كتاب عربي 21

رمضان في اليمن بنكهة سياسية

1300x600
رمضان كريم.. كل عام وأنتم بخير.. صيام شهر رمضان في اليمن بدأ السبت،  لأن دار الإفتاء الشرعية هي التي أعلنت ذلك، استناداً إلى التحري الذي يجريه عادةً أهل الخبرة في الساحل التهامي الغربي للبلاد، حيث تتيسر مهمة تحري الهلال، ويساندهم في ذلك علماء ثقات  وقضاة عدول، وهو تقليد قديم جداً.

العديد من المتخصصين بالمناكفات السياسة اعتبروا صوم اليمن مؤشراً على عمق الخلاف القائم بين نظام الرئيس هادي، والمملكة العربية السعودية، التي بدأت الصيام اليوم الأحد، مع أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، هاتف ليلة الجمعة السبت قادة المملكة الثلاثة وتبادل معهم التهاني بقدوم الشهر الكريم..

لم يكن توقيت الصوم في اليمن هو الذي أضفى على شهر رمضان نكهة سياسة فقط، وإنما أيضاً  خطاب الرئيس الذي كشف ولأول مرة مغزى الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة صنعاء، يوم الأربعاء الـ11 من شهر حزيران/ يونيو الجاري، بتدبير من الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والحلف المرتبط به. 

الرئيس هادي قالها صريحةً، إن ما حدث كان "حلقةً جديدةً من حلقات مخطط إجهاض العملية السياسية السلمية الانتقالية وضرب التجربة اليمنية المتميزة في انتهاج خيار الحوار ونبذ العنف وقعقعة السلاح بهدف إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء والعودة إلى المربع الأول بل إلى نقطة الصفر" أي أن تلك الاحتجاجات كانت محاولة كاملة الأركان للانقلاب على النظام الانتقالي. 

وكان الرئيس يؤكد ما كشف عنه رئيس وزرائه محمد سالم باسندوة الذي قال في مقابلة مع تلفزيون أبو ظبي، إن مخطط الانقلاب، كان يتضمن القبض على رئيس الجمهورية وعلى رئيس الوزراء .

أصوات المدافع لم تهدأ في محافظة عمران(50) كم إلى الشمال من صنعاء، القتال متواصل تقريباً، فيما يجري التحضير لإعادة إطلاق قناة (اليمن اليوم)، وهي صوت الانقلاب الذي أسكته الرئيس هادي. لم يبرهن الرئيس المخلوع عن حسن نية في البقاء جانباً والسماح لمسيرة التسوية السياسية بالمضي قدماً.

 فها هو يهيئ أنصاره لجولة جديدة من العنف، بالادعاء أن الجامع الذي بُني أواخر عهده في ساحة العروض المعروفة بــ:"ميدان السبعين" المتاخمة للقصر الرئاسي، هو ملكٌ خاصٌ به، رغم أن الجامع بُني بتمويل من رجال أعمال وجمعيات خيرية وتبرعات من ودول وحكومات كما اعترف هو بنفسه.

وكان صالح قد أفرغ القصر الرئاسي من كل محتوياته تقريباً، بما في ذلك الهدايا الثمينة التي تلقاها خلال فترة حكمه، واعتبرها مقتنيات خاصة، وخصص لها متحفاً ملحقاً بالجامع، في تصرف شاذ يخرج عن الأعراف المحترمة التي يتقيد بها رؤساء الدول الذين يفترض أنهم سلموا السلطة رسمياً، حيث الهدايا تتحول إلى جزء من ممتلكات الدولة غير القابلة للتصرف..

لم يرقْ للرئيس المخلوع تواجد عناصر من الجيش يخضعون لأوامر الرئيس عبد ربه منصور هادي في حراسة المسجد، وهو الإجراء الذي قبل به بعد أن طوّقَ لواء الحماية الرئاسية الأول مبنى الجامع قبل أسبوعين، إثر تلقيه معلومات أن الجامع كان إحدى الحلقات الخطيرة لاستهداف الرئيس بالنظر إلى إطلالته على القصر مباشرة، من خلال مآذن يصل ارتفاعها على (80) متراً، ما يتيح استهداف الرئيس عسكرياً في أية لحظة..

عدا هذه الأجواء السياسية المشحونة والتي يبدو أنها لن تهدأ ما دام فريقٌ في شمال اليمن، يُضمر نوايا سيئة للانقضاض على السلطة واستعادتها بأي ثمن حتى لو على حساب الوطن ووحدته وأمنه واستقراره، فإن اليمنيين استقبلوا شهر رمضان المبارك كعادتهم بالشوق الممزوج بالحسرة والألم..

بالشوق لأنهم شعب متدين بالفطرة، أما الحسرة والألم فبسبب  الأجواء الأمنية غير المستقرة ومسلسل الموت الذي لم يتوقف، وضيق ذات اليد الذي يشكل سمة بارزة للأغلب الأعم من أبناء الشعب اليمني.

تتميز أيام وليالي رمضان في اليمن بالإقبال الهائل على المساجد، لأداء الصلوات المفروضة والترويح عن النفس بصلاة القيام(التراويح).. الإقبال على المساجد في شهر رمضان لا يقتصر على الرجال فقط، بل يشمل النساء  أيضاً..

تشهد المدن اليمنية في الغالب عودة الآلاف من المقيمين فيها إلى الأرياف، خصوصاً أصحاب المهن والعمال والموظفين بالأجر اليومي، وأصحاب الأعمال الخاصة، حيث يعتبرون رمضان فرصة للالتحاق بالأهل في الريف، ولهذا يستمتع المستقرون في المدن بفسحة ورحابة، يتيحهما التراجع الملحوظ للازدحام المروري.. تقبل الله منا جميعاً صيام الشهر وقيامه.