ملفات وتقارير

وفاة ثلاثة طلاب بمصر والوزارة: "قدر ومكتوب علينا"

يرفض وزير التربية الاستقالة - أ ف ب
يعرف الجميع في مصر أن التعليم في البلاد يعاني من تدهور شديد، وهو أيضا ما أكدته التقارير الدولية التي صنفت مصر كأسوأ دولة على مستوى العالم في مجال التعليم الأساسي.

لكن تدهور حال المدارس لم يتوقف عند مستوى الفشل في تعليم الطلاب معارف وعلوما مفيدة، بل تحولت تلك المدارس إلى أماكن لقتل التلاميذ جراء الإهمال الشديد الذي استشرى فيها شأنها شأن كل القطاعات الحكومية في البلاد، إذ شهدت المدارس الحكومية المصرية ثلاث حالات وفاة لتلاميذ في الصفوف الابتدائية، بوسائل مختلفة، خلال الأسبوعين الأخيرين فقط.

وتصاعدت الانتقادات في مصر للحكومة وخاصة وزارة التعليم عقب مصرع التلاميذ خلال عدة أيام، حيث لقى الطفل "يوسف" مصرعه في مدرسة بالمطرية التابعة لمحافظة القاهرة بعد سقوط زجاج نافذة فصله الدراسي على رقبته، وبعده بأسبوع توفي طفل آخر يدعى "يوسف" –أيضا- بمدرسة بمحافظة مرسى مطروح إثر سقوط باب المدرسة عليه، وأخيرا، لقي التلميذ "أدهم" مصرعه بمدرسة بـ"أطفيح" التابعة لمحافظة الجيزة بعد أن دهسته سيارة التغذية المدرسية داخل حرم المدرسة، وأصيب في نفس الحادث طفل آخر يعاني الآن من إصابات خطيرة.

مسئوليات متعددة

وفي كل حادثة مثل تلك، تحاول كل جهة حكومية الإفلات من المسئولية، وتضيع دماء التلاميذ هدرا في تبادل الاتهامات بين جهات حكومية مثل وزارة التعليم ووزارة المالية والمحافظين المختلفين، وكل منهم يدعي أن الآخرين هم المقصرون في أداء وظائفهم.

فمن ناحيته، أعلن محمود أبو النصر وزير التعليم تشكيل لجنة بكل مدرسة للكشف على الصيانة التي تحتاجها، كما تم التنسيق مع هيئة الأبنية التعليمية لمراجعة "الوضع الأمني" للمدرسة.

واشتكى أبو النصر من أن مسئوليات الوزارة متعددة، حيث تقوم برعاية 18.5 مليون تلميذ ومليون ونصف معلم، لافتا إلى أن أي تغيير يحتاج إلى وقت طويل حتى يؤتي ثماره.

وأكد أن الوزارة تواجه تحديات عديدة وهى في طريقها إلى إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية، متعهدا بإجراء تحقيق فوري في الشكاوى الواردة للوزارة والقضاء على أي مخالفات. 

وتتبع وزارة التعليم في مصر هيئة تدعى "هيئة الأبنية التعليمية" تقدر ميزانيتها السنوية بمليارات الجنيهات، وهي المسئولة عن بناء وصيانة وترميم المدارس، لكن مراقبين يتهمونها بوجود فساد كبير داخلها لنهب الأموال المخصصة لها.

حوادث أخرى في الطريق

وقال "عبد الناصر إسماعيل" رئيس اتحاد العلمين المصريين، إن تزايد حالات قتل التلاميذ داخل المدارس سببه عدم وجود صيانة حقيقية للمدارس، مشيرا أن هيئة الأبنية التابعة للوزارة أكدت من قبل وجود 694 مدرسة تحتاج أسوارها إلى صيانة وتجديد، ولم تنجز منها سوى 3 مدارس فقط ما يعني أن هناك 691 مدرسة يمكن أن يسقط سورها في أي وقت على التلاميذ ويسبب كارثة جديدة.

وأكد أحمد الأشقر منسق الجبهة الحرة لنقابة المهن التعليمية أن الوزارة تتعمد إهمال المدارس الحكومية، التي أصبحت عبئا عليها بسبب كثرة نفقاتها، مشيرا إلى أنه لا توجد أي محاسبة للمسئولين المتسببين في أي حادث رغم تكرار الوقائع، وتوجيه أصابع الاتهام فقط إلى الموظفين والعمال البسطاء.

من جانبها، طالبت عزة العشماوى الأمين العام للمجلس القومي للأمومة والطفولة، بوضع حد لحوادث مقتل الأطفال في المدارس عبر تحرك سريع من جانب وزارة التعليم. 

واقترحت "العشماوي" -في تصريحات صحفية- تشكيل لجان شعبية لحماية التلاميذ تقوم برصد عوامل الخطورة المحيطة بالمدارس مثل بالوعات الصرف الصحي أو الكلاب الضالة أو تهالك أسوار المدرسة، على أن تقوم تلك اللجان بتقديم الإغاثة العاجلة للأطفال في حالة وقوع أي حادث.
 
قدر كتبه الله علينا

وتزايد المطالبات للوزير بالاستقالة، حيث طالبت نقابة المعلمين المستقلة وزير التعليم بالاستقالة من منصبه فورا، واتهمته بالإهمال في معالجة الأسباب الحقيقية التي نتج عنها حوادث الطلبة في المدارس أو اعتداءات أولياء الأمور على المدرسين والمدارس.

وأكدت النقابة في بيان لها -تلقت "عربي21" نسخة منه- أن الوزير يبحث في كل كارثة عمن يحمله المسئولية، بدلا من حل المشكلة من جذورها.

كما شنت وسائل الإعلام هجوما حادا على الحكومة وطالبت وزير التعليم بالاستقالة.

وانتقدت الإعلامية لميس الحديدي تصريح الوزير الذي قال فيه إنه يشعر بالأسى لوفاة أطفال المدارس، وطالبته بتقديم استقالته انطلاقا من مسئوليه السياسية.

لكن هاني كمال المتحدث باسم الوزارة نفى ما تردد حول نية الوزير تقديم استقالته بسبب تكرار حوادث وفاة التلاميذ بالمدارس.

وقال "كمال" في مداخلة هاتفية مع قناة التحرير الفضائية مساء الثلاثاء إن الاستقالة لن تحل الأزمة، مضيفا أن "استقالة الوزير في هذا التوقيت تشبه الجندي الذي ينسحب من ميدان القتال أثناء المعركة".

واختتم تصريحاته بجملة، أوضحت ما ينتظر تلاميذ في المستقبل حيث قال إن "الأحداث التي أدت إلى وفاة عدد من الطلاب، خلال الفترة الماضية، هي أحداث قدرية كتبها الله علينا".