مقالات مختارة

مؤشرات تصعيد كبيرة في المنطقة

1300x600
كانت محطة "جنيف 2" مفصلية لأنها اثبتت ان النظام في سوريا غير قابل للتأهيل في السياسة، وغير مؤهل لخوض مفاوضات جدية على قاعدة نتائج "جنيف 1" تؤدي الى اطلاق عملية تغييرية شاملة في سوريا تخرج البلاد من الحرب الدائرة هناك، وتنهي من الناحية العملية نظام الاسد ليحل مكانه نظام تعددي، ديموقراطي يمنح جميع مكونات سوريا حقوقها.

 كما اثبتت محطة "جنيف 2" بجولتيها ان النظام والايرانيين والروس من خلفه يكسبون الوقت ويحاولون في الوقت نفسه تحقيق تقدم جدي على ارض المعركة بما يؤدي الى سحب موضوع تغيير النظام عن طاولة المفاوضات. في المقابل حاولت المعارضة الليبرالية ان تقدم نفسها كطرف مسؤول ومعتدل، وذلك رغم ضعفها، وتشتت اجنحتها، وتعرضها للاستهداف المزدوج من النظام والفصائل الاسلامية المتطرفة لا سيما تنظيم "داعش" الذي لم يقم سوى بخدمة النظام على الارض في شكل مريب.

وفي كل الاحوال فشل مؤتمر "جنيف 2" فشلا ذريعا وعادت الامور الى المربع الاول، اي الى ميدان المعركة.

 بناء على ما تقدم، ثمة اشارات تفيد بأن قرارا اقليميا - دوليا اتخذ للعودة الى الميدان بزخم لمواجهة محاولات تقدم قوات النظام و"حزب الله" وبقية التنظيمات المسلحة المذهبية التابعة لايران، واعادت الضغط على العاصمة دمشق. كما ان المعلومات التي جمعتها اجهزة استخبارات عربية وغربية عن تزايد شحنات السلاح الروسي الى النظام دفعت الجهات الاقليمية المعنية الى اتخاذ قرار عاجل برفع الحظر عن تسليح نوعي لفصائل المعارضة.

 في مكان آخر تطور دراماتيكي في "الحديقة الخلفية" لروسيا في اوكرانيا مما ادى الى قلب الطاولة على النفوذ الروسي في شكل شبه كامل. والمرجح ان يدفع هذا التطور الدراماتيكي الذي تنظر اليه موسكو باعتباره تحديا استراتيجيا لها، الى تصليب الموقف الروسي في امكنة اخرى تحصل فيها مواجهة دولية - اقليمية واهمها سوريا".

 في مطلق الاحوال لا ينبئ المشهدان الاقليمي والدولي أن المعركة في سوريا في اواخر فصولها. من هنا الخشية على الوضع في لبنان المتأثر حكما بفعل تورط "حزب الله" من جهة، وحجم اعداد اللاجئين السوريين الذي فاق كل تصور.

 "حزب الله" متورط حتى "النخاع" في سوريا، بالتالي، وبصرف النظر عن حدق ولادة الحكومة الجديدة، استدرج الرد الى لبنان، وكل المعلومات تشير الى ان الرد سيزداد حجما وخطورة مع مرور الوقت. واذا صح ان ميليشيا الحزب قتلت قبل يومين في كمين بالغوطة الشرقية 160 مقاتلا من التنظيمات الاسلامية المعارضة، فإن الرد آت في لبنان ويا للاسف.

 وبين عودة الحديث عن معركة فتح طرق دمشق من الجنوب، وتصلب روسيا بعد اوكرانيا، واعتبار ايران ان دمشق بشار الاسد هي بمثابة طهران خامنئي، فإن لبنان باق في عين العاصفة حتى اشعار آخر.

(النهار اللبنانية)