ملفات وتقارير

انتقادات واسعة لمشروع قانون الجهات بالمغرب

التقسيم الإداري الحالي لجهات المملكة المغربية الست عشرة - خارطة أرشيفية

 
المشروع الذي يتوفر "عربي21" على نسخة منه قال عنه باحثون سياسيون للموقع، إنه دون مستوى الخطاب والتعبئة التي أطلقت برعاية الدولة، منذ 2009، وزادوا أن الاختلال الفادح  في التوازن بين حركة المنتخبين وبين إمكانيات سلطة الدولة سيبقى مستمرا.
 
ذات الفاعلين شددا، على أن المشروع لم يفكك عقلية الوصاية من طرف وزارة الداخلية على المنتخبين والذي كان أساس النقاش والحراك والدينامية التي أُطلقت في مجال الجهوية، موضحين بعد دراستهم للمشروع أن هذا الأخير، لا يحصن اختيارات المواطنين، وأنه هزيل في مضمونه، ولا يترك أثرا لمشروع ضخم سمي الجهوية المتقدمة كما نص عليها الفصل 146 من دستور 2011.
 
موجة السخط التي انطلقت من برلمانيين ووصلت مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر أن المشروع لا يتجاوز كونه قام بتقدم تطفيف على مستوى اللامركزية الإدارية بمنح بعض الصلاحيات للمنتخبين، لكنه لم يحسم مع التردد المتكرر في الاتجاه التحول نحو جهوية متقدمة كما نص عليها الدستور ووفقا لتوصيات اللجنة الملكية الاستشارية في موضوع الجهوية.
 
عن هذا المشروع قال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري حسن طارق، لـ"عربي21"، إن المغرب اليوم يعيش تحولا من لحظة عرفت تضخما خطابيا في الموضوع ونوعا من التعبئة من فوق حول الجهوية أي من طرف الدولة، منذ 2009 و2010، ثم فيما بعد مع الدستور 2011 وقبله مع اللجنة الاستشارية للجهوية واليوم مع هذا المشروع. وأضاف أنه "يتضح غياب إرادة في اتجاه جهوية متقدمة عن مفهوم الجهوية الإدارية".
 
 ويضيف البرلماني المعارض حسن طارق في التصريح ذاته، أن الحاصل اليوم هو تقدم طفيف على مستوى اللامركزية الإدارية بمنح بعض الصلاحيات للمنتخبين، وهو الأمر الذي "سيضعنا أمام منطق الازدواجية بين الدولة والجهات، وهي ازدواجية غير متوازنة من حيث التمويلات ومن حيث إمكانية الولوج لتمويل السياسات العمومية والترابية".
 
ويرى طارق أنه واقع، "سنواصل معه نفس الاختلال الفادح في التوازن مابين حركة المنتخبين وبين إمكانيات وسلطة الدولة من خلال مختلف بنياتها وإمكانياتها الإدارية الترابية وممثلي الوزارات والمؤسسات العمومية الجهوية والتي في النهاية ستدبر 90 بالمائة من المالية الجهوية والمحلية".
 
وخلص طارق إلى أن مشروع الجهوية هذا، "لا يمكن أن يوصف بأنه جهوية متقدمة لأن هذه الأخيرة صيغة مغربية للحديث عن حالة ما بين جهوية إدارية وجهوية سياسية".
 
من جهتها قالت الباحثة في العلوم السياسية آمنة ماء العينين، إن النقاش العمومي اليوم يؤكد أن
 لا أثر لمشروع ضخم سمي الجهوية المتقدمة، فمسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة هزيلة وكأنه "ميثاق جماعي" كبير. 
 
النائبة البرلمانية قالت في تصريح لـ "عربي21"، إنها بحثت عن الجديد، فلم تجد منطق الجهوية الذي يفكك عقلية الوصاية لوزارة الداخلية، ولم تجد فيه محصنا لاختيارات المواطن في عمليات تشكيل المجالس.
 
 وخلصت الفاعلة الحزبية والسياسية إلى أن المشروع موضوع النقاش هو "مجرد امتداد" للقانون 59.11 الذي صودق عليه في عهد الحكومة السابقة والمنظم لانتخاب أعضاء المجالس الترابية، مسجلة ما سبق وتم من "الالتفاف على مقتضيات الدستور القاضية بانتخاب رئيس الجهة بالاقتراع العام المباشر".
 
البرلمانية عن الأغلبية، ماء العينين، قالت في التصريح ذاته، إنه "لابد من توسيع النقاش العمومي بخصوص هذا الموضوع و لا بد من نبذ عقلية المحافظة والمراوحة للانتقال إلى منطق جديد". معتبرة أن الجهوية ليست فقط قوانين، بل إن "الجهوية منطق ومنهج في التفكير. فإما أن نحقق الانتقال المنتظر و إما أن نفرغ الفصل 146 من الدستور من كل معانيه الديمقراطية المتقدمة لنكتفي بقانون جاف وضع بمنطق تكنوقراطي".
 
ومن ضمن أبرز المواد التي أثارت السخط في هذا المشروع ما نصت عليه المادة 103 والتي تمنح للجهة عددا من الصلاحيات سواء المتعلقة بالميزانية أم ببرنامج التنمية الجهوية أم بالمخطط الجهوي لإعداد التراب، أم بالمقررات ذات الوقع المالي على النفقات والمداخيل.. غير أنها قيدتها بموافقة والي الإقليم الذي يعين عن طرق وزارة الداخلية ولا ينتخب من طرف المواطنين.
 
يشار إلى أن التحول من الجهوية بشكلها الإداري الحالي إلى جهوية موسعة أو متقدمة يعزز صلاحيات السلطات المنتخبة ويحد من تمركز القرار، انطلق بالمغرب منذ سنوات خاصة منذ سنة 2009 إلى اليوم، وتميز بنقاش واسع مع دستور 2011 وقبله مع خطاب ملكي في الموضوع أعقب بلجنة ملكية استمعت للأحزاب في الموضوع، غير أن هذا التوجه خفت في الآونة الأخيرة حسب أحد الخبراء، ولعل من تجليات ذلك المستوى الذي خرج به هذا القانون.

هذا وينص دستور المملكة المغربية المستفتى حوله في تموز/ يوليو 2011، في فصله 146 على اختصاصات الجهة ورئيسها ومختلف التوجهات المؤطرة لعملها ومنها قوله "تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة، شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية الأخرى لشؤونها بكيفية ديمقراطية، وعدد أعضاء مجالسها، والقواعد المتعلقة بأهلية الترشيح، وحالات التنافي، وحالات منع الجمع بين الانتدابات، وكذا النظام الانتخابي، وأحكام تحسين تمثيلية النساء داخل المجالس المذكورة".