دعا فينسينت فين، السفير البريطاني السابق في ليبيا، والذي عمل قنصلا لبريطانيا في القدس، حكومة بلاده للاعتراف بدولة
فلسطين.
وقال في مقال نشرته صحيفة "
ديلي تلغراف" إن "إعلان الحكومة
الإسرائيلية الأخير، بمصادرة ألف دونم من أراضي الضفة الغربية، قد عزز في أذهان الكثيرين أن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني يعيش مأزقا، ولكن يحتاج القادة في هذه الأوقات القاتمة البحث عن طرق للتقدم أماما؛ ولهذا السبب أعتقد أن الوقت قد حان كي تقوم المملكة المتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، صحيح أن الاضطرابات في سوريا والعراق قد غطت على هذا الموضوع، ولكن من الخطأ تجاهله".
ويعتقد فين أن "
بريطانيا في موقع جيد كي تلعب دورا قياديا في عملية الاعتراف بفلسطين الآن، تماما كما فعلنا بالاعتراف بإسرائيل عام 1950، فحيثما نسير تتبعنا أوروبا، وهناك حاجة ماسة لفعل هذا. فقد قال جون كيري، وزير الخارجية الأميركي في نيسان/ إبريل أنه تبقى لنا عامان لحل النزاع. وفي ظل دوامة العنف المستمرة ومنعه فلن يوقفه بل سيعود مرة أخرى إن لم نفعل شيئا. فالاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية المرافق لإغلاق غزة يعني أن الوقت ليس في صالحنا لتحقيق حل الدولتين".
ويتساءل الدبلوماسي البريطاني "لماذا بريطانيا، قد تسأل؟ حسنا لأننا جزء من تاريخ هذا النزاع، فنحن من أصدرنا وعد بلفور، وكنا الإدارة الانتدابية على فلسطين في الفترة ما بين 1920 -1948، وفي ظل الانتداب تحملنا "الأمانة الحضارية المقدسة"؛ لتعزيز رفاه الفلسطينيين وقيادتهم نحو الاستقلال".
ويضيف فين إلى أن بريطانيا اليوم هي مساهم مهم في دعم السلطة الوطنية الفلسطينية، وللأنروا وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن الوفاء باحتياجات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والاردن ولبنان وسوريا التي مزقتها الحرب. "وللمرة الثالثة في عقد من الزمان ستسهم بريطانيا في إعمار غزة، وعندما نختار فقرارنا يترك أثرا على الاتحاد الأوروبي وفي الأمم المتحدة".
ويقول "الآن عندما يكون حل الدولتين - وهو الحل الأسلم- في خطر، فعلينا تأكيد التزاماتنا لما هو حق وعدل لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، فكلاهما يستحقان الأمن، فدولة واحدة كنتيجة ليست حلا، وتعني تمييزا جديدا في ظل نظام يشبه نظام الفصل العنصري وعنفا أكثر ولكن من دون مخرج".
ويعتقد أن اعترافا متبادلا بفلسطين هو منحة لبريطانيا أيضا، فبريطانيا تعترف بالدول لا بالحكومات، وعليه فلن تكون مقيدة بحزب سياسي فلسطيني معين. في عام 2011 لاحظت بريطانيا في الأمم المتحدة أن "السلطة الوطنية الفلسطينية قد تطورت بنجاح وكفاءة لإدارة دولة ديمقراطية وتتمتع بالسلام، وتقوم على حكم القانون والنظام وتعيش بسلام مع إسرائيل، وأوفى الفلسطينيون بالشروط القانونية والمعايير التقنية التي تمنحهم عضوية في الأمم المتحدة، بما في ذلك كدولة في ظل ما يسمح به الاحتلال".
إن الاعتراف بفلسطين يمثل خطوة سياسية، والتي قامت بها 134 دولة عضو في الأمم المتحدة من بين 193 دولة. وتنتظر بريطانيا "اللحظة التي نختارها عندما يمكنها المساعدة على تحقيق
السلام" وقد جاءت هذه اللحظة كما يقول فين.
ويضيف أن محاولة بريطانيا، التي تتمتع بحق الفيتو في مجلس الأمن، الامتناع عن التصويت تعتبر "تحللا من المسؤولية"، و"إذا قررنا التصرف بحزم فسنغير الدينامية في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة"، و"بالتأكيد فسيعمل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على تأكيد سياستنا الحالية، فنحن نؤمن بحق الفلسطيني الطبيعي في تقرير مصيره، فيما تعترف الدول العربية / الإسلامية بوجود إسرائيل كما نصت المبادرة السعودية في عام 2002، كما ستحدد الدولتان الحدود بينهما بناء على حدود عام 1967، واتفاق متبادل لتبادل الأراضي متساوية المساحة والقيمة، ويتم نزع سلاح غزة مثل بقية فلسطين، تمهيدا لربطها بالضفة الغربية، والتشارك في القدس عاصمة للبلدين، وكما سيتم التوافق على حل عادل للاجئين الفلسطينيين".
وأكثر من هذا "تقوم سياسة بريطانيا على ضمان الولايات المتحدة / الناتو أمن الدولتين، بعد انسحاب يتم على مراحل للقوات الإسرائيلية من فلسطين، وستقوم المحادثات بناء على صيغة "لا غالب ولا مغلوب، وستعمل الولايات المتحدة على تضمين هذه السياسة في قرار يتم التوافق عليه بالإجماع في مجلس الأمن.
ويستدرك فين " لكن مع قرب موعد الانتخابات النصفية فهل ستكون الولايات المتحدة قادرة على تأكيد الإجماع الدولي؟ مما يعني أن المهمة تقع على كاهلنا" .
ويقول "ماذا نطلب من الفلسطينيين؟" نطلب منهم "الالتزام بسياسة الرئيس عباس في المقاومة الشعبية- اللاعنف، وتعاون أمني كامل مع إسرائيل في كل أراضي فلسطين، إضافة لانتخابات مبكرة وحرة. ونطلب من إسرائيل احترام ميثاق جنيف، الذي وقعت عليه وقوانين حقوق الإنسان والقوانين الدولية".
ويرى السفير أن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيجدد إيمان الفلسطينيين بالحل السلمي، وليس طريق حماس، وأنه يقود لدولة تنشأ عبر الدبلوماسية والتعبيرات الديمقراطية وليس التدمير. وسيرى الإسرائيليون أننا نتعامل مع الشعبين بمساواة في مجال الكرامة والحقوق، كما وسيساعد الاعتراف على حماية إسرائيل من مشاكل حل الدولة الواحدة من خلال تأكيد دولة ثانية. وستكون مفاوضات السلام على قاعدة متساوية.
ويختم بالقول إن "الاعتراف بالدولة ليس كافيا لإنهاء الاحتلال؛ فمفاوضات قائمة على المساواة كفيلة بإنهائه، مع احترام للقانون الدولي الذي ساعدت بريطانيا على إنشائه وتلتزم به".