سياسة عربية

مترو الأنفاق في غزة سلاح فتاك تستخدمه "حماس" في حربها مع الاحتلال

أنفاق غزة- الأناضول
لا يكاد الحديث الإسرائيلي عن الأنفاق التي تمتلكها حركة حماس، في قطاع غزة، يتوقف، منذ بدء عملية طوفان الأقصى التي شنتها كتائب القسام على مواقع عسكرية للاحتلال الإسرائيلي في غلاف غزة وتبعها تصعيد غير مسبوق من قبل جيش الاحتلال على المدنيين في قطاع غزة.. فما هي هذه الأنفاق وما وظيفتها؟

تمتلك "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، شبكة كبيرة من الأنفاق تحت الأرض والتي يتم استخدامها للتهريب منذ بداية إنشائها على يد البدو الموجودين على طرفي المعبر الذي يصل غزة بمصر، وذلك عقب عام 1981، عندما رسمت مصر و"إسرائيل" الحدود بينهما، ثم حدث أول هجوم عبر الأنفاق من القطاع في عام 1989.

وفي عام 2001 بدأت حركة حماس بإنشاء شبكة أنفاق مميزة تحت الأرض، ومن ثم أصبحت هي التي تسيطر على المنطقة عقب انسحاب "إسرائيل" منها في عام 2005.

كان هدف "حماس" من تلك الأنفاق يتمحور حول تهريب المواد والأسلحة من مصر، إلا أن استخدامات الأنفاق كثيرة ومتعددة، إذ يمكن للقيادات الاختباء فيها واستخدامها للتواصل من دون الاعتماد على شبكة الهواتف المعتمدة في غزة، بما أن "إسرائيل" تعترضها وتتجسس عليها.

متروا الأنفاق

وعرفت الأنفاق تحت غزة بأنها ممرات تستخدم لتهريب البضائع من مصر وشن هجمات على "إسرائيل"، ولكن هناك شبكة ثانية تحت الأرض يشير إليها الجيش الإسرائيلي بالعامية باسم "مترو غزة".

ومترو غزة هو متاهة واسعة من الأنفاق، التي يبلغ طولها عدة كيلومترات تحت الأرض، بحسب بعض الروايات، وتستخدم لنقل الأشخاص والبضائع، وتخزين الصواريخ ومخابئ الذخيرة. ويضم مراكز القيادة والسيطرة التابعة لـ"حماس"، وكلها بعيدة عن أعين طائرات الجيش الإسرائيلي وطائرات الاستطلاع بدون طيار.



1300 نفق تمتد على مسافة 500 كم

القاعدة العسكرية لهذه الأنفاق تقوم على تقويض أسلوب "إسرائيل" في شن الحرب، إذ يقول أحد قادة "حماس" وهو يفكر بالحرب التي شنتها "إسرائيل" على غزة في شتاء عام 2008: "فوجئنا بالقصف والمراقبة الجويين من قبل "إسرائيل"... ولهذا وضعنا مخططات استراتيجية لنقل المعركة من الأرض إلى تحت الأرض".

وبحلول عام 2014، أصبح نحو 900 عامل يعملون بدوام كامل في عمليات حفر الأنفاق لصالح "حماس"، إذ استغرق حفر كل نفق ثلاثة أشهر وكلف وسطياً 100 ألف دولار، وذلك بحسب دراسة أجرتها مؤسسة راند البحثية.

وفي العام ذاته، شن الجيش الإسرائيلي عملية "الجرف الصامد" الجوية والبرية لاستهداف تلك الأنفاق، فدمر نحو 32 نفقاً يبلغ طولها جميعاً قرابة الـ100 كم، 14 منها تخترق الأراضي الإسرائيلية، إلا أن ذلك لا يمثل إلا نسبة ضئيلة من شبكة الأنفاق، التي يعتقد أن عددها يصل إلى 1300 نفق تمتد على مسافة 500 كم بحسب ما أوردته الحركة، أي أن طولها يفوق مساحة غزة طولاً بنحو عشرة أضعاف.



خطوط الهاتف داخل الأنفاق

وقبل هجوم "حماس" على "إسرائيل"، أفادت مصادر استخباراتية بأن عناصر من حركة حماس، كانوا يستخدمون شبكة من خطوط الهواتف داخل أنفاق غزة على مدى عامين وفق ما كشفته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، وأن هذه المعلومات الاستخباراتية تمت مشاركتها مع الولايات المتحدة.

وقالت مصادر للقناة الأمريكية، إن خطوط الهاتف في الأنفاق سمحت للعناصر بالتواصل مع بعضهم البعض سراً، وهو سبب عدم تمكن مسؤولي المخابرات الإسرائيليين من تعقبهم.

وذكرت المصادر أنه خلال عامين من التخطيط، استخدمت خلية صغيرة تابعة لحركة حماس شبكة من خطوط الهاتف الأرضية داخل الأنفاق للتواصل والتخطيط، للعملية التي ظلت سرية حتى اقتراب يوم الهجوم "7 أكتوبر"، حيث استُدعي المئات من مسلحي الحركة.

وأشارت المصادر إلى أن مقاتلي القسام تجنبوا استخدام أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة خلال فترة العامين لتجنب اكتشافهم من قبل المخابرات الإسرائيلية أو الأمريكية.

وقال أحد المصادر : "لم يكن هناك الكثير من النقاش والتنسيق خارج المنطقة" يقصد الأنفاق.

وتكشف المعلومات الاستخبارية التي شاركتها "إسرائيل" مع المسؤولين الأمريكيين كيف أخفت "حماس" التخطيط للعملية من خلال إجراءات استخباراتية قديمة الطراز مثل عقد اجتماعات التخطيط بشكل شخصي، والابتعاد عن الاتصالات الرقمية التي يمكن للإسرائيليين تتبع إشاراتها.

وكانت الأنفاق أداة حربية جذابة منذ العصور الوسطى، وهي اليوم توفر لـ"حماس" ميزة في الحرب غير المتكافئة، ما يلغي بعض المزايا التكنولوجية لجيش أكثر تقدما مثل جيش الاحتلال الإسرائيلي.