نشر موقع
"
ميديابار" الفرنسي تقريرا تحدث فيه عن الأضرار
الاقتصادية التي تسبب
فيها وباء
كورونا، الذي تفشى في
الصين منذ نهاية كانون الأول/ ديسمبر.
وقال الموقع،
في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن عديد الأطراف استهانت بمخلفات تفشي
كورونا في البداية، إلا أنّ التوقعات لا تبشر بانفراج الأزمة إطلاقا. وحسب جياو
قويلونغ، الرئيس التنفيذي لمجموعة مطاعم صينية شهيرة، فإنه "بعد ثلاثة أشهر
من الآن لن يكون هناك ما يكفي من السيولة لتسديد أجور العمال".
وذكر الموقع
أن السلطات تريد طمأنة الرأي العام داخل الصين وخارجها وتصف الوضع بمجرد
"تباطؤ مؤقت في النمو"، إلا أنّه في منتصف شهر شباط/ فبراير، شُلّ
اقتصاد البلاد تماما إلى درجة أن الحكومة المركزية أمرت السلطات المحلية برفع
الحجر الصحي حتى لا يتضرر الاقتصاد أكثر.
من حيث
التوقيت، جاء الوباء في وقت حساس جدا. ففي الواقع، تشهد العجلة الاقتصادية الصينية
تقهقرا منذ سنوات بسبب ضغط المنافسة التجارية العالمية وخاصة الحرب التكنولوجية
التي تقودها الولايات المتحدة. وينضاف إلى ذلك، تراكم ديون السلطات المحلية
والمؤسسات الحكومية. وتجدر الإشارة إلى أنه عادة ما تشهد قطاعات الاستهلاك
والسياحة والقطاعات الأخرى ذات الصلة ازدهارا خلال فترة السنة الجديدة.
وأشار الموقع
إلى أن الأزمة الصحية التي ألقت بظلالها على الشركات الصغرى والمتوسطة شملت قطاع
الفنادق والمطاعم. وفي تصريح مفاجئ، أقرّ الرئيس التنفيذي لشركة إكسيبي بأنّ متوسط
معدل إشغال الفنادق قد انخفض بنسبة 80 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من السنة
الماضية، بينما أغلق بعضها تماما. وتعلن جمعية الطهي الصينية أن 78 بالمئة من
أعضائها يعانون من انخفاض في الدخل بنسبة تقارب 100 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية.
وفقًا لمنصة التوظيف "بوس"، فقد انخفض عدد الموظفين المعينين من قبل
الشركات التي يقل عدد موظفيها عن 100 موظف بنسبة تقارب 60 بالمئة في هذا المجال.
ونوه الموقع
بأن قطاع النقل تأثر أيضا جراء تراجع قطاع السياحة. وفي الوقت الحالي، تواجه شركات
الطيران انخفاضًا غير مسبوق في حركة الرحلات الجوية اعتبارًا من 24 كانون الثاني/
يناير، مسجلة انخفاضا في عدد المسافرين بحوالي 85 بالمئة في شباط/ فبراير.
وتعتبر
الرحلات الجوية اليومية بين بكين وشنغهاي الأكثر عددا بمعدل يقارب رحلة واحدة كل
20 دقيقة في الظروف العادية، إلا أنّها أصبحت قليلة جدا. واعتبارا من 15 كانون
الثاني/ يناير، دفعت شركات الطيران الصينية بالفعل ما يعادل 2.6 مليار يورو كتعويض
لقاء إلغاء التذاكر. وشهدت حركية وسائل النقل الأخرى انخفاضا مماثلا خلال هذه
الفترة.
اقرأ أيضا: تفشي كورونا يثير الذعر في بورصات الخليج.. "خسائر فادحة"
وأكد الموقع
أن قطاع الصناعة يعد الأقل تضررا، حيث ذكرت صحيفة جنوب الصين الصباحية أن ثلثي
العمال لم يعودوا إلى العمل بعد. وفي قطاع المعالجات الدقيقة والشرائح
الإلكترونية، يتوقع استئناف العمل بحلول 24 شباط/ فبراير. وحسب شركة هاير العملاقة
للأجهزة فإن 52 بالمئة من عمالها جاهزون للعمل، لكن خطوط التجميع تفضل تصنيع
المنتجات الطبية. كما قامت العديد من المجموعات الوطنية الأخرى، مثل شركة بي واي
دي أوتو لصناعة السيارات أو شركة وولينك وجنرال موتورز في شنغهاي بتحويل مرافقها
جزئيًا لإنتاج الأقنعة والمعدات الطبية.
أما قطاع
الزراعة فقد تضرر بشدة، إذ يجد المزارعون صعوبة في بيع منتجاتهم بسبب القيود
المفروضة على السفر في جميع أصقاع البلاد. وقد وضعت السلطات طرقًا ذات أولوية في
المناطق الزراعية لتسهيل عمليات النقل. لكن توضح شي يان، مديرة إحدى الجمعيات
التعاونية في ضواحي بكين، أن عدم توفر بعض المواد مثل الأرز المتأتي من
هيلونغجيانغ الواقعة في الشمال الشرقي للصين أو لحم الخنزير من مقاطعة قانسو في
الشمال الغربي سببه عدم عودة العمال المهاجرين إلى المزارع.
وأضاف الموقع
أن سوق العقارات وقطاع البناء يشهدان ركودا كذلك. ويصف ناطق باسم دا غونغ، وكالة
تقدير الجدارة الائتمانية، هذه الظاهرة بـ "احتضار السوق" إذ توقفت
مبيعات المباني الجديدة وطلبات الإيجار مما سيزيد الضغط على الشركات المتوسطة خاصة
تلك التي تعاني من مديونية كبيرة.
يبدو أن
الحكومة المركزية تدرك هذا وهو ما دفعها لإعلان انتصارها على الوباء لتشجيع الناس
على استئناف العمل. وقد طلب رئيس مجلس الدولة، لي كه تشيانغ، من السلطات أن تحارب
عمليات التسريح الجماعية، التي تمثل أحد أكبر مخاوف الحزب الشيوعي. وتدعو قناة
"سي جي تي إن" الإخبارية الحكومية الحكومات المحلية إلى التمييز بين
المناطق "المتأثرة بشدة" وتلك "الأقل تأثرا"، لتسهيل العودة
إلى العمل.
وفي الختام،
أورد الموقع أن التوقعات الاقتصادية لا تنذر بخير. ويظل السؤال المطروح: كيف يمكن
لدولة تعاني شللا في جلّ قطاعاتها أن تعلن بجدية عن معدل نمو في بيكين يقدر بـ 4.5
بالمئة في الربع الأول؟.