تتواصل المحادثات
الخلفية بين
السعودية وجماعة
الحوثي في سلطنة
عمان، بعيدا عن سلطات المجلس الرئاسي
اليمني المعترف بها دوليا، في وقت تثير علامات استفهام وتساؤلات بشأن مآلاتها، وما
الذي يمكن أن تؤول إليها في العام الجديد.
ويرى معلقون سياسيون
يمنيون أنه لطالما اعتمدت الرياض سياسة الباب المفتوح مع الحوثيين منذ العام الأول
لتدخلها العسكري في اليمن، إلا أن محادثاتها لم تفض لأي نتائج في سبيل إنهاء
الحرب الدامية منذ 8 سنوات تقريبا.
"محاولة
تحييد الحوثي"
ويرى الكاتب والمحلل
السياسي اليمني، أحمد الزرقة، أن أي محادثات تتم بعيدا عن المسار الأممي ومن دون
إشراك الجانب الآخر المنضوي تحت تكتل مجلس القيادة الرئاسي، لن تكون إلا بمثابة
محاولة سعودية لتحييد الحوثي عن استهداف أراضيها ومصالحها.
وقال الزرقة في حديث
خاص لـ"عربي21" إن تلك المحادثات بين السعوديين والحوثيين لا علاقة لها
بمسار الحل الشامل للأزمة اليمنية.
وأضاف الكاتب اليمني
أنه بات معروفا أن السعودية استخدمت سياسة الباب المفتوح مع الحوثيين منذ 2016
في ما عرف حينها بمباحثات الظهران (جنوب المملكة).
وأشار السياسي اليمني
الزرقة إلى أنه: "لم تتوقف عملية التواصل بين الطرفين، وما يتم في عُمان هو استمرار
لتلك المشاورات التي تقفز على جوهر الحرب والأزمة وتسعى لتسويق وهم السلام، وربما
هي جزء من اشتراطات طهران من أجل التقارب مع الرياض".
وقال إنه لن ينتج عن
ما يحدث في مسقط أي جديد، وكما يقول المثل اليمني (لو كانت شمس كانت بانت أمس)،
مؤكدا أن لا أحد يحاول الاقتراب من الحلول للأزمة اليمنية التي يدّعي كل وصالها.
وفي حقيقة الأمر، يختم الزرقة حديثه قائلا إن
جميع الأطراف الإقليمية تستثمر في استمرار الحرب، وتسعى لتحقيق أهدافها، وقضم ما
يمكنها من الجسد اليمني.
"لن تصل إلى نتائج"
من جانبه، يقول الكاتب
والسياسي اليمني، ياسين التميمي، إن أسوأ ما في محادثات مسقط بين السعودية
والحوثيين، والتي تجري برعاية عمانية وتحت أنظار واشنطن وبمساع أممية، هي أنها تهمش
الطرف الشرعي في معركة استعادة الدولة، وتنسف كل المبررات والذرائع التي تدخل
استنادا إليها ما يسمى تحالف دعم الشرعية (بقيادة السعودية).
وتابع حديثه
لـ"عربي21": "يرى
التحالف بقيادة الرياض أن بوسعه أن يتصرف نيابة
عن السلطة الشرعية دون صعوبات؛ بسبب هشاشة مجلس القيادة وعدم تماسكه".
لكن من الواضح، بحسب
الكاتب التميمي، أن هذه المحادثات بالنسبة للسعودية ليست إلا جزءا من مناورة
سياسية تفرضها طبيعة العلاقة الشائكة مع واشنطن، في ظل إصرار هذه الأخيرة على
التوصل إلى سلام في اليمن يحوز فيه الحوثيون مكاسب ثمينة.
ووفق التميمي، فإن
محادثات الأبواب المغلقة في مسقط تحضر فيها الأولويات السعودية والأمريكية، ويظهر
فيها الحوثيون طموحا مستندا إلى المكاسب الميدانية في التصرف بديلا عن السلطة
الشرعية.
ومضى قائلا: الجميع
تقريبا يتكئ على النتائج الميدانية، ما يعني أن هناك قوى أخرى موجودة على الأرض، وتابعة للتحالف، وتنشط في جنوب وغرب وشرق البلاد، مشيرا إلى أن تلك القوى يمكن أن
تجر مشاريعها السياسية اليمن إلى التقسيم، في مقابل ادعاءات الحوثيين بسلطتهم
المتكئة على مكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية ميدانية في شمال البلاد.
وأبدى تشاؤمه من أن
تفضي المحادثات الخلفية في مسقط إلى نتائج فورية على صعيد إنهاء الصراع وتحقيق
السلام.
ولفت إلى أنها لن تؤدي
سوى إلى ترحيل المشكلات والصراعات، لأن الطرف المعني باستعادة الدولة وحماية
المصالح الكلية للشعب اليمني لم يقل كلمته بعد.
وأكمل قائلا:
"ولا يمكن له أن يمضي خلف الإرادة السعودية، خصوصاً إذا ما قررت الرياض إنهاء
الحرب ضمن صفقة غادرة يستفيد منها الحوثيون، فيما لم تكن الحرب التي تحمل أعباءها
الشعب موجهة نحو الحسم، واستعادة الدولة، كما كان يتطلع إلى ذلك معظم
اليمنيين".
وفي الأسابيع الماضية،
وصل وفد من سلطنة عمان إلى العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لبحث عدد من
الملفات مع قيادة الجماعة، وتحريك حالة الجمود السياسي الذي يسود المشهد في البلاد
منذ فشل تمديد الهدنة لفترة جديدة مطلع تشرين أول/ أكتوبر من العام الفائت.
"إنهاء
القتال"
وفي السياق، قال تقرير
صادر عن مجموعة "الأزمات
الدولية"، في الأيام القليلة الماضية، إن إنهاء القتال في اليمن يعتمد غالبا
على مسار
المباحثات الحوثية - السعودية، التي يسّرتها سلطنة عُمان.
وأضاف أن على السعودية
ضمان أن أي اتفاق مع الحوثيين سيؤدي إلى إعادة توجيه المفاوضات نحو الأمم المتحدة،
مؤكدة أنه يجب على الأمم المتحدة والقوى الخارجية دفع السعوديين والحوثيين إلى
العثور على أرضية مشتركة، بينما يستعدون لمحادثات متعددة الأطراف، وتوضيح أن
اتفاقا حوثيا- سعوديا بحد ذاته لا يحقق السلام في البلاد.
وأشار التقرير إلى أن
استمرار الهدنة دون هدنة في اليمن هو نتاج مساومة صلبة من قِبل الحوثيين، تهدف إلى
الحصول على مزايا أكثر من المفاوضات مع السعودية، وإقصاء مجلس القيادة الرئاسي،
وضمان تفوقهم في نظام ما بعد الاتفاق.
المجموعة الدولية ذكرت
أيضا أن الحوثي صعّدت من مطالبها وأهدافها، سواء مع السعودية أو مع الأمم المتحدة،
ورفضت تقديم تنازلات، ما يهدد بالعودة إلى الحرب، كوسيلة ضغط رابحة.
وقالت إنه إذا حقق الحوثي
المزيد من المطالب، بما فيها فتح وجهات جديدة لمطار صنعاء، ورفع القيود عن موانئ
الحديدة، ونيل حصتهم من عائدات النفط، فليس من الواضح ما الذي سيكسبونه من المشاركة
في المحادثات الوطنية حول تسوية سياسية، وبدلا من ذلك سيسعون لتحقيق مزيد من
التنازلات.