كتاب عربي 21

رسالة مفتوحة إلى سلطة رام الله

1300x600

بدلاً من العودة إلى المفاوضات عودوا إلى شعبكم وشوارعكم. أو خلّوا بين الشعب والاحتلال وكفّوا أيدي أجهزتكم الأمنية وانظروا ما سيحدث. وكيف يُدحَر الاحتلال.

 في المفاوضات تُقدَّم التنازلات ويستشري الاستيطان ويتمادى تهويد القدس وانتهاك حرمات المسجد الأقصى والمقدسات المسيحية والإسلامية والتراث التاريخي العالمي لفلسطين. وفي المفاوضات يُمعِن السجان في إحكام الضغوط على المساجين وذويهم وتُسدّ أبواب إطلاقهم. فتلكم هي كل تجاربكم في المفاوضات وتحت مظلتها. ولم تتعلموا، ولم تتعظوا، وما زلتم تصرّون على تجريب المُجَرَّب.

 وفي العودة إلى شعبكم وشوارعكم تتفجّر الانتفاضات وتندلع المقاومة ويدخل العدو في المأزق حيث ينكشف أمام العالم مُغتَصِباً لأرض فلسطين ومُهَجِّراً لأهلها، ومجرماً وقاتلاً وعنصرياً. ويفضح مؤيدوه وهم يدافعون عنه ويمنعون محاصرته ويخرجونه من عزلته وإنزال الهزيمة به. 

 وفي العودة إلى المفاوضات تكسب مخططات العدو الوقت الكافي لفرض وقائع على الأرض لجعلها أمراً يُسَلَّم به. فانظروا ما قام من المستوطنات في الضفة الغربية ومن أحياء هُوِّدت في القدس وضواحيها منذ اتفاق أوسلو إلى اليوم وقارنوا بينها وما كان قبل أوسلو. وذلك لتتأكدوا من الخلل الفادح في استراتيجيتكم وسياساتكم. 

 وفي العودة إلى شعبكم وشوارعكم أو قل في كفّ أيديكم عن شعبكم وشوارعكم وعن المقاومة وعن الانتفاضة سترون كيف ستُحبَط مخططات العدو الاستيطانية والتهويدية ويبدأ الاحتلال بالترنّح فيما سنمتلك زمام المبادرة والوقت الكافي لحشد الدعم الشعبي العربي والإسلامي والعالمي. وهذا ما حدث سابقاً منذ الرصاصة الأولى مروراً بالانتفاضتين. فكل كسبٍ كسبته القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني عربياً وإسلامياً وعالمياً جاء عبر المقاومة والانتفاضة ونضالات الشباب والشابات والفتيان والأطفال وتضحياتهم. فمتى أصبح الشعب الفلسطيني الرقم الصعب ومتى نالت القضية الفلسطينية احترام العالم. وهو ما يفسّر لماذا تكاثرت الضغوط والوعود (الوهمية) للتخلي عن هذا الطريق والسير في طريق التسوية والمفاوضات حتى تدهور الوضع إلى المساومة على أرض الضفة الغربية والقدس وحق العودة وصولاً إلى هبوط سقف الموقف الدولي خطوة بعد خطوة حتى وصل إلى تبني الإدارة الأميركية الاعتراف بيهودية الدولة، والعمل على فرضها على الفلسطينيين.

 أفلم يحدث هذا تحت ظل اتفاق أوسلو والمفاوضات والاتفاق الأمني حامي الاحتلال. ومع ذلك ها أنتم أولاء تعودون إلى المفاوضات وتهربون من العودة إلى شعبكم وشوارعكم تحت حجّة الاستجارة بالمنظمات الدولية التي تهددون بالانضمام إليها. 

 الاحتلال يُقاوَم بالسلاح وبالانتفاضة وبكل أشكال المقاطعة وبإشغاله وإرهاق قواته ساعة بساعة حتى يُصبح بقاؤه وبقاء مستوطناته نزيفاً لا يُحتمل. فالاحتلال يُهزَم على الأرض ومن خلال الشعب لا بالقرارات الدولية العرجاء دائماً، والشوهاء دائماً، والتي لم تنفذ قط وكانت دوماً طريقاً للتنازلات المجانية عن الثوابت والمبادئ والحقوق الأساسية وعن الأرض، ابتداءً من قرار التقسيم لعام 1947 ومروراً بقرار 194 الذي ميّع حق العودة بالتعويض أو قرار 242 الذي أبطل حق العودة بشعار "الحل العادل لقضية اللاجئين". 

 كفى... نعم كفى... وألف كفى. فقد بلغ السيل الزبى، وأصبحت الفضيحة مجلجلة وأنتم تعودون إلى المفاوضات، أو تلجؤون إلى القرارات والمنظمات الدولية، وتجعلون من المصالحة والوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام شعارات للهروب إلى المغالبة الانتخابية ونزع سلاح المقاومة في قطاع غزة فيما حانت العودة للشعب ولانتفاضات الحجارة. ولكن في هذه المرة، ومع الظروف الجديدة حيث العدو في مأزق والغرب في مأزق فثمة إمكان لانتصار الانتفاضة والمقاومة الشبابية والشعبية، وبدعم عربي وإسلامي وعالمي. 

شعبنا الفلسطيني صاحب الحق والقضية العادلة ويمتلك إرادة الصمود والكفاح والمواجهة، فإن خليتم بين العدو وبين شبابه وشاباته وفتيانه وصغاره سيكون كفيلاً بدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات واستنقاذ القدس وإطلاق كل الأسرى فالنصر بإذن الله قريب وإن ظننتموه بعيداً أو محالاً.