تلقفت وكالات الإعلام الدولية خبر إغلاق مكاتب نقابة المعلمين وتعليق أعمالها لعامين باعتباره الخبر الأول والأكثر إثارة؛ بل إن بعض الفضائيات العربية احتفت بالخبر وكأنه نصر إقليمي مبين في معركة خرافية يدور رحاها بين محاور متصارعة في الإقليم منذ عشر سنين وساحتها الأردن.
غاب الحوار الداخلي
وسائل إعلامية أخرى أكثر موضوعية عالجت الحدث من وجهة نظر قانونية واقتصادية وسياسية؛ بحثا في الأوزان الفعلية لكل عنصر من هذه العناصر؛ محاولة بذلك تفكيك الحدث وتداعياته إن وجدت في الساحة المحلية والإقليمية.
معالجات الخبر كانت متباينة وكذلك ردود الفعل؛ إذ برز إلى السطح مواقف مقلقة عكست غياب الحوار؛ إذ اعتقل أعضاء النقابة وعلى رأسهم نائب النقيب ناصر النواصرة في حين اشتبك وزير التربية مع الملف باتهام النقابة بالتصعيد ورفضها الحوار؛ قابله قطاع مهم من المعلمين بالاحتجاج في الشارع وإشعال معركة على مواقع التواصل الاجتماعي.
غاب الحوار الداخلي وحضرت وسائل الإعلام الخارجية والمؤسسات الدولية؛ فالمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اعتبر قرار إغلاق نقابة المعلمين وملاحقة مجلسها "قرارا بشبهة سياسية انتقامية على خلفية حراك تقوده نقابة المعلمين لتنفيذ اتفاقات سابقة مع الحكومة الأردنية"؛ بيان من الممكن أن يتبعه المزيد من التقارير الحقوقية لمنظمات دولية وبرلمانية.
ملف نقابة المعلمين باغت الجميع رغم المؤشرات المقلقة التي سبقت انفجاره وحول الانتباه من ترقب الإعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية إلى عنوان محتقن بما يحويه من مضامين اجتماعية واقتصادية كان الأجدى تجنبه أو تاجيله.
الساحة المحلية الأردنية باتت مكشوفة ومنفتحة على التحليلات والتقديرات والمواقف المؤسسية لبعض الجهات التي ستيمم وجهها شطر الأردن احتفاء أو نقدا وتعريضا بالبلاد في وقت كانت فيه البلاد في غنى عن هذه المعركة والاستنزاف الذي سيستهلك رصيده الإيجابي في التعامل الناجح مع الملف الصحي لوباء كورونا وملف الضم الإسرائيلي للضفة الغربية.
تجاوزت البلاد الكثير من التحديات خلال الأشهر الستة الماضية وتفوقت على الكثير من القوى الإقليمية ومن ضمنها الكيان الإسرائيلي الذي فشل في احتواء الآثار الصحية لوباء كورونا؛ ليبقى التحدي الاقتصادي في الأردن الحدث الأبرز الذي يتطلب حوارا موسعا مع القطاعات الإنتاجية في البلاد ومن ضمنها النقابات والقطاع الخاص؛ هو حوار ما زال يدور على استحياء لمواجهة الوباء وتداعياته الاقتصادية المقلقة لشارع يعاني من الفقر والبطالة المفرطة.
الحكومة الأردنية اشتبكت مع ملف النقابة محملة مجلسها مسؤولية القرارات المتخذة قانونيا بحق النقابة بمزاعم رفضها الحوار مع الحكومة في حين غاب الطرف الآخر الممثل للنقابة نتيجة الاعتقالات والملاحقات القانونية وبات الحوار منقطعا والخيارات صعبة للوسطاء.
الساحة المحلية الأردنية تفاعلت مع الحدث بقدر كبير من الحذر والترقب في الساعات الأولى لتصدر الأحزاب والقوى السياسية والنقابات بيانات يصب أغلبها في مصلحة التهدئة والحوار كان آخرها كلمة الدكتور عبد الحميد ذنيبات المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن الذي دعا لتفكيك الأزمة والحوار.
باغت الجميع
ملف نقابة المعلمين باغت الجميع رغم المؤشرات المقلقة التي سبقت انفجاره وحول الانتباه من ترقب الإعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية إلى عنوان محتقن بما يحويه من مضامين اجتماعية واقتصادية كان الأجدى تجنبه أو تاجيله.
ملف طغى على وباء كورونا وملف الضم الإسرائيلي؛ بل تحول إلى مدخل لفهم الكثير من الملفات وآخرها إعلان الحكومة لموعد الانتخابات البرلمانية بعد صدور للإرادة الملكية لعقدها يوم أمس الأربعاء 29 تموز (يوليو) الحالي؛ انتخابات برلمانية باتت مطالبة بامتصاص الاحتقان الناجم عن أزمة نقابة المعلمين والفقر والبطالة؛ ومواجهة موجة ثانية من الوباء والإغلاق الاقتصادي تفرضه القوى الاقتصادية الكبرى على النظام الدولي.
ختاما: هل تكون الانتخابات مخرجا من المأزق والأزمة المتولدة عن غياب الحوار والتفاعل الإيجابي بين القوى الاقتصادية والإنتاجية والعمالية في البلاد؛ جزءا من الحل أم إنها ستواجه بمقاطعة واسعة وعزوف شعبي؛ لتتحول إلى مشكلة بحد ذاتها؟ سؤال معقد ما كان له أن يكون لولا الذهاب نحو حل مجلس النقابة.
هل كان الأمر يستحق كل ذلك؛ فرسم السيناريوهات للمستقبل بات أكثر صعوبة وأقل يقينية وفرص التعاون والتضامن الاجتماعي مع الحكومة مهددة لصالح تعزيز فجوة الثقة؛ هل كان الأمر يستحق فعلا كل ذلك؟ سؤال؛ سنعود لطرحه بعد ستة أشهر من الآن على الأرجح إن لم يتم تدارك ملف نقابة المعلمين وتغليب لغة الحوار والعقل على ما سواه؛ فالصورة الإيجابية العاقلة الهادئة المتزنة في الأردن هي رأس مال البلاد الحقيقي في إقليم مضطرب يعاني من الفوضى والفشل.
دلالات اعتراض الطائرة الإيرانية
مع الجيش التركي أم المصري في ليبيا؟!
كورونا وضع العالم على مفترق طرق