كتاب عربي 21

المقارنة بين الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي

1300x600
أشارت بيانات البنك الدولي إلى احتلال الاقتصاد الإسرائيلي المركز 32 بين دول العالم، من حيث الناتج المحلي الإجمالي عام 2018، بقيمة 369.7 مليار دولار، بينما جاء الاقتصاد الفلسطيني في المركز 123 دوليا بقيمة 14.6 مليار دولار.

وبما يشير إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يمثل 25 ضعفا لحجم الاقتصاد الفلسطيني، ورغم ذلك سنجد أن المعونات الأمريكية لإسرائيل تمثل حوالي 17 ضعفا للمعونات التي قدمتها لفلسطين خلال السنوات الماضية.

وكان نصيب الفرد في إسرائيل من الناتج المحلي السنوى عام 2018 نحو 41 ألفا و715 دولارا، محتلة المركز 25 بين دول العالم من حيث نصيب الفرد من الناتج، بينما بلغ نصيب الفرد الفلسطيني من ناتج بلاده 3199 دولارا، في المركز 128 بين دول العالم. ولهذا لا نتعجب من بلوغ نسبة السكان تحت خط الفقر في فلسطين 29.2 في المئة.

ولا يقتصر الأمر على الفارق الكبير في حجم الناتج المحلي، بل إن معدلات نمو الناتج الإسرائيلي زادت عن نسبة الثلاثة في المئة بالسنوات الثلاثة الأخيرة، وتوقع صندوق النقد الدولي استمرار تخطيها نسبة الثلاثة في المئة بالعام الحالي وحتى عام 2024، بينما اتجه معدل النمو للاقتصاد الفلسطيني إلى التراجع في السنوات الأخيرة من 4.7 في المئة عام 2016 إلى 3.1 في المئة بالعام التالي، ثم إلى 0.9 في المئة عام 2018 وتوقع صندوق النقد الدولي انكماشه في العام الماضي بنسبة 1.6 في المئة وتحسنه جزئيا إلى نسبة نصف في المئة العام الحالي.

نفس الفارق الضخم بالتجارة السلعية للطرفين، حيث بلغ حجم التجارة السلعية الإسرائيلية عام 2018 نحو 136 مليار دولار، مقابل 9.4 مليار دولار للتجارة السلعية الفلسطينية، أي بحوالي أكثر من 14 ضعفا، ويتضح ذلك في الصادرات السلعية الإسرائيلية البالغة حوالي 59 مليار دولار، والتي جاءت في المركز السابع والأربعين عالميا، مقابل 2.3 مليار دولار فقط للصادرات السلعية الفلسطينية، في المركز 115 دوليا.

عجز تجاري أمريكي مع إسرائيل

ولا يقتصر الأمر على الفارق في قيمة الصادرات بل في طبيعتها، حيث تزاد نسبة المكون التكنولوجي والصناعي والبرمجيات ومصنوعات الماس والآلات والمعدات بالصادرات الإسرائيلية، بينما تتمثل الصادرات الفلسطينية في الحجر وأكياس البلاستيك وزيت الزيتون والرخام والأحذية والدخان والخيار الطازج والحديد الخردة والتمور والصناعات الخشبية والورقية والمعدنية والملابس.

وتتجه نسبة 83 في المئة من الصادرات الفلسطينية إلى إسرائيل، و13 في المئة إلى دول العالم العربي، و4 في المئة إلى باقي دول العالم، بينما تتنوع الأسواق التي التي تجه لها الصادرات الإسرائيليه وأبرزها الولايات المتحدة وهونج كونج وإنجلترا والصين وبلجيكا.

وبلغت قيمة الواردات السلعية الإسرائيلية 77 مليار دولار، في المركز الأربعين دوليا، بينما بلغت الواردات السلعية الفلسطينية 7.1 مليار دولار في المركز المئة دوليا. ويتكرر تركز الواردات الفلسطينية، حيث جاءت نسبة 57 في المئة من وارداتها السلعية من إسرائيل، و18 في المئة من دول آسيوية، و14 في المئة من دول أوروبية، و6 في المئة من دول عربية، و2 في المئة من دول الأمريكيتين.

وهنا يبدو البون الشاسع بين حجم التجارة السلعية الأمريكية مع كلا من الطرفين. ففي عام 2018 بلغت قيمة التجارة الأمريكية مع إسرائيل 35.5 مليار دولار، مقابل 140 مليون دولار فقط لتجارتها مع كل من الضفة الغربية وغزه، حيث بلغت قيمة صادرات الولايات المتحدة لإسرائيل 13.7 مليار دولار، ووارداتها منها 21.8 مليار دولار، لتحقق عجزا تجاريا مع اسرائيل بلغ أكثر من ثمانية مليارات دولار.

أما مع فلسطين فقد بلغت صادرات الولايات المتحدة لها 129 مليون دولار، ووارداتها منها 11 مليون دولار لتحقق الولايات المتحدة معها فائضا تجاريا بلغ 118.5 ملون دولار.

صادرات الخدمات الإسرائيلية تتفوق عربيا

ومن الطبيعي وفي ظل الحصار الإسرائيلي على الأراضى الفلسطينية وسيطرتها على المعابر والمنافذ المؤدية إليها أن تنحسر تجارتها الخدمية. ومن هنا نجد بلوغ التجارة الخدمية الإسرائيلية أكثر من 110 مليار دولار، والتي تشمل السياحة والنقل والخدمات المالية والتأمينية والتشييد والاستشارات والخدمات الطبية والتعليمية وغيرها، مقابل 2.2 مليار دولار للتجارة الخدمية الفلسطينية.

وهكذا جاءت الصادرات الخدمية الإسرائيلية في المركز 26 دوليا عام 2018، بقيمة 50 مليار دولار، أي أنها قد سبقت كل الدول العربية في ذلك، رغم ما تزخر به الدول العربية من إمكانات سياحية ولوجستيات ومراكز طبية وتعليمية مالية وغيرها من الخدمات، حيث جاءت مصر في المركز 41 دوليا والسعودية 42 والمغرب 43 بين دول العالم، بينما جاءت فلسطين في المركز 129 دوليا بقيمة 612.5 مليون دولار.

وإذا كان عدد السياح الواصلين لفلسطين سنويا خلال الفترة من 2010 وحتى 2017 قد تراوح ما بين 400 ألف سائح كأدنى (عام 2016) و556 ألف سائح كأعلى رقم خلال تلك السنوات الثماني (عام 2014)، فقد بلغ عدد السياح الواصلين لإسرائيل في العام الماضي 4.55 مليون سائح.

وحتى الواردات الخدمية كان البون فيها شاسعا أيضا لتتخطى الثلاثين مليار دولار في إسرائيل، بالمركز 36 دوليا، مقابل 1.6 مليار دولار في فلسطين بالمركز 108 عالميا.

ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك النشاط الاقتصادي على العمالة، حيث بلغت نسبة البطالة في فلسطين عام 2018 نحو 31 في المئة، وهي النسبة التي ترتفع إلى 52 في المئة بغزه، وتصل إلى 17.6 في المئة بالضفة الغربية، بينما بلغت نسبة البطالة بإسرائيل 4 في المئة فقط بنفس العام. وكانت نسبة البطالة في إسرائيل قد استمرت في التراجع منذ عام 2009 حين بلغت 9.5 في المئة، وتوقع صندوق النقد الدولي تراجعها إلى 3.8 في المئة بالعام الماضي.

كبر المعونات الأمريكية رغم الاحتياطيات

ولعل ما يفسر جانبا من تلك النسب المنخفضة للبطالة وارتفاعها بفلسطين، الهوة الكبيرة في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى الطرفين. ففي حين بلغت قيمة الإستثمار الأجنبي المباشر الوارد لفلسطين عام 2018 نحو 226 مليون دولار، كان حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد في إسرائيل 21.8 مليار دولار.

واذا كانت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة لفلسطين خلال السنوات الخمس من 2014 وحتى 2018، قد تراوحت بين 103 مليون كأدنى رقم سنوي و297 مليون كأعلى رقم سنوي. فقد ترواحت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في اسرائيل خلال نفس السنوات الخمس ما بين ستة مليارات دولار كأدنى رقم سنوي، و22 مليار دولار كأعلى رقم سنوى.

ورغم تلك الفوارق الكبيرة في الدخل حتى أن رقم الاحتياطيات من العملات الأجنبية قد بلغ 115 مليار دولار في إسرائيل، مقابل أقل من 538 مليون دولار في فلسطين عام 2018، نجد أن إجمالي المعونات الأمريكية لاسرائيل منذ عام 1946 وحتى 2016 الاقتصادية والعسكرية معا قد بلغت حوالي 126 مليار دولار، مقابل أقل من ثمانية مليارات دولار لفلسطين، أي حوالي 17 ضعفا.

واستمر الفارق في كلا النوعين من المعونات، ففي المعونات الاقتصادية في تلك الفترة الزمنية كان نصيب إسرائيل 34.3 مليار دولار مقابل 7.6 مليار دولار لفلسطين، وبالمعونات العسكرية كان نصيب إسرائيل 91.6 مليار دولار، مقابل أقل من مليون دولار فقط لفلسطين.

وبعد كل تلك الفوارق، تشجع خطة ترامب المزعومة للسلام على استيلاء إسرائيل على أراضي المستوطنات وأراضي غور الأردن الخصبة، وجعل القدس عاصمة موحدة لإسرائيل!