مقابلات

العثماني لـ"عربي 21": المغرب يسير على طريق الإصلاح

قال إن الإرهابين لا ينتمون للحركة الإسلامية - أرشيفية
اعتبر سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربية السابق، ورئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن المسار الإصلاحي الذي يجتازه المغاربة اليوم، تتويج لمسلسل من الإصلاحات شارك الجميع في صياغته كل من موقعه.

وأكد العثماني الفقيه والسياسي والمفكر والطبيب النفسي، في حوار مع صحيفة "عربي21"، على أن حركة 20 فبراير تعد شريكا في المغرب هذه النتائج، مشيدا بـ"الحكمة" الملكية التي مكنت من استشراف المستقبل.

وشدد العثماني على أن الإرهابيين في العالم العربي والإسلامي، لا تربطهم علاقة مع الحركة الإسلامية وبالمرجعية الإسلامية، فأغلبهم خريجو التعليم العلماني اللاديني.
 
هل أنت مطمئن لنجاح النموذج المغربي
 
النموذج المغربي مشجع، وأرى أن الآمال قائمة بان يحقق المغرب انتقاله بسلاسة، ولكي ينجح الأمر علينا بالضرورة أخذ الحذر من أي تراجعات قد تهدد هذا المسار المغربي، مع التأكيد على أنه لا سبيل إلى العودة إلى الماضي، وهنا لابد من الإشارة إلى أن حاضر المغرب اليوم أفضل من ماضيه، وحاضر المغرب اليوم أحسن من حاضر أغلب دول المنطقة التي تحيط به.
 
لكن ألا تلحظون بطئا في إنجاز الإصلاحات؟
 
بالرغم من أن بعض الإصلاحات يعتريها البطؤ والبعض الآخر يحظى بالعناية والوقت اللازمين، فإن المضي في الإصلاح هو الذي يضع  المغرب اليوم هذا الموقع المتميز، دون أن نعتبر أن المغرب حقق كلما يريده، لكن نحن ماضون في الطريق الصحيح.
 
ماذا عن المساهمين في صناعة النموذج المغربي؟
 
لابد من الإقرار بأن هناك جهات كثيرة ساهمت تحقيق المغرب هذه المرتبة في المسلسل الإصلاحي، ولا شك أن لحركة 20 فبراير دور في ما وقع، ولكن أيضا حكمة الملك وخطاب 9 مارس والطابع الاستشرافي والاقتراحي الذي تميز به العمل على الإصلاحات الجريئة في نصوص الدستور، أو على مستويات أخرى، كانت عاملا ثانيا.

وفي المحصلة هناك جهات كثيرة اشتغلت على ملف الإصلاح سياسية كانت أو غيرها، وليس الأمر وليد لحظة سياسية، بل لقد ساهمت هذه الجهات وعبر تاريخها القريب على الأقل، في تدشين مسار الإصلاحي للمغرب مقارنة بما عرفته المنطقة من ثورات وانتفاضات.
 
كيف ذلك؟
 
يجب أن لا يغيب عنا أن هذا المسار الإصلاحي الممتد، فما نحن فيه اليوم "نهاية" مسلسل إصلاحي، إن جاز لنا تسميته هكذا، دخل فيه المغرب من عقدين من  الزمن على الأقل، وأن الخطوات الأولى التي وقعت مثلا في بداية الحالي، إصلاح عدد مهم من القوانين كمدونة الأسرة، وإصلاح القوانين الانتخابية وقانون الأحزاب، "تقرير الخمسينية" و"هيأة الإنصاف والمصالحة".

إن هناك عددا كبيرا من الأمور ساهمت حينها في الوصول إلى ما نحن عليه اليوم، وبناء القدرة على التأقلم، واستشراف المستقبل، وأيضا ساعدت على المضي بالإصلاحات إلى الأمام.
 
كيف تقرأون الدعوات إلى تقديم التوافق على الديمقراطية؟
 
بطبيعة الحال لا سبيل لتحقيق الانتقال إلا على طريق تقديم التوافق السياسي على نتائج الديمقراطية الانتخابية، فالديمقراطية لا تبنى إلا على أرضية توافقية داخل وطن، فالديمقراطية لا معنى لها بدون توافق.

فكل دولة من دول العالم تصنع توافقاتها الديمقراطية، وغالبا ما يتم التنصيص على هذه التوافقات في إطار نص دستوري أو قوانين انتخابية، وعلى ضوئها يتنافس الناس على البرنامج ولكن انطلاقا مما تم التوافق حوله، بناء على ثوابت واضحة متفق عليها.
 
الملاحظ أنه تحت شعار التوافق يتم تمرير أشياء غير ديمقراطية
 
فكما قلت لا بد من وجود ثوابت، لأنه بدون هذه الثوابت تصبح الديمقراطية مبينة على أرضية  متموجة ورمال متحركة، وهذه الحال بكل بساطة ستفتح البلاد على المجهول.
 
عادت موجة اتهام الحركة الإسلامية بالإرهاب بشكل أكثر حدة في الفترة الأخيرة، ما تعليقكم؟
 
بالمناسبة أحب أن أؤكد بداية على أمر في غاية الأهمية، وهي الإحصائيات والدراسات الدولية الكثيرة، تكاد تجمع على أن ظواهر الإرهاب بمختلف الدول بما فيها العربية يتحملها مواطنون لا علاقة لهم بالحركة الإسلامية، وليس لهم تربية أو تعليم دينيين.

وهي دراسات لمراكز بحثية غربية محترمة جدا، أجرت دراسات على فترات زمنية متباعدة ومعتبرة، كشفت فيها أن من يقومون بالعمليات الإرهابية بعيدون عن التأطير الديني أصلا، ولم يكونوا ملتزمين بالدين وفئة منهم حديثة التعرف على الدين، بل على العكس من ذلك نجد أن أغلبهم تربوا وتعلموا في أوساط يغلب عليها التوجهات العصرية والعلمانية المحضة كما هو الحال بالنسبة لذوي الجنسيات الأوربيون المتوجهون للقتال بسوريا والذي يتجاوز عددهم 3000 مقاتل.