سياسة عربية

صحفيون: حبس نقيب الصحفيين المصريين الأسبق قرار سياسي

ممدوح الولي نقيب الصحفيين الأسبق - أرشيفية
استنكر صحفيون مصريون حبس ممدوح الولي، نقيب الصحفيين الأسبق ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق، 15 يوما على ذمة التحقيق في اتهامه بالإخلال بعقود التسوية المالية بين مؤسسة الأهرام ورجل الأعمال إيهاب طلعت، وترحيله مباشرة إلى سجن مزرعة طرة مساء الأحد لقضاء حبسه الاحتياطي.
 
وانتقد الصحفيون ما اعتبروه "تعمد إهانة الولي باعتبار أن مبررات الحبس الاحتياطي غير قائمة، إذ لا يُخشى هروب الولي بعد صدور قرار بمنعه من السفر، كما أن قرار التسوية لم يكن قراره منفردا بل كان قرار مجلس إدارة الأهرام".
 
إدانات وانتقادات
 
وأدانت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، واقعة القبض على الولي، وقرار هيئة التحقيق المنتدبة من محكمة استئناف القاهرة الأحد بحبسه، مؤكدة أن القرار  "كيدي"، لاعتبار الولي ما حدث في 30 يونيو "انقلابا".
 
وأكدت اللجنة أنه "كان يجب إبلاغ نقابة الصحفيين قبلها، وألا يتم الانتظار لحين القبض عليه".
 
ووصف محمد عبد القدوس، مقرر اللجنة في بيان له الاثنين، اتهام الولي بالاستيلاء على أموال الأهرام بـالأمر "السياسي"، مؤكدا أن النقابة ستتدخل لحماية نقيبها الأسبق، مؤكدا أن القبض على ممدوح الولي "اعتداء على النقابة".
 
وقال عبد القدوس: "نقف يدا واحدة ضد ما يحدث، لأنه نقيب الصحفيين الأسبق في النهاية، وما تعرض له تحريض خاطئ، واتهامات مرسلة"، مشيرا إلى أن الجماعة الصحفية ستقف يدا واحدة ضد ما يحدث لنقيبهم السابق، على حد تعبيره.
 
ومن جهته، أصدر المرصد العربي لحرية الإعلام والتعبير بيانا أدان فيه قرار هيئة التحقيق بحبس الولي 15 يوما على ذمة التحقيقات في التسويات المالية المذكورة.
 
وأكد المرصد أن هذا القرار يأتي في إطار النكاية السياسية، وتصفية الخصوم السياسيين للنظام العسكري الحاكم في مصر بعد  3 يوليو 2013.
 
واعتبر المرصد أن القرار يفتقر لأي معيار قانوني مهني، ولا يحتاج إلى كثير عناء للتأكد من أنه مجرد قرار سياسي يستهدف معاقبة الولي بعد مواقفه السياسية الواضحة في رفض الانقلاب العسكري، وما يتخذه من إجراءات على الصعيدين السياسي، والاقتصادي.
 
وناشد المرصد المنظمات الحقوقية المعنية بحرية الرأي والتعبير التدخل لإنقاذ نقيب الصحفيين ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق حتى لا يكرس القضاء المصري فكرة أن الصحافة والتعبير عن الرأي جريمة تستوجب العقاب.
 
من جهتها، قالت لجنة الأداء النقابي بنقابة الصحفيين إنها حصلت على مذكرة ممدوح الولي، المقدمة إلى قاضي التحقيق، موضحا فيها الأسباب الحقيقية "الكيدية" للبلاغات المقدمة ضده، والرد عليها، مشيرا لوقائع منسوبة لأصحاب البلاغات بالأسماء، والأحداث.
 
وأضافت اللجنة، في بيان لها الاثنين، أن حبس الولي 15 يوما احتياطيا، هو أول قرار بالحبس يصدر ضد رئيس مجلس إدارة جريدة قومية، مشيرة إلى أن هناك بلاغات ضد عدد من رؤساء مجالس إدارة المؤسسات القومية المختلفة، ولم تصدر بعد أحكام بحبس إبراهيم نافع رئيس مؤسسة الأهرام الأسبق، وسمير رجب رئيس مؤسسة دار التحرير الأسبق، وإسماعيل منتصر رئيس مؤسسة دار المعارف الأسبق.
 
وأشار البيان إلى أن إبراهيم سعدة رئيس مؤسسة أخبار اليوم خارج البلاد، ولم يقم الإنتربول بالقبض عليه، علما بوجود بلاغات تم تقديمها ضده لإهداره ملايين الجنيهات خاصة في أرض كورنيش النيل.
 
استئناف ومذكرة من الولي
 
وفي سياق متصل، أعلن محمود الشربيني عضو هيئة الدفاع عن ممدوح الولي أنه استأنف على قرار حبس الولي الذي قدم بدوره مذكرة لقاضي التحقيق أكد فيها أنه لم يهدر المال العام، بحسب التهمة الموجهة إليه، والمحبوس على ذمتها احتياطيا، لكنه على العكس أحيا دينا معدوما، تضاءل الأمل في الحصول على أي قدر منه، وكان يتآكل سنويا جراء التضخم.
 
وأضاف أنه في أثناء توليه منصب "رئيس مجلس إدارة الأهرام"، اتخذ كل قراراته باتباع الطريق الإداري والقانوني الصحيح، فهو لم يحتكر السلطة، بل التزم بالتسلسل الهرمي حسب الاختصاصات الوظيفية لكل منصب.

وقارن الولي بين النسبة المرتفعة التي نجح في تأمين الحصول عليها، والنسب الأقل التي لا يتيح القانون الحصول على أكثر منها حتى بالنسبة للضرائب على الدخل، وغيره، مع أنها تعد ديونا ممتازة.
 
وأشار إلى تنازله عن أكثر من مليون ونصف المليون جنيه من مستحقاته التي تضمنها له اللوائح، فضلا عن عدم حصوله على أي إجازات، إلا يوما واحدا، والتزامه بالحضور من دون مقابل في أثناء الإجازة الأسبوعية.
 
تحقيقات موجهة
 
يُذكر أن التحقيقات في القضية بدأت منذ مطلع شباط/ فبراير الماضي، وأصدر رئيس هيئة التحقيقات قرارا بمنع الولي ورجل الأعمال إيهاب طلعت من السفر، وتواصلت التحقيقات على مدار الشهور الماضية، ولم تستطع الهيئة أن تضع يدها على مخالفات جنائية تحيل بموجبها الولي وطلعت للمحكمة.
 
وبحسب مراقبين، كان يمكن حفظ التحقيقات بالفعل لو التزم الولي الصمت، ولم يدل بتصريحات صحفية أو يتحدث في قناة "الجزيرة" أو يكتب مقالات ناقدة لسياسات السلطة القائمة.
 
لكن الهيئة نسبت إلى الولي تهم إهدار المال العام، وتسهيل الاستيلاء عليه، من خلال تنازله عن مبالغ خاصة بمؤسسة الأهرام، لصالح رجل الأعمال إيهاب طلعت بالمخالفة للقوانين واللوائح، بما قيمته 92 مليون جنيه، علما بأن الولي أقدم على تسوية مالية لديون متعثرة مع طلعت بقرار من مجلس إدارة الأهرام في كانون الثاني/ ديسمبر 2012.
 
وأقر المجلس تلك التسوية التي استندت إلى معيار وضعته لجنة الخبراء بوزارة العدل بعد عرض النزاع عليها في 2008 قدرت فيه قيمة الديون المستحقة للأهرام ب61 مليون جنيه، وهو ما تمت عليه التسوية فعلا برغم احتراق الشيكات التي تثبت حق الأهرام في حريق محكمة جنوب القاهرة في نيسان/ إبريل 2013..
 
وكان الولي فاز بمقعد النقيب في أكتوبر 2011 متفوقًا على منافسه يحيى قلاش بعد أن حصل على 1646 صوتا من أصل 3076 صوتا صحيحا، ثم خلفه في منصب النقيب ضياء رشوان في مارس 2013، ثم عينه المجلس الأعلى للصحافة لمنصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام.
 
وللولي موقف معاد من انقلاب 3 يوليو، وله العديد من المقالات الصحفية والمداخلات التليفزيونية التي أكد فيها رفضه للانقلاب، وتأييده للشرعية.

كما عُرف عنه سعيه لترشيد المصروفات بمؤسسة الأهرام خلال توليه رئاسة مجلس إدارتها، التي لم تستمر سوى 11 شهرا ونصف الشهر، عقب إقالته من قبل المجلس الأعلى للصحافة المعين من قبل سلطات الانقلاب بسبب البيان الذي أعلنه عقب مجزرة رابعة العدوية برفض هذه المجزرة، وإدانة مرتكبيها.
 
وعُرف الولي الذي ظل خبيرا اقتصاديًا لعقود، ونقيبا للصحفيين لفترة ما بعد ثورة 25 يناير بالخلق الطيب، وطهارة الذمة المالية، ومحاولة الإصلاح داخل المؤسسات.