حقوق وحريات

ناج من "غوانتنامو مصر" يحكي لـ"عربي21" فظائع سجون السيسي

تعاني السجون المصرية من انتهاكات عديدة- جيتي

قال أحد المصريين المعتقلين الذين تم إخلاء سبيلهم قبل أيام من سجن "الزقازيق العمومي"، بمحافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة)، إنه كاد أن يفقد حياته؛ بسبب ما تعرض له، مطلِقا على سجن الزقازيق اسم "غوانتنامو مصر"، ومؤكدا أن ما يتم فيه من جرائم أشد وأنكى مما يتم في سجن "العقرب شديد الحراسة"، على حد قوله.

"ديدان يخرج من رأسه"


وأكد أن من أفظع المشاهد التي رآها بعينه كان لأحد المختفين قسريا منذ فض اعتصام رابعة العدوية 14 آب/ أغسطس 2013، الذي حكي كيف عاش شهورا في دهاليز مبنى أمن الدولة بالزقازيق بين أساليب التعذيب بكل ألوانها، موضحا أنه ظل بجرح في رأسه منذ فض رابعة دون علاج لمدة أشهر، وكانت الديدان تخرج من جرحه لولا معاونة بعض المعتقلين له.

وحكى عن مشهد مرعب آخر، قال إنه لبعض المعتقلين من الذين تم إخفاؤهم قسريا لشهور، عندما تم إدخالهم الزنزانة، فزعت من حالتهم التي يرثى لها، حيث الشعر الطويل الرث، واللحية الطويلة، والملابس المتسخة، وحالة الهزال والضعف العام، وصعوبة الحركة، والذهول، وعدم النطق، وصعوبة الحديث.

وقال إنه رأى بعض المعتقلين أثرت في أيديهم القيود الحديدية التي كان يتم ربطهم بها من خلاف في حوائط أسمنتية، وهم لا يقدرون على الحركة ولا المشي لطول الفترة التي تم تعذيبهم فيها، مشيرا إلى أن ما كانوا يتناولونه يوميا هو ومجموعة من المعتقلين المقيدين بالطريقة ذاتها هو طبق من الكشري يتم إعطاء كل معتقل ملعقة واحدة منه مع بعض المياه.


"معتقلو حراك سبتمبر"


وأكد المعتقل، الذي رفض ذكر اسمه، بحديثه لـ"عربي21"، أن المئات من شباب مدينة السويس الباسلة -نحو 700 معتقل- تم ترحيلهم إلى سجن الزقازيق العمومي؛ إثر اعتقالهم على خلفية التظاهرات التي شهدتها مصر والمدينة الساحلية على خليج السويس ضد النظام العسكري الحاكم في 20 أيلول/ سبتمبر 2019، مؤكدا أنهم لاقوا كثيرا من التعذيب على يد ضباط هذا السجن.

وأشار إلى أن الطلاب الذين تم تحويلهم من السجون الأخرى كي يتمكنوا من أداء امتحانات نصف العام بجامعة الزقازيق، طالب جميعهم بإعادتهم إلى السجون التي كانوا فيها؛ بسبب ما لاقوه من سوء معاملة، وما اعتبروه عمليات انتقام منهم يقوم بها أمن السجون في الزقازيق.

"هكذا نعيش موتى"


ولفت إلى أن دخول دورة المياه في سجن الزقازيق العمومي مسموح مرة واحدة يوميا لمدة دقيقتين فقط، حيث لا يمكنك قضاء الحاجة فيها، ولا غسل الوجه، وإذا تأخر المعتقل عن دقيقتين يتم اقتحام الحمام عليه، وإخراجه منه قسرا بالحالة التي هو عليها.

وأكد أن أمن سجن الزقازيق يمنع بشكل تام الزيارات عن المعتقلين، وإذا سمح بها على فترات فيسمح بدخول ربع فرخة فقط لكل معتقل، مشيرا إلى أنهم يتفننون في السطو على متعلقات كل سجين؛ حتى يشتري من الكانتين تلك الأشياء مجددا، وبأسعار مضاعفة.

وعن الزنازين، قال إنه عاش بين الحياة والموت في زنازين ضيقة عبارة عن مترين في مترين، ينام فها ستة أفراد على الأرض، وستة آخرون ينامون فوق أحبال منصوبة على ارتفاع متر ونصف من الأرض، لا يمكن لبشر أن يتحمل فيها برد الشتاء أو حر الصيف.

"حفل الاستقبال.. ووقت الصلاة"


وأكد أنه لن ينسى حفلة التعذيب التي تم استقباله بها عند قدومه من مقر احتجازه بإحدى مراكز الشرطة بمحافظة الشرقية، وكيف أنهم في سجن الزقازيق جردوهم من ملابسهم، وأوجعوهم ضربا وتعذيبا لساعات امتدت من فجر يوم دخولهم حتى فجر اليوم التالي، ما أدى لغياب الكثيرين منهم عن الوعي.

وحول سلوك أمن السجون معهم، قال إن هناك منهم من ينفذ الأوامر دون رضا منه، ويُظهر بعض التعاطف، ولكن هناك آخرون يتلذذون بما يرتكبونه بحقنا من جرائم، مشيرا إلى أن أحدهم كان يذهب للصلاة في وقتها، ويعود لاستكمال حفل الاستقبال بالضرب.

وكشف أن هؤلاء يأخذون كل معتقل على حدة مغمى العينين، ليقوموا بإذلاله، حيث يتم سؤاله عن اسمه، ثم يطلق عليه المسمى المؤنث من ذلك الاسم، ويسأله عن مهنته، فإن قال له: أنا طبيب أو مهندس أو أي مهنة، يضربه ضربا مبرحا، ويقوله له: أنت هنا سجين مذنب، ويحكم على بعض المعتقلين أن يقوموا بالرقص، وأن يقولوا على أنفسهم أنا (مرة)".

"هاتف النيابة.. وأدلة القاضي"

 

وأكد أنهم قبل العرض على النيابة يقومون بإعداد المعتقلين بعد حلق شعور رؤوسهم وذقونهم الطويلة، وأن المشهد داخل مكتب وكيل النائب العام مخز لسلطة القضاء والنيابة، موضحا أن وكيل النيابة يظل واضعا وجهه في هاتفه المحمول، ولا ينظر إلى من أمامه، بينما كاتب يجلس بجواره يسألنا عن الاسم والعمل والسن، دون أي سؤال في موضوع القضية، ثم يخرج كل معتقل حاملا مجموعة من الاتهامات على غير الحقيقة.

وعن وضع المحكمة والمحاكمات، قال إن القاضي لا يناقش أيا من المعتقلين في اتهامه، ولا يسمح لأي من المحامين أن يتحدث أمامه، وأن الحكم الذي يصدره ثابت ولا يتغير، وأقل حكم لديه عامان حبس و50 ألف جنيه غرامة.

وأشار إلى أن بعض المعتقلين يكون لديه أدلة إثبات تنفى اتهامه، لكن النيابة لا تنظر إليها، ولا القاضي يأخذ بها، مؤكدا أن هناك معتقلا قدم محاموه أدلة تثبت وجوده بمكان عام بعد تاريخ الضبط له المدون في محضر الشرطة بـ9 ساعات، ومع ذلك رفضه القاضي.

وأضاف أن معتقلا آخر قدم دليلا من كاميرا تصوير بمحل تؤكد وجوده بعمله بعد وقت اعتقاله المدون رسميا لدى الأمن، ومع ذلك تجاهله القاضي، مشيرا إلى أن الأمن أصبح لا يخرج من أي بيت بعد اعتقال ذويه إلا بعدما يحصل على تسجيل أي كاميرات بالبيت أو أخرى مجاورة، ويقوم بتهديد أصحاب المحال حتى لا يعطوا ذوي المعتقلين أي مقاطع تكشف طريقة اعتقالهم أو زمنه من بيوتهم.

 

اقرأ أيضا: "تحالف دعم الشرعية" يدين الانتهاكات داخل السجون المصرية