مدونات

لابق للشرشوحة مرجوحة.. ولأبو بريص قبقاب!

السيسي

(1)
في لحظات تنصيب السيسي..
أشتم رائحة الموت، ورائحة دماء الشهداء
أسمع أنّات الأيامى والثكالى، والمسجونين
وأتلمّس قلوب أمهات الأطفال المقتولين!
وأرى عيون الشيوخ، التي تضاءلت أنوارها
وخفتت شيئا فشيئا؛ من هول ما رأوه وما عاشوه!
أسترجع الكوارث اليومية، وثقل المصائب التي حلّت على المصريين
وأمعن النظر في علامات الرصاص التي كانت شاهدة على مرور القتلة..

(2)
أتساءل..
ما شعور أهالي الشهداء الآن في مصر؟
بأي عقل استقبلوا مراسم تنصيب السيسي؟
وهو من قاد الانقلاب، وكسر شوكة الديمقراطية؟
السيسي... يقسم بأن يحافظ على الدستور
وهو أول من انقلب ضد الشرعية والحكم!
أي استخفافٍ بالعقول هذا؟
تهنئة وتبريك من هُنا وهُناك!
مشاركات عربية وغربية وإفريقية في التنصيب!
حفلات باذخة، ومحاولات لتجميل وجه رئيس الانقلاب القبيح!
أعمِيت عيونهم عن الحقيقة؟
أيقبلون ما حدث، ويقرّون بسلامهم وتهنئتهم وتبريكهم؟!
أيضعون أيديهم في يد من استباح الدماء، وأقرّ الإجرام؟
أيقبل أحد منهم أن يحصل في بلده مثل ما حصل في مصر؟
وأن ينقلب الشعب أو الجيش على حكم أحدهم ليستلم مكانه، بمباركة دولية؟
ليست القضية بمن يحتفلون! إن القضية بمن يصابون، ويقتلون، ويدفنون!
بمن يسجنون، ويبعدون، ويتألمون، ويتوجعون ولا احتفاء بهم!

(3)
بعد تنصيب السيسي رئيسا لجمهورية مصر العربية... نؤكد لكم تمام عملية اغتصاب الديمقراطية في مصر! فتنصيب السيسي للرئاسة، يصفه المثل التالي: "لابق للشرشوحة مرجوحة ...ولأبو بريص قبقاب"!

فهو المشير الذي انقلب على رئيسه، وتولّى مكانه، بعد أن كان لا يجرؤ على رفع رأسه، إلا ما ندر أمام أسياده.. وهو من لم يجرّب من ذي قبل خوض العملية السياسية، فكيف له بيوم وليلة أن يكون رئيسا لدولة مثل مصر، بكل ما تحمله بداخلها من تعقيد في هذه المرحلة الحرجة جدا؟ هو من صنع دولة داخل دولة، مدعيا بحس وطني متآكل!

مصر، تمر بظروف قاسية، وهي تحتاج لرجال، وليس إلى أنصاف الرجال!

السيسي من لا يعرف من حسرة المصريين إلا تأوهاتهم، التي حدث أن تعاطف معها، دون القدرة على ملامسة تفاصيلها! وهو يمكن تصنيفه من الناس الذين لهم وظائف متعددة، بعضها مكشوف ومسالم، وبعضها الآخر مخفي، وقد يتحولون عند الحاجة إلى قتلة.

وقفة صمت وقفها من أجل الشهداء، لا تردهم إلى الحياة، ولا تطفئ نار قلوب أهاليهم، ولا تبرّد سخونة دمائهم الزكية! فكل قطرة دم نزفت من أي مصري، يتحملها هو ومن معه ممن خانوا الوطن.. وما هذه الوقفة إلا محاولة منه للحفاظ على الحد الأدنى من ماء وجهه.

فيا سادة الوضع وصل لدرجة من التعفن، من الصعب أن نتجاوز رائحتها، دون أن تزكم أنوفنا بها! فالخراب بدا عميقا جدا، والموت صار ينجب موتا آخر، والبلاد تسير بخطى حثيثة نحو شيء مخيف.. لا أعرفه! شيء ما تراكم فيها طويلا، وهو ينتفض الآن بعنف كبير!

(4)
ما يحزننا فعلا ويشعرنا بالأسى.. هو المخاض الذي تمر به أمتنا الإسلامية.. ما يؤلمنا هو لحظة نشعر بها أننا قد نكون عاجزين عن النهوض بالأمة!

فعليا نحن لسنا عاجزين، ولكن حجم الذهول الذي يصيبنا مما حولنا يجعلنا نشعر بهذا الشيء.. ولكنه لا يدوم، برحمة الله ولطفه، وتأييده أيضا..

نعبر عن حزننا لحال أمتنا وليس عن حزننا لشيء مادي أو تافه ننتصر به لأنفسنا! فما يحدث الآن مخاض عسير.. لست أقصد بلدة بذاتها.

يؤسفني جدا من يعتبر أن الاهتمام بشؤون الغير من المسلمين فرط تدخل في ما لا يعنينا! هنا أشعر بتأزم الأمور، عندما ننسى أننا جسد واحد.. تتحلّق حولنا هالة من البؤس، ليحل مصابنا علينا كالزلزلة!

كيف يقولون إننا لا دخل لنا بما يحدث في مصر مثلا؟ أو يقولون طالما لم ينقص عليك شيء فاحمد الله وكفى.. بمعنى المهم أن تكون أمورك جيدة، أنت فقط وانسَ غيرك! أليس هذا مؤسفا؟

(5)
آمل أن لا تضيق المساحات، ولا تضيع دماء من ضحوا من أجل الوطن سُدى، وأن لا تتوقف الثورة في نصف الطريق، وتتلاشى الحقوق، وأن لا يُعدم الأبرياء.. الأنقياء.. الأتقياء، الطاهرون.

يبقى الأمل بالله كبير.. فهو أكبر من كل ما يحدث حولنا، وهو مولانا ولا مولى للظالمين. 

وأمام هذا الطوفان لا نملك شيئا آخر سوى الاستمرار في (مواجهة) الظلم والطغيان.