سارع زعماء دول كبرى لزيارة العاصمة اللبنانية، بعد الكارثة التي حلّت بمرفأ بيروت، لعل أبرزهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي؛ مقابل غياب رسمي عربي واضح عن المشهد اللبناني.
وضمن
التنافس الدولي، حذر ماكرون، الأربعاء، من "أي تدخل خارجي" في لبنان،
خلال اتصال مع نظيره الإيراني حسن روحاني، بعد ثمانية أيام من الانفجار الذي هز
العاصمة اللبنانية، وأدى إلى تظاهرات مناهضة للطبقة السياسية.
لكن
ظريف أكد الجمعة في تصريحات من قلب العاصمة بيروت، أن "لبنان يجب أن يكون
الطرف الوحيد، الذي يتخذ القرار بشأن الحكومة المستقبلية".
خيبة لبنانية
وأمام
الحضور الدولي، لم تسارع الدول العربية لاستعادة دورها في الملف اللبناني، وتحدث المحلل السياسي توفيق شومان، عن خيبة أمل لبنانية من ضعف الحضور العربي، مؤكدا أن
"اللبنانيين كانوا يتوقعون حضورا عربيا كثيفا وقويا وعاجلا وطارئا".
وأشار
شومان في حديثه لـ"عربي21" إلى أنه "وصل بعض المواد الإغاثية من
العرب، لكن الأمر لم يرتقِ أبدا لمستوى الأمل الذي رفعه الشعب اللبناني"،
معتقدا أن غياب الحضور العربي سيلقي بمخاطر كبيرة على لبنان.
وأوضح
أنه "سيخلق فراغا سيلمؤه غير العرب"، مدللا على ذلك بالحضور القوي
لفرنسا، وما تبعه من "ضجة" محلية وإقليمية ودولية، بعد زيارة الرئيس
ماكرون لبيروت، وأيضا زيارته الثانية المقررة مطلع الشهر المقبل.
اقرأ أيضا: لبنانيون: أين آل سعود وخيراتهم؟.. وأمير يرد
وتابع
شومان: "المسألة نفسها تنطبق على زيارة نائب الرئيس التركي إلى بيروت"،
مشددا على أنه "لم نشاهد أي زعيم أو رئيس عربي في بيروت، حتى ولو من أجل
المواساة فقط، وهذا انعكاس للتداعيات العربية الحالية وغياب الموقف العربي
الموحد".
وأضاف
أن "هذا الأمر يعكس صورة سلبية عن الواقع السياسي العربي"، مؤكدا أنه
"لا يتعلق بلبنان فقط، وإنما نرى غياب الدول العربية عن الكثير من مناطق
التوتر بالمنطقة، ما يدفع قوى أجنبية لملء الفراغ".
"جرس إنذار"
وبحسب
تقدير المحلل السياسي، فإن "الوضع اللبناني ربما يشكل جرس إنذار، يمهد
لاستنهاض عربي محتمل ومتوقع ومأمول، بعيدا عن أي حسابات سياسية"، رافضا تذرع
الغياب العربي بالخلافات السياسية الداخلية اللبنانية.
وبيّن
شومان أن هذه الخلافات قد تكون ذريعة، لكنها "ليست سببا حقيقا"، مضيفا
أنه "يمكن إبعاد كل التعقيدات، بهدف التأسيس لحضور عربي، بالمقابل يمكن إيجاد
أي ذريعة لتبرير الانسحاب".
اقرأ أيضا: ارتفاع إحصائية قتلى مرفأ بيروت.. وظريف في لبنان
وأردف:
"لو كان العرب حاضرون ضمن مشروع موحد يحمل الحد الأدنى من التفاهم السياسي
والأمني، والعلاقات الاقتصادية المفترضة، التي يمكن أن تقيم نوعا من شبكات المصالح
بين مختلف الشعوب العربية، لما تشجع أي تدخل أجنبي على الإطلاق".
السبب الحقيقي
وختم
شومان بقوله: "الجامعة العربية بإمكانها استنهاض الواقع الحالي من خلال
مساعدة لبنان أو غيرها، لكن المطلوب هو قرار وإرادة وتفاهم على الحد
الأدنى"، مستدركا: "هذا القرار لا يبدو قريبا للأسف، وأعتقد أنه غير
موجود حتى الآن".
من
جانبه، رأى المحلل السياسي سامر زعيتر أن هناك حضورا "رمزيا" في لبنان،
سواء من العرب أو القوى الدولية، معللا ضعف الحضور بما أسماها "غياب
الاستثمار السياسي".
وأوضح
زعيتر في حديثه لـ"عربي21" أن الدول العربية وحتى الأجنبية، لم تعد ترى
أهمية في الاستثمار السياسي بلبنان، "فالمال السياسي غائب منذ فترة طويلة،
وما نراه اليوم انعكاس لهذا الغياب، والملاحظ بشكل لافت أن الفساد هو السبب الرئيسي في عدم رغبة الدول بإرسال مال للبنان".
ولم
يستثنِ زعيتر سبب تغير الأولويات العربية بسبب أحداث المنطقة، منوها إلى
"غياب التمويل السياسي عن لبنان منذ سنوات، وهو ما أدى لأزمة سياسية في
العديد من الأحزاب اللبنانية، بعد تحول أولوية التمويل العربي والأجنبي إلى دول
عربية أخرى مثل سوريا واليمن وليبيا".
وقدّر
زعيتر أن "كارثة مرفأ بيروت كان لها أثر إيجابي من حيث التضامن العربي
والغربي"، معتبرا أن "الأداء السياسي للحكومة سواء الحالية أو اللاحظة،
لن يكون كافيا لجلب المساعدات إذا لم يتغير الشكل السياسي اللبناني ككل".
اقرأ أيضا: صحيفة روسية: ما دلالات تحركات ماكرون بعد انفجار بيروت؟
وذكر
المحلل السياسي أن زيارة ماكرون إلى بيروت أوصلت رسالة بأنه "إذا لم يتغير
المشهد السياسي بلبنان، فإن الدعم السابق لن يعود"، متطرقا إلى الحضور التركي
اللافت بعد انفجار مرفأ بيروت.
وتوقع
زعيتر أن يكون هناك "تسابق" لمساعدة لبنان، "لأن كل جهة تسعى
وجدانيا وسياسيا ليكون لها دور"، لافتا إلى أن تركيا قدمت الكثير للدول
الإسلامية والعربية، ومن المتوقع أن يكون لها خلال الفترة المقبلة دور سياسي
وخدماتي في لبنان.
وفي الأيام الماضية، تساءل لبنانيون عن تراجع الدعم العربي بشكل عام، والسعودي بشكل خاص، لمواجهة تداعيات انفجار مرفأ بيروت.
انفجار بيروت يزيد الضغط على حزب الله.. هل يتأثر نفوذه؟
هل كانت زيارة ماكرون للبنان إغاثية أم لتثبيت الوصاية؟
هذه أبرز النظريات حول أسباب كارثة "تشيرنوبل اللبنانية" ببيروت