قضايا وآراء

الحكومة الفلسطينية تحت الرصد والمتابعة!

1300x600
ليس المهم أن تجتمع الحكومة الفلسطينية التوافقية برئاسة د. "رامي الحمد الله"، في قطاع غزة، وليس المهم أن يخرج الناس لابتداع طقوس احتفالية لقدوم أعضائها، كما دعت إليها حركات وجهات محلية مختلفة وعلى رأسها حركتي فتح وحماس، ولكن المهم هو برنامجها الذي اختطته لنفسها، وأولويات عملها، وهل هي قادرة على تنفيذ ما تقف عليه من قرارات ونشاطات بعيداً عن السلطتين العظيمتين في رام الله والقطاع؟ والأهم من ذلك كله، فيما إذا كان بمقدورها بسط العدالة بأشكالها على كافة المناطق الفلسطينية شمالاً وجنوباً؟ فمجرد الاجتماع سهل، وإعداد الترتيبات الاحتفالية
سهل أيضاً، سيما بعد الموافقة الإسرائيلية على الحضور وعلى عقد الاجتماع كذلك.

بقدر ما يُعوّل على هذه النقلة في شأن المصالحة الوطنية، - وهي جيّدة-، في أعقاب شعور طبقات مختلفة من الفلسطينيين، بأن هذه الحكومة تمثّل شطري الوطن شعباً وسياسة، ولبيان جدّيّتها وحسن نواياها بالقرب من حماس، ولإشعار الناس بالطمأنينة بأن الانقسام قد ولىّ والحروب ليست في الوارد، وللمساهمة في إعادة إعمار القطاع، وإيجاد الحلول للمشكلات التي يعانيها الأهالي، إلاّ أن هناك من يقلل من شأن أن تكون الحكومة فاعلة، وذات نشاطات ناجحة، وبغض النظر عن أن هناك تقلبات وزارية آتية، فإن نشاطاتها في اعتقادهم، ستكون داخل دائرة من الألغام، وتحت رصدٍ مباشر لثلاث جهات، الواحدة منها أصعب من الأخرى، وهي: فلسطينية (فتح- حماس)، وإسرائيلية، ودولية غربية على التوالي، سيما وأن نشاط الحكومة سيكون محدوداً، بسبب علمها بأن أمامها محاذير مختلفة ومعقّدة، لا يمكنها الاشتغال بها ولا بأي حال ومهما بلغت الأعذار، وكأن هناك حكومتي ظل في رام الله والقطاع لا زالتا تتربعان على سدة الحكم. 

ففي نظر حركة فتح أن اجتماعها هنا هو، لإعطاء حماس صورة لا لُبس فيها، بأن دورها في حكم القطاع قد انتهى منذ الآن فصاعداً، وأن عودة السلطة الفلسطينية إليه بصورة شاملة أصبحت ضروريّة، وبالمقابل بات في نظر حماس أن اجتماع الحكومة بين يديها، هو مقدمة لتسمين دورها على الساحة الفلسطينية، وتعظيم فرصتها لإزالة الأعباء السياسية والمالية التي عانتها خلال الفترة الماضية، ومن ناحية أخرى لإبعاد الحكومة وللأخذ عليها فيما إذا كانت تنضح بأفكار وسياسات رام الله.  

كما أنها - الحكومة- تعي جيّداً كيف ولماذا أقدم الإسرائيليون الذين وافقوا على مضض على عقد الاجتماع في مركز العرين الحمساوي، على الأقل، لضغوطات أمريكية ولتشاهد ما سيسفر عنه الاجتماع من قرارات أو أعمال، لجانب أو ضد التطلعات الإسرائيلية الأمنية والسياسية، بهدف البناء عليها في المستقبل.

 كما أن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، كانت اشترطت للتعامل معها، على أساس بيان مدى قوّتها على الأرض وتطبيقها لحكمها في القطاع وبما يتماشى مع الرؤى التابعة لها في شأن متطلبات السلام أولاً، وبما يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة ثانياً.

وبالنظر إلى جملة الأمور، فإن اجتماع الحكومة، لن يكون وردياً تماماً، ومن ناحية أخرى ستُؤلف الكثير من التخوفات حول سلامتها، من أن تكون قادرة على احتواء الكل الفلسطيني، ليمضي قدماً بقاطرة الوحدة وإنهاء الانقسام، أو أن تتجاوز التصيّدات الإسرائيليّة بحيث يكون قبولاً لديها في المستقبل، أو تنجح في كسب الرضا الغربي للحصول على الدعم والتأييد المناسبين، سواء بشأن العلاقات - صراعية أو سياسية- أو بشأن قضايا اقتصادية متعلقة بعمليات الدعم والإعمار. 

وبرغم ما تقدم، فإن هناك آمالاً معقودة لدى الكثيرين في أن تُظهر الحكومة قوّتها على نطاقٍ واسع، وخاصة في اجتماعها الأول داخل القطاع، وعلى مبدأ (القومة القوية)، والتي تقضي بضرورة تحقيق نجاحات على الأرض ودون الالتفات لأحد، تجبرنا كفلسطينيين على النهوض أمامها، وعلى الإكثار من الدعوات لأجلها، وقد كانت مواقف مهمّة لـ "الحمد الله"، قبل أن يساعد في القبول بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة أول مرة، خلفاً لرئيس الوزراء "سلام فياض"في حزيران/ يونيو 2013، ومواقف أخرى في المرة الثانية وقت تشكيل حكومة الوفاق الحالية في أواخر أيار/ مايو الماضي، حيث اعتُبرت أساساً لقاعدة مهمّة وركيزة رئيسة، أعطته الصفة اللازمة، التي يستطيع خلالها ممارسة العمل، لكن وعلى الرغم ممّا تقدم، فإنه يجدر بنا أن لا نبدأ بالتصفيق قبل مولد الصبي، على أنه سيزداد حتماً عند شعورنا بأن هناك إنجازات تتحقق.