فجرت كارثة إغلاق معهد
الأورام
المصري بالقاهرة إثر إعلان إصابة 17 طبيبا وممرضا وعاملا بفيروس
كورونا، جدلا كبيرا في مصر، وأذكت المخاوف من أن حياة المرضى في خطر، في ظل غياب الشفافية، والفشل في إدارة الأزمة.
وترددت أصداء الأزمة
في أروقة الرئاسة والحكومة والبرلمان وتلقفتها وسائل الإعلام المحلية والدولية، ووسائل
التواصل الاجتماعي بعد أن سرت شكاوى عشرات العاملين في المستشفى، على حساباتهم
الشخصية بسبب تلقيهم تهديدات، للامتناع عن الحديث.
معهد الأورام هو
الأكبر من نوعه في مصر والشرق الأوسط، ويعد الواجهة الرئيسية لمرضى السرطان من
كافة أنحاء مصر، ويخدم سنويا نحو 300 ألف مريض من مختلف الطبقات، ويعمل به 600
ممرض وممرضة و 750 طبيبا وطبيبة.
تهديدات وبؤرة كورنا
وحمّل أفراد الطاقم
الطبي مدير معهد الأورام، حاتم أبو القاسم، مسؤولية تحول المستشفى إلى بؤرة بفيروس
كورونا بسبب رفضه إجراء تحليلات على الممرض الأول المصاب، والمخالطين له، وتهديده
لهم بالفصل، وإيقاع الجزاء والعقاب على كل من يتحدث أو يرفض العمل.
ونفى في تصريحات صحفية
سابقة، قبل عدة أيام، وجود أي إصابات بالفيروس بين صفوف الهيئة الطبية بالمعهد،
بحسب الإعلامي المصري، أحمد خير.
ونقلت الصيدلانية
"هاجر عشماوي" على صفحتها في فيسبوك تهديدات مدير المستشفى: "كان
قراره محسوما بأن العمل مستمر واللي مش هييجي هيتاخد ضده إجراء واللي مش عاجبه
سياسة المكان يتفضل يقدم استقالته"، مهدداً طاقم الصيادلة باستبدالهم، قائلا:
"لو الصيادلة مش هينزلوا هناخد إجراء ضدهم، ولو كلهم مش نازلين مش مشكلة
هنجيب غيرهم".
كما اتهم أحد الممرضين
ضمن الطاقم الطبي مدير المعهد بالتسبب في انتشار العدوى بين العاملين بعد تأكده من
إصابة أحد المرضى به وعزله في أحد طوابق المستشفى، واتهامه بعد ذلك لأحد الممرضين
بنقل العدوى وليس المريض.
شهادة صادمة من ممرض
ورغم حجم الكارثة
المستمرة منذ نحو أسبوعين، غادرت وزيرة الصحة هالة زايد، السبت، إلى إيطاليا ضمن
وفد ضمّ عددا من أعضاء القوات المسلحة، لتسليم شحنة من المساعدات الطبية وتقديم
التعازي في ضحايا فيروس كورونا، دون الإدلاء بتصريح واحد حول ما جرى، ما أثار ردود
فعل غاضبة في الشارع المصري.
ما خفي أعظم
ووصف وكيل لجنة الصحة
بالبرلمان المصري السابق، الدكتور أمير بسام، ما جرى بمعهد الأورام بالكارثة نتجية
عدة أسباب "منها غياب الشفافية؛ فالمعلومات التي تعلن تخالف الحقيقة منذ
بداية أزمة كورونا بعد أن عادت حالات مصابة من مصر بكورونا ما اضطر الأخيرة لإعلان
وجود كورونا، ما يولد حالة من عدم الثقة بين المجتمع والدولة".
وأكد في حديثه
لـ"عربي21": أنه "لا توجد
إجراءات وقائية صحيحة بدليل شكوى الأطقم الطبية، الذين هم في الصفوف الأمامية، من
نقص الكمامات، التي تعد أبسط إجراء، وهي الإجراء صفر، وهو ما شاهدناه من زيارة
محافظ لمستشفى يرتدي كمامة، والطبيب لا يرتدي، ثم قيام الدولة بإرسال مساعدات
ومستلزمات طبية تارة للصين وتارة لإيطاليا هو استخفاف بحياة المصريين".
واتهم نظام السيسي
بتجميل نفسه على حساب شعبه، قائلا: "السيسي لا يهمه سوى مصلحته بالمقام
الأول، والتكتم على ما جرى في معهد الأورام ووصول الأعداد الرسمية إلى 17 حالة
مصابة يؤكد أن هناك أكثر من مئتي حالة على الأقل بين الطواقم الطبية، بالإضافة إلى
المرضى ضعاف المناعة الذين يأتون من مختلف محافظات الجمهورية، والمخالطين
لهم".
عشوائية إدارة
الأزمة
اعتبر الوكيل السابق
بوزارة الصحة المصرية، مصطفى جاويش، أن كارثة المعهد القومي للأورام كاشفة
لعشوائية النظام المصري في مواجهة وباء كورونا، قائلا: "كشفت الكارثة عن وجود
عشوائية وقصور شديد فى إجراءات السلامة المهنية داخل المعهد الذي يتردد عليه نحو
900 مريض يوميا غير مرافقيهم حيث يعانى
المرضى من نقص المناعة والقابلية السريعة للإصابة بالأمراض المعدية".
وأوضح
لـ"عربي21": أن تظاهر الفريق الطبي يكشف حجم المأساة في ظل حظر أي
تظاهر، وتأتي بعد أسبوع كامل من التكتم الرسمى على كارثة أصابت آلاف العائلات
بالقلق والذعر، ورغم حجم الكارثة لم يتم إجراء تحاليل إلا لعدد قليل من أصل 700
طبيب و600 ممرض وممرضة بزعم ارتفاع تكلفة التحليل، قبل أن تدخل الرئاسة وتصدر
توجيهات بفحص جميع العاملين والمترردين على المعهد القومي للأورام خلالالأسبوعين
الماضيين".
وأضاف جاويش:
"بالتوازي مع تلك الكارثة التي كشفت وجود خلل كبير فى مدى الجاهزية وتوفير
المستلزمات لمنع الانتشار عدوى الوباء داخل الوطن وبين المواطنين؛ جاء مشهد وزيرة
الصحة المصرية فى المطار بإيطاليا حيث وصلت إلى هناك ومعها طائرتان عسكريتان
محملتان بمستلزمات منع العدوى التي يتظاهر أطباء مصر طالبين توفيرها لحمايتهم .