسعة بعد أن غمرت المياه أراضيهم، ومنذ ذلك الوقت لم تقم الحكومات المتعاقبة على حل مشكلتهم بشكل جذري.

وقال بشير في حوار مع "عربي21": إن "احتفاء الحكومة وإعلامها وصحفها بإغلاق الملف لا يعني أن الحقوق عادت لأصحابها، وإن ما جرى من تعويضات لا يمكن اعتباره نهاية المطاف في أزمة تعويض النوبيين عن الضرر الذي لحق بهم منذ عقود طويلة".

 

اقرأ أيضا: أزمة معتقلي جزيرتي آمون وقلادة بالنوبة تتواصل بحبس أصحابهما

ونظمت الحكومة المصرية احتفالا كبيرا في أسوان، جنوب مصر، الأسبوع الماضي، بحضور رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وعدد من الوزراء، والقيادات الأمنية للتسويق لفكرة انتهاء ملف "تعويضات سكان النوبة"، محليا ودوليا.

ويبلغ إجمالي المتضررين النوبيين الذين لم يسبق لهم صرف تعويض نحو 11 ألفا و716 متضررا، تقدم منهم نحو 6 آلاف و350 شخصا بطلب تعويض، أي بنسبة 55 بالمئة من إجمالي المتضررين، وفق إحصاءات الحكومة المصرية.

وهذا نص الحوار:

-الحكومة المصرية تقول إنها نجحت في إنهاء ملف تعويضات النوبيين .. ما تعليقكم؟

بالطبع لا، التعويضات خالفت نص المادة رقم 236 في الدستور المصري، التي تنص على أن تعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلي مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشرة سنوات وذلك على النحو الذي ينظمه القانون.

-ما هي آلية تعويض النوبيين التي حددتها الحكومة؟


المتضررون من بناء وتعلية خزان أسوان، تمكنهم الحكومة من الأراضي المقامة عليها مساكنهم، أو تقرير حق انتفاع عليها إذا كانت من أراضي طرح النهر.


أما المتضررون من إنشاء السد العالي، ممن فقدوا مساكنَهم، فإما القبول بوحدة سكنية صغيرة، أو تعويض نقدي، 225 ألف جنيه (14 ألف دولار)، أو الاستفادة من خطة الدولة المستقبلية في التنمية.

والمتضررون من إنشاء السد العالي، ممن فقدوا أراض زراعيةً، إما منحهم أراضي قابلة للزراعة، أو التعويض النقدي 25 ألف جنيه عن الفدان الواحد، أو الاستفادة من خطة الدولة المستقبلية في التنمية.

-هل هناك مخالفات أخرى صاحبت مسألة التعويض؟


قبل بدء عملية التعويض وتشكيل لجنة لحصر المتضررين توجهت للمسؤولين بالسؤال عن القانون الذي من خلاله سوف يتم تعويض النوبيين، والذي يمكنهم من الطعن عليه إن لم يعجبهم التعويض مثلا، فأي تعويض يكون بقانون وإلا أصبح غير قانوني.

إذن ليس أمام الحكومة سوى صرف تعويضات بناء على قرارات وقوانين تهجير وتعويض سكان النوبة، لكن هذه القوانين والقرارات ألغيت كقانون 67 لسنة 1962، وقرار 106 لسنة 1962، وعليه لا يوجد قانون لتعويض النوبيين.

-ماذا عن توقيع المتضررين المستحقين للتعويض على إقرارات بالتنازل عن جميع حقوقهم؟

هذا شكل آخر من أشكال مخالفة القانون الذي تحدثنا عنه، فكتابة إقرار من النوبيين الذين صرفوا تعويضات بأنه لا يحق لهم المطالبة باستكمال التعويضات، كما يقرون بترك الدعاوى القضائية المقامة منهم أو من مورثهم أمام أي جهة قضائية في هذا الشأن والتنازل عنها، مخالف لقانون التعويضات، رقم 10 لسنة 1990 الخاص بنزع الملكية، الذي ينص على حق المتضرر في الحصول على تعويض واستكمال الإجراءات.

 

اقرأ أيضا: حقيقة ما جرى بالجزر النيلية للنوبيين من قبل حرس ساويرس

-هل يمكن القول إن ملف تعويضات النوبة ما زال مفتوحا؟


الملف لم يغلق حتى الآن؛ لأن الحكومة لم تطبق المادة 223 الخاصة بتعويضات أهالي النوبة، ومن حقنا أن نطالب بإعادة الحقوق لأهلها.

هناك من رفض القبول على تعويضات عينية أو نقدية، وطالبوا بالتملك في النوبة القديمة طبقا لمشروعات التنمية المستدامة التي أعلنت عنها الدولة، خاصة أن صرف تعويض بقيمة 25 ألف جنيه لكل فدان لا يساوي شيئا، وهناك فدان يشترك فيه 95 وارثا.

-ما هي رسالة الحكومة من إقامة احتفال كبير بالحدث والإسهاب في الإشادة به؟


الهدف واضح هو أن هناك مجتمعا مظلوما، وقمنا كحكومة مصرية بتعويضه، ورسالة إلى المجتمع الدولي بأن النوبيين الذين لم يحصلوا على تعويضات منذ أكثر من مائة عام قمنا بتعويضهم، الإعلام "طبل" لما حدث دون وعي منه بكواليس التعويضات.

-هل معنى ذلك أن النوبيين غير راضين عن التعويض والطريقة التي تمت به؟

أكثر من 80 بالمئة من سكان النوبة غير راضين عن التعويض، والطريقة التي تمت بها، ويدركون جيدا أنها مسرحية وتمثيلية، ومن أجل ذلك الناس لم تفرح بما حدث، ولم تقتنع أيضا بما جرى، ويجب أن تدرك الحكومة ذلك.


كما أن هناك مجموعة كبيرة لم تقدم طلبات للحصول على تعويض، ومجموعة أخرى لم تستكمل أوراقها بسبب عدم وجود مستندات وأوراق ثبوتية، وإعلان وراثة؛ لأن الموضوع قديم ومنذ عقود، كما أن هناك معضلة أخرى بعض الأفراد لديهم مستندات ملكية من والده ووالدته وربما ثالث من أحد أقربائه لكن الحكومة ترفض صرف أكثر من مستحق واحد.

-ما هي مطالب النوبيين لإغلاق الملف؟

 

مطالب النوبيين واضحة ومحددة، وهي مطالبة الدولة بالوفاء بوعودها، والالتزام بتطبيق مادة 236 بالدستور المصري، ومن ثم وضع قانون رسمي ينظم مسألة التعويضات بشكل عادل ومنصف، وما سوى ذلك لا يمكن الاعتداد به لأسباب دستورية وقانونية، ومن حقنا الطعن على هذا التعويض.


المادة 236 أقوى من أي قرار يتعلق حتى بتعويض النوبيين، ففي النوبة القديمة يوجد مليون فدان صالح للزراعة، ومكانها جنوب السد العالي، ونطالب بإقامة قرى لهم هناك.