وصف الباحث الأمريكي في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة سايمون هاندرسون التغييرات التي أجراها العاهل السعودي الملك عبدالله بأنها تعزيز لفرعه في العائلة الحاكمة.
وأشار في مقال نشر ه موقع واشنطن اليوم إلى أن التغييرات الأخيرة جاءت مفاجئة بعد سلسلة من القرارات التي استحدث فيها الملك عبدالله منصب ولي ولي العهد بعد أن عين شقيقه الأمير مقرن بن عبد العزيز في الولاية وهو أصغر أبناء المؤسس للدولة
السعودية الثالثة الملك عبد العزيز بن سعود.
وبرأيه، فقد بدا لافتا في معظم التغييرات التي أحدثها الملك سواء بالتغيير أو الاستقالة عبارة "بناء على طلبه" حيث يرى المؤيدون للعرش السعودي أنها محاولات من الملك البالغ من العمر 90 عاما في ضخ دماء جديدة وشابة في الحكومة والوزارات التنفيذية مع الإعفاءات، طالت عددا من القيادات الشبابية.
ويعتبر التغيير الأكبر هو إعفاء الأمير بندر بن سلطان من المخابرات السعودية وتكليف نائبه لإدارة المؤسسة الأمنية الأهم فيما سلم وزير الداخلية المقرب من الولايات المتحدة الأمير محمد بن فهد ملف الأزمة السورية.
وجاءت سلسلة التعيينات التي اجراها الملك يوم 14 أيار/ مايو مفاجئة ويرى سايمون هندرسون، مدير برنامج الطاقة والخليج في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن سلسلة الأوامر الملكية باسم العاهل السعودي الملك عبدالله صدرت بناء على طلب خليفته المحتمل نائب وزير الدفاع وولي العهد الأمير سلمان وهي القرارات التي "غيّرت تغييراً جذرياً القيادة السياسية والعسكرية المحترفة في المملكة العربية السعودية".
واعتبر هندرسون أن من أكثر القرارات جلبا للأنتباه هو تعيين الأمير خالد بن بندر نائباً لوزير الدفاع، وإعفاء الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، البالغ من العمر سبعة وثلاثين عاماً، والذي عين للتو في منصبه المذكور في آب/ أغسطس الماضي، بعد أن حل محل عضو آخر أقل أهمية في العائلة المالكة كان قد تولى المنصب قبل ذلك بأربعة أشهر.
ولفت إلى أن الأمير سلمان بن سلطان اجتمع مع وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل الذي يزور منطقة الخليج في مهمة قيل إنها تهدف لتعزيز التعاون الأمني وتوحيد الجهود الخليجية في هذا المجال وإن اختلفت المواقف والسياسات.
وأضاف "لا يعرف بعد إن كان الوزير الأمريكي على علم بالتغييرات أم لا، فقد صدرت الأوامر الملكية بعد انتهاء مأدبة الغداء التي شارك فيها الأمير سلمان بن سلطان، في منصبه كنائب وزير الدفاع كما حُددت هويته في ذلك الحين".
وقال هندرسون إنه وقبل يومين من لقاء هيغل كان للأمير لقاء رسمي مع مساعدة وزير الخارجية الأمريكي آن باترسون التي زارت الرياض، وقد تم الآن رسمياً "إعفاؤه من منصبه بناءً على طلبه" ومن غير المعروف حتى الآن ما إذا كان قد أُرغم على ترك منصبه، وهو أمر يتعلق بنية القصر الملكي في تعيينه في منصب رسمي آخر.
ومقارنة بسلمان بن سلطان، فنائب وزير الدفاع الجديد يبلغ من العمر 61 عاما وقد تدرب سابقاً في الولايات المتحدة وبريطانيا وشغل منصب قائد "القوات البرية الملكية السعودية" وفي الآونة الأخيرة كان يشغل منصب أمير منطقة الرياض المهمة منذ شباط/ فبراير 2013.
وشملت التعيينات الأخرى تعيين مساعد جديد لوزير الدفاع، ورئيس ونائب رئيس جديدان لهيئة الأركان العامة، وقادة جدد للقوات الجوية والبحرية.
وعبر هندرسون عن استغرابه من الإعلان عن هذه التغييرات المهمة في المملكة في وقت تستضيف فيه مؤتمرا مهما للدفاع الإقليمي، لافتا إلى أن "تكون هذه التغييرات قد أربكت الحلفاء العسكريين المحللين والولايات المتحدة أيضا".
ويربط الكاتب بين التغيير في البنية القيادية للمملكة وبين إمكانية إعادة ترتيب أوراقها واستراتيجيتها الإقليمية، خاصة أن الرياض قلقة من إمكانية توصل القوى خمسة+واحد لاتفاق مع إيران حول ملفها النووي، ومن هنا "فهي راغبة في ضرب إيران من خلال الإطاحة عسكريا بالرئيس السوري بشار الأسد".
من جانب آخر يرى الكاتب أن التغييرات تعكس صورة عن النزاع الداخلي بين أفراد العائلة على السلطة وقد يكون الملك عبدالله راغبا في إحباط مطالبة ولي العهد الأمير سلمان (77 عاما) بالعرش من خلال إجباره على تعيين الأمير مقرن (70 عاماً)، نائباً لولي العهد، في آذار/ مارس.
ولفت إلى أن الملاحظ أنه لم تتم ترقية أي من أبناء ولي العهد في الأوامر الملكية التي صدرت يوم الأربعاء ولكن تم تعيين نجل الملك، الأمير تركي بن عبدالله، أميراً لمنطقة الرياض.
ولا يفوت الكاتب الربط بين التغييرات الجديدة وإعفاء الأمير بندر من سلطان، فنائب وزير الدفاع المعفى من منصبه هو شقيقه وقد لعب الإثنان دورا في تدريب المقاتلين السوريين وتمويل حملاتهم ضد النظام السوري.
ولا يعرف أثر هذه التعيينات التي تأتي في وقت خفضت فيه السعودية دعمها للمقاتلين السوريين ومدت يدها للطرف الإيراني بدعوة وزير الخارجية السعودي نظيره الإيراني زيارة الرياض.