قال دينيس روس مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق
باراك أوباما، إن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن برنامج طهران النووي هو أكثر
تقدماً بكثير مما كان عليه في عام 2015، لذا فإن التهديد الحقيقي باستخدام القوة
هو وحده الذي سيمنع النظام الإيراني من تجاوز عتبة الأسلحة النووية.
وأوضح روس في تقرير
نشره معهد واشنطن، أن وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، كان يقول في
واشنطن خلال إدارة أوباما، "تقولون إن هناك وقتاً
للتعامل مع هذه المسألة، ولكنني أخشى أن يستمر ذلك يتردد على مسامعنا حتى يُقال
لنا: لقد فات الأوان ولم يعد بوسعنا أن نفعل شيئاً وعلينا التعايش مع الأمر".
وأضاف: "تملك إيران حالياً قنبلتين من
اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، أي ما يقارب المستوى المطلوب للأسلحة النووية،
وتواصل تركيب وتشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة يمكنها تخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر
بكثير من الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي من نوع IR-1 فقد تقدم خط الأساس للبرنامج النووي الإيراني بشكل كبير بحيث تجاوز
المرحلة التي كان يمكن أن يكون فيها لو التزمت طهران بحدود الاتفاق النووي
الإيراني، المعروف أيضاً بخطة العمل الشاملة المشتركة".
ومن هذا المنطلق، وفر قرار الرئيس الأمريكي
السابق دونالد ترامب بالانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة مبرراً لإيران للمضي
قدماً، ومن هذا المنظور من الواضح أن حملة "الضغط الأقصى" التي شهدتها
سنوات ترامب باءت بالفشل.
وقال روس: ترك النهج الفاشل لترامب المتعلق
ببرنامج إيران النووي إرثاً ثقيلاً على الرئيس الأمريكي جو بايدن. لكن السياسة
التي انتهجها بايدن حتى الآن لم تنجح أيضاً. فعلى مدار الثمانية عشر شهرا الماضية،
تطور البرنامج النووي الإيراني بوتيرة متسارعة، حيث يشمل كميات كبيرة من المواد
المخصبة المخزنة ومادتين من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة وإنتاج معدن
اليورانيوم اللتين "ليس لهما أي غرض مدني مبرر".
وشدد على أن إيران طورت اليوم دراية نووية
وأصبحت بالتالي دولة على حافة العتبة النووية. ولن يكون لإيران فترة تجاوز للعتبة
النووية عندما تُرفع القيود النوعية والكمية التي تفرضها خطة العمل الشاملة
المشتركة على برنامجها النووي في نهاية عام 2030.
وقال روس إن إعادة إحياء خطة العمل الشاملة
المشتركة تسمح في الأساس بكسب الوقت حتى ذلك الحين. ومن شأنها تأجيل التهديد
النووي الإيراني وليس إنهاءه، ونتيجة لذلك، سيعتمد الكثير من مسار الأمور على
كيفية استغلال الولايات المتحدة وغيرها للوقت الذي كسبته.
ورأى السفير الأمريكي الأسبق، أنه في حال تمكنت
إيران مجددا من الإفلات من أي مساءلة عن عمل محظور، فقد يكون من الصعب للغاية ضمان
عدم امتلاك إيران لبرنامج نووي سري. ولا يقتصر الأمر على عدم معرفة العالم الخارجي
بصورة جماعية بما تفعله إيران في هذه المواقع الثلاثة غير المعلنة، ولكن يمكن
أيضاً أن تكون إيران قد نقلت المواد المخصبة إلى مواقع سرية من دون علم الوكالة
الدولية للطاقة الذرية.
ولفت إلى أنه في حال وقوع ذلك، ستعمد واشنطن
إلى زيادة الضغط الاقتصادي على إيران من خلال تطبيق العقوبات بصرامة أكبر، مما
يجعل من الصعب، مثلاً، على إيران بيع نفطها، عبر تضييق الخناق على الدول التي
تنتهك العقوبات بشرائها النفط الإيراني. ولكن من غير الواضح إلى أي مدى سيكون
الصينيون على استعداد للتعاون، لا سيما اليوم، وقد لا يكون البيت الأبيض حريصاً
على إبقاء النفط بعيداً عن السوق نظراً لسعره.
وشدد على أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق،
ستقترب إيران من امتلاك قنبلة نووية عاجلا وليس آجلا. وإذا أعيد إحياء خطة العمل
الشاملة المشتركة، ستمتلكها آجلا وليس عاجلا، إلا إذا عملت إدارة بايدن وخليفاتها
على إقناع المسؤولين الإيرانيين بالمخاطر التي يواجهونها، بما في ذلك من خلال
إبلاغهم بوضوح تام أن واشنطن ستستخدم القوة لمنع هذه الخطوة.
وللأسف، هناك أساساً أصوات في أوساط السياسة
الخارجية تعتبر، كما توقع باراك، أنه لا يمكن منع إيران من تطوير سلاح نووي وأنه
يجب على العالم أن يتعلم ببساطة التعايش مع الأمر. وفي اجتماع آب/أغسطس الذي عقدته
"مجموعة آسبن الاستراتيجية"، التي تضم كبار المتخصصين في السياسة
الخارجية من الحزبين الأمريكيين، أخبرني أحد أعضاء المجموعة أن عدداً مذهلاً من
المشاركين كانوا يطرحون هذه الفكرة.
وبطبيعة الحال، ستترتب نتيجة أخرى عن السلاح
النووي الإيراني، حيث سيزداد عدد الجهات التي تشعر أنه يجب عليها امتلاك قنبلة
نووية أيضاً ومن المرجح جداً أن تتسع رقعة هذه الجهات فيما يتخطى الشرق الأوسط،
مما ينذر بنهاية "معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية"، التي تُعد من
أنجح معاهدات الحد من التسلح في التاريخ، حيث أبقت عدد الدول المسلحة نووياً أقل
بكثير مما توقعه واضعوها أساساً.
ودعا روس إلى أن توجه رسائل يفهم الإيرانيون منها،
أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات في
مرحلة معينة وتقضي على البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل، وهي بنية استثمر
الإيرانيون فيها بتكلفة كبيرة على مدى عقود.
كما قال إنه يجدر بالقوات الأمريكية إجراء
تدريبات مع "القيادة المركزية الأمريكية" على عمليات جو-أرض ضد أهداف
محصنة، والتي يجب أن تتضمن بالضرورة ضرب الدفاعات الجوية التي تحميها. وتولي إيران
اهتماماً بالتمارين الأمريكية، وستفهم نوع الهجمات التي تعدها وتحاكيها وزارة
الدفاع الأمريكية.
وأكد روس على ضرورة
تسريع البنتاغون تسليم ناقلات التزود بالوقود، من طراز "كي سي 46" إلى
إسرائيل، من أجل منحها قدرة ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية بشكل فعال.
وقال إنه طالما تشك إيران في استخدام الولايات
المتحدة القوة ضدها أو ضد بنيتها التحتية النووية، فليس هناك احتمال كبير في
التوصل إلى نتيجة دبلوماسية تؤثر فعلياً على مسار برنامجها النووي في نهاية
المطاف. وبدلاً من ذلك، ستقترب إيران عاجلاً أم آجلاً من القدرة على التسلح،
وعندئذ، إما سيقوم الإسرائيليون بعمل عسكري تكون نتائجه غير مؤكدة أو ستتحقق نبوءة
باراك.
هل إيران الخاسر الحقيقي في الصراع بين الشيعة بالعراق؟
"NYT": سوريا طلبت من إيران عدم مهاجمة الاحتلال من أراضيها
معهد واشنطن: طهران تحشد دعما داخليا لاتفاق نووي مرتقب