قضايا وآراء

هوس تغليظ الأحكام في السعودية بغطاء أمريكي وصمت دولي

1300x600
ضمن الحملة المهووسة لمحمد بن سلمان ضد كل من يشتم منه رائحة معارضة، وفي ظل التعتيم الكبير على ما يجري داخل الجزيرة العربية، وفي الوقت الذي يحرص فيه ولي العهد السعودي على ترويج شعارات الإصلاح، تستمر إجراءات تضييق الخناق على ضحاياه من المحتجزين المصنفين معارضين.

وقبل أيام صدر أمر ملكي يقضي بتعيين وترقية 161 قاضياً في وزارة العدل، بعد اعتقال عدد من القضاة أظهروا بعضا من التعاطف مع أهالي المعتقلين، وصدرت بحقهم أحكام وصل بعضها للسجن 20 عاماً.

وفي سياق هذا الطغيان وبتواطؤ مكشوف من (القضاة الصوريين) الذين باعوا أنفسهم للشيطان، تستمر موجة تغليظ الأحكام بشكل غير مسبوق، فمحاكم النظام السعودي شددت في الأشهر الأخيرة عقوبات عشرات معتقلي الرأي، كما أصدرت عشرات أحكام الإعدام التعسفية بحق معتقلي رأي بينهم قاصرون.

ولأن ظالما يسند ظالما، فكل هذا العالم المتشدق بالحرية، لا يستطيع جمع إحصائية دقيقة يمكن أن تعلن عنها المنظمات الدولية تحدد عدد معتقلي الرأي في سجون السعودية، خاصة مع سياسة الترهيب المُعتَمدة بحق عائلات السجناء، وتهديدهم في حال التصريح لوسائل الإعلام، إما بسياسات انتقامية منهم، وإما بتغليظ الأحكام، وتعذيب أبنائهم في السجون.

أعتقد أن عقدة السلطة والحقد واللاتوازن لدى بن سلمان تنذر بمرحلة أخطر من سابقاتها، وقد تحمل موجة أحكام إعدام وتغليظ عقوبات أشدّ من الموجات السابقة، ويا للعجب من عدل محاكم (ولي الأمر) فإن قام  المحكوم بمحاولة استئناف الحكم الظالم الصادر بحقه، يعاقب بمضاعفته، أو إن أوشك الحكم على الانتهاء يتم تمديدها فتصدر أحكام بسنوات طويلة (وهي غالباً تهم متعلقة بإبداء الرأي)، كحالة المعتقلة إسراء الغمغام التي تم تغليظ مدة محكوميتها من 8 إلى 13 سنة.

الناشطتان المعتقلتان سلمى الشهاب ونورة القحطاني لحقهما نصيبٌ من الأحكام المغلّظة، لتَصل محكوميّة سلمى إلى34 سنة، علماً أنها كانت تواجه قبل الاستئناف حكماً بالسجن مدته 6 سنوات فقط. ونورة إلى 45 سنة، كما كانت خمس ناشطات معتقلات قد تعرّضن لتغليظ أحكامهنّ، لتبلغ مدة محكوميتهنّ 12 عاماً، (سكينة الدخيل، كفاية التاروتي، زينب الشيخ، أفراح المكحّل، وآمنة المرزوق) فضلا عن أحكام الإعدام التعسفية غير العادلة، حيث يتزايد عدد المهددين بالإعدام يومياً حتى وصل إلى 75 معتقلاً يواجهون خطر القتل الفعلي بينهم قصر.

وعن معاناة أهالي المعتقلين حدث ولا حرج، فهؤلاء يحرمون أبسط حقوقهم المدنية، والاستفادة من المراكز الصحية والضمان الاجتماعي، في ظل حرمان بعضهم التعليم، ولا يمتلك الطفل الذي ولد بعد اعتقال ربّ أسرته أوراقا ثبوتية باستثناء شهادة الميلاد، وتجبر زوجة المعتقل على خلع زوجها في مقابل حصولها على أوراق ثبوتية أو دخول أحد أبنائها المدرسة أو في مقابل حصولها على الضمان الاجتماعي"، ولا حول ولا قوة الا بالله.

ويجدر القول، بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى جدة في تموز الماضي، رصدت عدة حالات نقض أحكام سابقة، ورفع مدة السجن مثل إضافة 8 سنوات سجن على الشيخ خالد الراشد، بعد انتهاء محكوميته بالسجن 15 سنة، كما نقضت محكمة الاستئناف عشرات الأحكام "المخففة"، وأصدرت "الجزائية" أحكاما جديدة، وصل بعضها إلى السجن لنصف قرن! اذن موجة جنونٍ مستعرة لنظام آل سعود، بحقّ المعارضين والناشطين، وبكل من يشتبه في عدم ولائه، وبغطاء من الادارة الأمريكية، وفي ظلّ صمت دولي تامّ يُتيح للسلطات ظلمها وتعسّفها كيفما أرادت وقررت، بلا حسيب أو رقيب.

*ناشطة حجازية

jomanajalol@gmail.com