قالت وكالة
بلومبيرغ، إن الحرب الدائرة في
أوكرانيا، فرضت على العديد من دول العالم، إعادة تقييم عقائدها العسكرية وميزانيات
دفاعها، بعد الصدمة التي شكلها الغزو الروسي.
وأشارت نقلا عن مسؤولين دفاعيين حاليين وسابقين،
وكذلك سجلات 10 دول وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، تستخلص البلدان في جميع
أنحاء العالم الدروس من أول حرب بهذا الحجم في أوروبا منذ عام 1945 "حيث تعيد
تقييم كل شيء.. من مخزونات الذخيرة إلى خطوط الإمداد"، وتعيد بعض الدول
مراجعة عقائدها العسكرية لتحديد الحروب التي يجب الاستعداد لها.
وقال فرانسوا هايسبورغ، المحلل الدفاعي
الفرنسي، المستشار الحكومي السابق: "هذه قصة نهاية حقبة ما بعد
الحرب الباردة
التي انتهت في 24 شباط/ فبراير 2022"، وهو تاريخ انطلاق الغزو.
وتحدث المحلل عن إعادة هيكلة القوات، والبحث عن
ذخائر. وقال: "كل جيوشنا تمر بهذا الأمر لأنه من الواضح الآن أنه لا أحد..
لديه المخزونات اللازمة للتعامل مع حرب كبيرة".
وقالت الصحيفة إن الحرب مثلت "صدمة"
في معظم دول "الناتو" بعد أن استفادت من مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد
السوفييتي في خفض ميزانيات الدفاع، وإنهاء التجنيد الإجباري، وكانت تستبعد وقوع
حرب برية كبيرة.
وألمانيا، التي كان نصفها الغربي وحده يمتلك
آلاف الدبابات في الثمانينيات، تمتلك الآن 321 دبابة.
أما المملكة المتحدة، التي خصصت 4 في المئة من
الناتج المحلي الإجمالي لقوة مسلحة قوامها 325,000 جندي في منتصف الثمانينيات، تنفق
الآن حوالي نصف ذلك على قوة مشتركة قوامها 150 ألفا.
ووصل الانخفاض في الإنفاق إلى ذروته، عام 2014
بعد ضم
روسيا لشبه جزيرة القرم، لكن يبدو أن تأثير الحرب بدأت تداعياته حتى في زمن
الميزانيات التقشفية.
ويشير التقرير الموسع للصحيفة إلى أن البلدان
الأقرب لأوكرانيا زادت من الإنفاق الدفاعي بشكل هائل، وكذلك قدرات الإنتاج المحلي،
وتوسعت في أساطيلها من الدبابات وأنظمة الدفاع الجوي.
وزادت بولندا، مخصصات الدفاع لعام 2023، بأكثر
من الضعف عن العام الماضي، ووقعت قانونا يزيد حجم جيشها بأكثر من الضعف، وتوسعت في
عمليات شراء الأسلحة، وتخطط لشراء أكثر من 700 قطعة مدفعية ثقيلة ذاتية الدفع
جديدة، وهو عدد ضخم مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى.
حتى المجر، صديقة روسيا، بدأت تزيد فيها عمليات
شراء الذخائر، مع مخاوفها من "بيئة أمنية متقلبة ولا يمكن التنبؤ بها".
ومن جانبها، تخلت فنلندا والسويد عن عقود من
الحذر الدبلوماسي، وتقدمتا بطلب الحصول على عضوية "الناتو".
وأنشأت ألمانيا صندوقا قيمته 100 مليار يورو
(107 مليارات دولار) لمساعدة ميزانيتها على تلبية هدف "الناتو" المتمثل في
أن تبلغ ميزانيات الدفاع في الدول الأعضاء 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتستعد ألمانيا لزيادة ميزانيتها الدفاعية إلى
10 مليارات يورو العام المقبل، وفقا لأشخاص مطلعين على الخطط.
وقالت مصادر مطلعة إن بريطانيا تعمل على
"مراجعة متكاملة" لاستراتيجيتها الدفاعية، في غضون أسابيع، مشيرة إلى أن
وزارة الدفاع ستطلب 10 مليارات جنيه إسترليني، تشمل الإنفاق على إعادة تشكيل الجيش.
ومن المتوقع أن يطلب وزراء دفاع
"الناتو"، هذا الأسبوع، زيادة الاستثمار في الدفاع الجوي والمدفعية
والتحديث الرقمي.
ولا تقتصر آثار الصراع على جيران أوكرانيا، إذ
تراقب الصين والهند وتايوان عن كثب الآثار المترتبة على بعد آلاف الأميال.
وبينما تستخلص الصين العبر من إخفاقات الجيش
الروسي وكيفية استفادة كييف من تدريب الغرب لجيشها، فقد أدى مسار القتال في أوكرانيا
إلى إدراك الهند، على سبيل المثال، لمسألة حاجتها إلى صواريخ طويلة المدى على طول
حدودها مع الصين.
وقال ثلاثة مسؤولين كبار إن الحرب أثرت على
التفكير الاستراتيجي للهند، وقالوا إن الحكومة طلبت شراء 120 صاروخا باليستيا
جديدة منتجة محليا تعرف باسم "برالاي"، وهي مماثلة لصاروخ
"إسكندر" الروسي.