تستضيف
السعودية محادثات حول الحرب في أوكرانيا السبت، ضمن مساعي الرياض للعب دور دبلوماسي على الساحة الدولية، رغم عدم وجود توقعات بأن تحقّق هذه الاجتماعات تغييرا في الحرب الروسية على أوكرانيا.
والجمعة أعلنت الرياض عقد "اجتماع لمستشاري الأمن الوطني وممثلي عدد من الدول" السبت في جدة من أجل بحث "الأزمة الأوكرانية"، وفق ما جاء في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية.
وأكد البيان "استعداد المملكة للقيام بمساعيها الحميدة للإسهام في الوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم".
أجندة المباحثات
نقلت فرانس برس عن دبلوماسيين في الرياض اطلعوا على الاستعدادات، قولهم، إنّ الدعوات وجّهت إلى حوالي 30 دولة، ليست
روسيا من بينها.
وذكر الدبلوماسيون أن غاية المحادثات هي إشراك مجموعة من الدول في نقاشات حول مسار السلام، ولا سيما أعضاء كتلة "بريكس" التي تضم إلى روسيا كلا من البرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا، وهي بلدان تبنّت مواقف أكثر حيادية بشأن الحرب فامتنعت عن الوقوف بجانب أوكرانيا بدون دعم الغزو الروسي.
وتأمل أوكرانيا بأن يتفق الاجتماع الذي يعقد في جدة لمستشاري الأمن القومي وغيرهم من كبار المسؤولين من حوالي 40 دولة، ليس من بينها روسيا، على مبادئ أساسية حول كيفية إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا. بحسب رويترز.
من جهته قال أندريه يرماك، رئيس الوفد الأوكراني الجمعة، إن المحادثات التي تبدأ مع السعودية في مطلع الأسبوع لإيجاد تسوية سلمية لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا ستكون صعبة، لكن كييف تعول على إقناع المزيد من الدول بدعم صيغتها للسلام.
وفي ذات السياق نقلت قناة "سي أن أن" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إنهم، سيهدفون إلى تطوير مبادئ مشتركة لإنهاء الحرب ومناقشة نوع المساعدات العسكرية التي ستحتاجها كييف لردع روسيا عن مهاجمة أوكرانيا مرة أخرى.
وأضاف المسؤولون أنه في حين أن روسيا لن تتواجد خلال المحادثات، فإن مسألة ما يرغب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في التوصل إليه مثل وقف إطلاق النار أو اتفاق السلام، وما إذا كان سيلتزم بذلك، سيكون على رأس أولوياتنا.
وتشارك الصين في محادثات جدة من خلال مبعوثها إلى أوكرانيا لي هوي، وقد أبدت بكين تصميمها على "مواصلة لعب دور بناء من أجل تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية"، فيما تشارك الهند بالمباحثات واصفة ذلك بأنه يتماشى "مع موقفها الثابت والذي يؤكد بأن "الحوار والدبلوماسية هما السبيل إلى الأمام"، وفقا لوكالة فرانس برس.
في المقابل ذكر مسؤولون أوكرانيون وروس إنه لا يوجد أي احتمال لإجراء محادثات سلام مباشرة بين أوكرانيا وروسيا في الوقت الحالي، إذ تستمر الحرب مستعرة، فيما تسعى كييف لاستعادة أراضيها من خلال هجوم مضاد، بحسب الوكالة.
وسبق أن عبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن أمله في أن تؤدي المبادرة إلى "قمة سلام" لزعماء العالم هذا الخريف لتأييد المبادئ، على أساس صيغته الخاصة للتسوية المكونة من عشر نقاط. وترفض موسكو صيغة زيلينسكي للسلام.
وفي أيار/مايو الماضي استضافت المملكة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في قمة جامعة الدول العربية في جدة، حيث اتهم بعض القادة العرب بـ"غض الطرف" عن أهوال الغزو الروسي.
الدور السعودي
تحاول السعودية، استثمار علاقاتها مع الجانبين الاوكراني والروسي، للسعي إلى لعب دور وسيط في الحرب التي مضى عليها الآن ما يقرب من عام ونصف.
وحول ذلك قال مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد "مجموعة الأزمات الدولية" جوست هيلترمان إنّه "من خلال استضافتها للاجتماع (حول
اوكرانيا)، تريد السعودية تعزيز محاولتها لتصبح قوة وسيطة عالمية لديها القدرة على التوسط في النزاعات"، وفق فرانس برس.
وأضاف ان المملكة "تطلب منا نسيان بعض استراتيجياتها وأفعالها في الماضي، مثل تدخلها في اليمن، أو قتل جمال خاشقجي" عام 2018، في جريمة أضرّت بصورة السعودية وولي العهد محمد بن سلمان.
وأوضح هيلترمان لفرانس برس، "أن الرياض تريد أن تكون في الخندق ذاته مع الهند أو البرازيل، لأن هذه القوى المتوسطة إن عملت كفريق فيمكن أن تأمل في أن يكون لها تأثير على المسرح العالمي كقادة لحركة عدم الانحياز المتجددة".
بدوره يرى الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام عمر كريم أنّ الرياض تبنّت "استراتيجية توازن كلاسيكية" يمكن أن تخفّف من أي موقف روسي مناهض لاجتماعات جدة، بحسب فرانس برس.
وتابع "هم يعملون مع الروس في عدة ملفات، لذا أعتقد أن روسيا لن تعتبر مثل هذه المبادرة أمرا غير مقبول".