نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" الأمريكية، تقريرا، أعده ستيفن هندريكس، قال فيه "إن مقتل الرجل الثاني في حركة حماس،
صالح العاروري، بغارة إسرائيلية، في بيروت، يعلم توجها إسرائيليا جديدا في الحرب".
وأضاف: "عندما ضربت مسيرتان صاروخين شقة في جنوب بيروت، الثلاثاء، وقتلت قائدا كبير ورجاله، فقد كانت تحولا في حرب إسرائيل ضد حماس. فعلى مدى ثلاثة أشهر ضغطت إسرائيل باتجاه الغزو الشامل لغزة وسوّت معظم مبانيه بالتراب وقتلت أكثر من 22,000 شخص في عملية ملاحقتها للمسلحين الذين خططوا عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر ضد إسرائيل".
وتابع: "لم تتحرك حتى ذلك الوقت لتحقيق هدفها الآخر وهو ملاحقة قادة حماس، أينما كانوا. ومع دخول الحرب شهرها الرابع، يبدو أن إسرائيل تحركت لتحقيق وعدها الثاني، ولكن بمخاطر توسيع الحرب على طول الحدود اللبنانية، ورغم أنها بدأت بتخفيض أعداد جنودها في
غزة ولأول مرة".
وقال القادة العسكريون إن "عملية سحب القوات جاءت لأن حماس باتت ضعيفة في شمال غزة، وهو ما سمح لجنود الاحتياط العودة إلى بيوتهم وممارسة أعمالهم. في وقت تضغط فيه واشنطن ومنذ شهور على إسرائيل تخفيض ما وصفه الرئيس جو بايدن "القصف العشوائي" والحد من قتل المدنيين".
وتابع: "تزامنت القرارات الإسرائيلية مع القلق بشأن الخسائر الاقتصادية للحرب في إسرائيل، والعودة التدريجية للاحتجاجات والمؤامرات السياسية. وفي الوقت الذي يستبعد فيه الكثير من المحللين نهاية للعنف إلا أن الأحداث تمثل تطورا في مسار الحرب".
وقال مستشار الأمن القومي لدولة الاحتلال الإسرائيلي السابق، تشاك فريلتش: "نحن في المرحلة الثالثة"، وذلك في إشارة للتحرك من الغارات الجوية والغزو البري لما تطالب به الولايات المتحدة من التركيز على أهداف معينة وعمليات نوعية ضد حماس، مضيفا: "أعتقد أننا نتحرك نحو وضع جديد، وهو أمر تدعو إليه الولايات المتحدة منذ البداية".
ويتحدث جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استعداده للحرب على جبهتين، حيث حشد قواته على طول الحدود مع لبنان وأجلى على الأقل 70,000 من سكان المناطق الحدودية. وتبادلت وحدات جيش الاحتلال وبشكل مستمر النيران مع مقاتلي حزب الله، لكن الضربات والردود عليها لم تصل بيروت إلا يوم الثلاثاء.
ورغم عدم تأكيد أو نفي دولة الاحتلال الإسرائيلي مسؤوليتها عن مقتل العاروري، إلا أن اسمه على قائمة القتل لدولة الاحتلال. وعلقت صحيفة "يديعوت أحرونوت" على عملية الاغتيال، بالقول: "بدون شك، فهذا أهم اغتيال لمسؤول بارز في حماس ومنذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر".
وقالت دولة الاحتلال الإسرائيلي إنها "قتلت عددا من قادة حماس في غزة إلا أن يحيى السنوار، زعيم غزة والمتهم بالتخطيط للهجمات لا يزال بعيدا عن مدى إسرائيل". فيما يحاول اللبنانيون والمسؤولون الدوليون التكهن برد حزب الله المتوقع. وحتى هذا الوقت قاوم الحزب دعوات حماس بالدخول إلى جانبها في الحرب.
وعبر مسؤولون من دولة الاحتلال، "طلبوا عدم الكشف عن هويتهم عن أمل بإظهار الأمين العام للحزب، حسن نصر الله ضبط النفس، نظرا لعدم مقتل أي من قادته في الغارة".. وذلك بحسب المقال نفسه.
وقال أحد من المسؤولين: "هناك حاملة طائرات ونأمل أن تكون كافية"، في إشارة لحاملة الطائرات الأمريكية في شرق البحر المتوسط. وفي خطابه، الأربعاء، حذر نصر الله من "رد وعقاب" ولكنه لم قدم أية تفاصيل عن الرد.
ونصح سكان مدينة حيفا بالذهاب إلى الملاجئ خلال أي هجوم. وقال محللون عسكريون إن "سحب قوات من غزة سيسمح بنشرها مرة أخرى على الحدود مع لبنان". وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأدميرال دانيال هغاري: "نحن جاهزون لأي سيناريو".
وشنت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي، من كيبوتس إيلون، الذي يبعد ميلا واحدا عن جنوب لبنان ضربات مدفعية كل عدة دقائق وتم اعتراض صواريخ حزب الله المضادة للدبابات وسقطت في القرى الفارغة.
وفي الشمال، تقوم فرق أمن بالتدرب على ما يطلق عليها الحرب المقبلة. وقال دوتان رازيلي، من سكان إيلون، والذي يخدم كجندي احتياط، إن "إفراغ البلدات سمح للجيش التحرك بحرية وإطلاق القذائف المدفعية من الحقول الزراعية".
وأضاف: "نجر لحرب لم نطلبها". ورغم الترحيب باغتيال العاروري في دولة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن مخاوف ثارت بشأن مصير الأسرى لدى حماس وتوقف المحادثات من أجل مبادلتهم. وفي مقابلة مع راديو جيش الاحتلال الإسرائيلي، قال كارميت بالتي- كاتزير، المحتجز شقيقه إلعاد كأسير في غزة "الحكومة مدفوعة حاليا بحس الإنتقام"، و "لكنني أقول بحق السماء، لا يزال أناس أحياء هناك".
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، عن سحب خمسة ألوية من شمال غزة، لكن المسؤولين أكدوا على أن الحرب قد تستمر أشهرا. وسمع صوت القصف المدفعي والقذائف في مدينة خان يونس، جنوب غزة، حيث تواصلت المعارك الحامية، فيما سارعت سيارات الإسعاف لنقل الموتى والجرحى، حسب حسام كريدية الذي شرد من مدينة غزة ولجأ إلى مستشفى ناصر.
وقال: "تعود الناس على صوت القصف الكئيب"، مضيفا أن "الكفاح اليومي يدور حول تأمين الطعام والماء والضروريات الأخرى. وفي إسرائيل خف تأثير الحرب قليلا، حيث عاد النقاش السياسي بعدما ألغت المحكمة العليا التعديلات القضائية التي دفعت بها حكومة بنيامين نتنياهو".
وعادت التظاهرات المطالبة بانتخابات، وهتف المتظاهرون مطالبين بانتخابات جديدة، وحملوا نتنياهو التي تراجعت شعبيته في استطلاعات الرأي مسؤولية عملية حماس. وقالت أستاذة العلوم السياسية بالجامعة العبرية، غاييل تالشير: "نرى وجها جديدا، وبدأ الناس يخرجون إلى الشوارع، والناس الذين هم في مقدمة الاحتجاجات هم عائلات الأسرى وعائلات الجنود الذين قتلوا وجنود الاحتياط".
وبدا الانقسام واضحا داخل حكومة الحرب التي يشارك فيها نتنياهو مع جنرالات آخرين، فلم يظهر بيني غانتس، ووزير الدفاع، يواف غالانت، إلى جانب نتنياهو في مؤتمرات صحفية أخيرة. فقد عبر الاثنان عن تقبل لبعض الأفكار التي طرحتها إدارة بايدن ودور للسلطة الوطنية في إدارة غزة. وهي أفكار رفضها نتنياهو وعناصر أخرى في حكومته المتطرفة.
ووعد غانتس الذي زادت شعبيته بالتحقيق في عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر عندما تخف الحرب، وينتظر تنفيذ وعده. وربما دعا غانتس لانتخابات جديدة من خلال إقناع عناصر في التحالف انتقد الكثيرون منهم نتنياهو الانضمام لتحالف جديد. وقالت تالشير: "في اللحظة التي يشعر فيها غانتس أن الوقت قد حان لترك حكومة الحرب، فستبدأ كرة الثلج بالتدحرج. وهي بداية الشعور بإمكانية استقرار الوضع في غزة، ولكن لو فتحت جبهة ثانية مع حزب الله، فإن الوضع سوف يتغير مرة أخرى".