تعتبر
الهند الدولة التي تستضيف أكبر عدد من مدارس
اللغة العربية خارج العالم العربي، أو
من حيث المدارس التي تعتمد العربية لغةً للتدريس.
ورغم
عدم وجود بيانات رسمية حول عدد المدارس أو معاهد التعليم الإسلامي في الهند التي تستخدم
العربية وسيلة للتعليم، فإن التقديرات تقول إن الرقم يقدر بحوالي 40 ألف مدرسة.
ومع
احتفال الكثيرين في أنحاء العالم باليوم العالمي للغة العربية، السبت، يعتقد علماء
اللغة العربية الهنود أنها تزدهر في البلاد، وأن المدارس الدينية لعبت دورا مهما في
وصول العربية إلى ما هي عليه اليوم هناك.
أبو
القاسم نعماني، نائب رئيس "دار العلوم"، المعهد الإسلامي المعروف بمدينة
ديوباند، قال إن "المدارس الدينية ساهمت بشكل كبير في انتشار اللغة العربية في
الهند".
وأشار
إلى أنه "بعد تعلم اللغة العربية في إحدى المدارس، يمكن للطالب أن يبدأ التدريس
في إحدى الجامعات ويصبح أستاذا، أو قد يلتحق بمهنة أخرى".
وأضاف
نعماني أن "أسس اللغة العربية يتم تعلمها في المدرسة، حيث يتعلمها الطالب ويتقنها".
وأكد
أنهم يحاولون في المدارس الدينية أيضا تدريس اللغة المحلية السائدة وفقاً للمنطقة،
فعلى سبيل المثال، يتم تدريس الأردية والبنغالية إلى جانب العربية في بعض الأماكن بولاية
البنغال.
وأوضح
أن "التركيز ينصب على ضمان أقصى قدر من تعليم وتعلم اللغة العربية حتى يتمكن الطلاب
من التحدث بها بسهولة".
ولفت
إلى أن "استخدام اللغة العربية ازداد خلال السنوات الخمسين الماضية، في حين أنها
كانت في العقود السابقة مقتصرة إلى حد كبير على قراءة وكتابة الكتب، إلا أنها أصبحت
الآن أيضا منطوقة ومكتوبة على نطاق واسع في العديد من المدارس".
وأضاف:
"ستندهش من أن الأطفال في دار العلوم ينتجون صحفهم العربية الخاصة بهم، كالصحف
اليومية والأسبوعية ونصف الشهرية. وهذا لا يحدث هنا فقط، ولكن في العديد من المدارس
الدينية في الهند، ما يساعد على الترويج للغة العربية".
وأشار
إلى أن جميع الأشخاص الذين يديرون حاليا المجلات العربية، "درسوا في هذه المدارس،
كما يعمل الطلاب السابقون في المدارس الدينية في السفارات لدى الدول العربية، ويقومون
أيضًا بأعمال الترجمة".
إحياء
اللغة العربية
وفي
السياق نفسه، أكد محمد فايزان بيك، الأستاذ بجامعة "عليكرة الإسلامية"، أن
"المدارس الدينية لعبت دورا مهما في انتشار وإبقاء اللغة العربية حية في الهند".
وقال
بيك: "حققت اللغة العربية تقدما كبيرا بعد أن حصلت الهند على الاستقلال من الحكم
البريطاني في 1947، فبعد الاستقلال وانقسام البلاد، كانت العربية لغة مهمة جدًا في
الجامعات مثل جامعتي عليكرة والملة الإسلامية".
وأضاف:
"بعد ذلك افتتحت جامعات في جميع أنحاء البلاد، وأنشئ فيها أيضا قسم للغة العربية.
وبسبب ذلك اتسع نطاق اللغة العربية وأصبحت شائعة".
كما
تم إنشاء معامل اللغة الرقمية المرئية والمسموعة في جامعة "عليكرة"، حيث
يتم تدريس العربية للطلاب من كل المستويات، وفق بيك.
وأوضح
أن الدور الذي تلعبه المدارس الدينية "مهم للغاية"، لأن العديد من دارسي
العربية في الجامعات والكليات يأتون من تلك المدارس.
وأضاف
أنه في وقت سابق، كانت العربية التي يتم تدريسها في المدارس الدينية هي لغة الكتب العربية،
ولكن بدأ لاحقاً تدريس اللغة العربية المستخدمة يوميا.
ويرى
الأكاديمي أنه "إذا تم تعلم اللغة العربية بشكل صحيح، فإنها تفتح العديد من الإمكانات
للأطفال في بلد مثل الهند".
واختتم
بيك حديثه بالقول إن "الذين يدرسون للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال
(MBA)
أو السياحة، وكانوا يدرسون اللغة العربية أيضًا، فإن فرصهم تزداد في الحصول على عمل".