قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن المهاجرين وطالبي اللجوء في
ليبيا يتعرضون لانتهاكات جسيمة، بلغت حد المساس بحياتهم وسلامتهم البدنية والنفسية بسبب الممارسات غير القانونية التي ترتكبها السلطات الليبية، سواء أثناء عمليات الصد والإرجاع أو في السجون ومراكز الاحتجاز.
ووثق المرصد الأورومتوسطي ـ ومقره جنيف ـ في
تقرير مفصّل أصدره اليوم الاثنين، وأرسل نسخة منه لـ "عربي21"، بعنوان "اضطهاد مركّب.. منظومة قمع واستغلال متكاملة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا"، انتهاكات مروّعة تمارسها السلطات الليبية بحق المهاجرين وطالبي اللجوء، ويشمل ذلك حالات الاحتجاز التعسفي، والمعاملة غير الإنسانية، وعمليات الابتزاز المالي المنتشرة على نطاق واسع داخل السجون ومراكز الاحتجاز في ليبيا.
وارتكز التقرير ـ إلى جانب جهود البحث ـ على أشهر من التوثيق الميداني، شملت مقابلات أجراها فريق المرصد الأورومتوسطي مع عدد من المهاجرين وطالبي اللجوء وذويهم، ومتابعة دقيقة لسلوك الأجهزة الليبية المختلفة تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء، وفي مقدمتها خفر السواحل، وإدارات السجون، وقوات الأمن.
وبحسب البيانات التي جمعها الأورومتوسطي من مسؤول حكومي ليبي، فإن عدد المحتجزين من المهاجرين وطالبي اللجوء في السجون ومراكز الاحتجاز ومراكز الهجرة في ليبيا قد يصل إلى 13 ألف محتجز، ينحدرون من جنسيات مختلفة أغلبها أفريقية، مثل: إثيوبيا، ونيجيريا، وتشاد، والنيجر، والسودان، ومصر، ودول المغرب العربي. ولا يهدف معظم هؤلاء إلى الاستقرار في ليبيا، وإنّما الانطلاق من السواحل الليبية إلى السواحل الأوروبية من خلال عمليات التهريب البحري.
وقال أنس جرجاوي، مسؤول العمليات في المرصد الأورومتوسطي: "تشترك السلطات الحاكمة شرق وغرب البلاد في السياسات التمييزية وغير الإنسانية ضد المهاجرين وطالبي اللجوء، إذ تتشابه إجراءات الملاحقة، والاحتجاز والإهانة في سجون ومراكز احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء شرق وغرب ليبيا".
وأضاف جرجاوي: "إنّ المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا يخضعون لمنظومة متكاملة من الاستغلال والاضطهاد، سواء من قبل عصابات التهريب، أو السلطات الليبية التي تحتجزهم في ظروف غير إنسانية، ويمارس أفرادها جميع أشكال الانتهاكات بحقهم، بما في ذلك مقايضة حريّتهم بمبالغ مالية أو أعمال خدمية".
ولفت التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي تبنّى على مدار السنوات الماضية سياسات عقّدت من أوضاع المهاجرين وطالبي اللجوء، وقيّدت طرق الهجرة واللجوء إلى أوروبا بشكل قانوني، فمنذ عام 2015، قدّم الاتحاد الأوروبي نحو 525 مليون دولار إلى ليبيا بهدف حماية حدود أوروبا الجنوبية والحدّ من وصول المهاجرين وطالبي اللجوء إليها، ووجّه نصيبًا كبيرًا من هذا الدعم لتعزيز قدرات خفر السواحل الليبي وتحديث معداته وتدريب كوادره، لصدّ واعتراض قوارب المهاجرين وطالبي اللجوء داخل المياه الإقليمية الليبية، دون الالتفات إلى الممارسات العنيفة وغير القانونية التي يرتكبها خفر السواحل ضد المهاجرين وطالبي اللجوء.
واستعرض التقرير طرق التهريب المختلفة، إذ تبدأ عملية التهريب البحري باصطياد المهاجرين وطالبي اللجوء بالدعاية التي تروّجها شبكات التهريب داخل ليبيا أو خارجها، ومن ثم تجميعهم في مستودعات تنتشر في مدن ساحلية، حيث يحتجزهم المهربون قبل أيام أو أسابيع من الإبحار في مستودعات أو أراضٍ زراعية، في ظروف غير إنسانية، تشمل التعذيب والحرمان من الطعام والشراب والرعاية الطبية، ومن ثم يتم تحديد موعد الرحلة البحرية والانطلاق بها عادة دون مراعاة ظروف السلامة المطلوبة، ودون أن يكون
المهاجرون وطالبو اللجوء على دراية بتفاصيل الرحلة أو مسارها، أو احتياطات السلامة في حالات الطوارئ.
وأوصى المرصد الأورومتوسطى الحكومة الليبية وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بإطلاق سراح جميع المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين تعسفيًا داخل مراكز الإيواء والسجون بشكل فوري، ووقف جميع الممارسات العنيفة لخفر السواحل الليبي ضد المهاجرين وطالبي اللجوء قبالة سواحل ليبيا، ووقف عمليات ترحيلهم لبلدانهم قسريًا، ومراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية ونصوص القانون الدولي في إجلائهم والتعامل معهم.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي إلى استحداث آليات رقابية للتأكد من أنّ الدعم المالي واللوجستي المقدم لخفر السواحل الليبي لن يسهم في تمكينه من انتهاك حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء. وطالب الأورومتوسطي الاتحاد بالالتزام بالمبادئ الأوروبية في التعامل مع قضايا المهاجرين وطالبي اللجوء، كما أنه حث دول جنسيات المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين على أخذ دورها الطبيعي بتوفير الحماية المطلوبة لرعاياها والتأكد من سلامة أوضاعهم الإنسانية.