كتاب عربي 21

جمهورية «فايزة» العربية

1300x600
1-

يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتمامه بتمكين الشباب لذلك اختار بنت الـ63 عامًا لتكون إلى جواره، يشدد الرئيس على انتمائه للثورة وضمانه عدم عودة رموز نظام مبارك لذلك جاء بمسؤولة تسويق نظام مبارك وتبييض وجهه في الخارج إلى قصر الرئاسة، يؤمن الرئيس بأن الشخص المناسب يجب أن يكون في المكان المناسب لذلك عيّن «سفيرة سابقة» مستشارة لشؤون الأمن القومي!
يومًا ما سيكشف التاريخ عن القدرات الخارقة التي تتمتع بها فايزة أبو النجا، أو السيديهات التي تملكها.

2-

«هي الوزارة المسؤولة عن إبرام اتفاقيات القروض والمنح مع شركاء مصر في التنمية لتمويل المشروعات التنموية في جمهورية مصر العربية».

تتمتع الحكومات المصرية بالحياء الشديد، لذلك بحثت كثيرا عن بديل لكلمة «التسول» وتوصلت إلى مرادف لطيف: «التعاون الدولي».

اختيار وزيرة التعاون الدولي السابقة لتتولى منصب مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي يعني أن فايزة أبو النجا عملت في جهاز أمني ما خلال حياتها الطويلة، أو أن التسول بالنسبة للنظام الجديد مسألة أمن قومي.

3-

هل فايزة أبو النجا وزيرة ناجحة؟

الاسم الكامل للوزارة التي تولتها «أبو النجا» لنحو 11 عامًا هو «التخطيط والتعاون الدولي»، ونظرة واحدة لحال البلد الآن تجعلك تستنتج فورًا كفاءة المسؤول عن ملف التخطيط آخر 13 عامًا، وحلقة واحدة تسمعها من أي إعلامي محسوب على نظام السيسي الآن تجعلك تدرك حجم المؤامرة التي تعرض لها مبارك من دول خارجية كانت وزيرة التعاون الدولي مسؤولة عن تحسين صورته وتسويق سياساته لديها.

حتى مهمة الحصول على المنح والقروض من «الشركاء» لم تحقق فيها فايزة أبو النجا نجاحات مبهرة، وربما يفوق حجم المنح والقروض التي حصلت عليها مصر من دول الخليج بعد تركها المنصب، إجمالي المنح والقروض التي حصلت عليها طوال فترة تواجدها في الحكومة.

4-

اختيار عبد الفتاح السيسي فايزة أبو النجا لهذا المنصب يستدعي تخوفًا يفوق بمراحل القلق من عودة النظام القديم أو استمرار سياسة الاعتماد على كبار السن، لأن هذا الاختيار تكريس لسياسة التسول والاعتماد على المعونات والمنح والقروض وتأكيد على استمرار حملات الملاحقة والتنكيل بالنشطاء ومنظمات المجتمع المدني التي يعتقد النظام الجديد أنها كانت سببا مباشرا في اشتعال ثورة يناير.
ترى في الأمر بعض المبالغة؟ تعال نحسبها.

المؤهلان الأبرز في السيرة الذاتية للوزيرة السابقة أحدهما يتعلق بتصديرها كفاءة عالية في استقطاب المعونات والمساعدات، وخبرتها في التعامل مع المؤسسات الدولية المانحة، إضافة إلى علاقاتها الجيدة بمسؤولي الدول الأفريقية.

الكلام السابق يردده دوما الدكتور كمال الجنزوري الذي يبدو أنه دعم «أبو النجا» لدى القصر الرئاسي، لا سيما أن التعيين جاء بعد ساعات من تصريحات أدلى بها الجنزوري نفسه فهمها الكثيرون على أنها تشي بعزمه خوض انتخابات مجلس النواب المقبلة من أجل الفوز برئاسة المجلس.

إذن فالقدرة على جذب المساعدات عنصر أساسي في الاختيار بما يعني أن الرئيس الذي جاء بخطاب يتحدث عن استقلال القرار الوطني والاعتماد على المشروعات القومية سيلجأ إلى الاستدانة والاعتماد على دول أخرى في تنفيذ هذه المشروعات، بل وحتى في تنفيذ المشروعات الخدمية، وإذا ربطت ذلك بزيارات المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين الأخيرة لمصر ستدرك أن هناك رغبة من جانب النظام في إذابة جبال الجليد مع الغرب ومن ثم الفوز بمعوناته.

المؤهل الثاني لفايزة أبو النجا هو المعركة التي خاضتها ضد منظمات المجتمع المدني وتسبقها قضية التمويل الأجنبي قبل عامين وهي القضية التي أعلنت من خلالها الدولة الحرب على هذه المنظمات لاعتقادها الأكيد أن تسليط الضوء على الانتهاكات يهدد الأمن القومي أكثر من الانتهاكات نفسها، صحيح أن الدولة التي لا تركع سلمت المتهمين الأجانب إلى دولهم بغطاء قضائي فيما بعد، لكنها حبست المتهمين المصريين في القضية وبعثت برسالة إلى المنظمات الأجنبية تلقفتها هذه المنظمات وأغلق الكثير منها مكاتبها في مصر.

الآن يبدو أن السيسي يمتلك نفس القناعة، ويبدو أنه يخطط لحملة جديدة على المجتمع المدني بتعيين بطلة القضية الأولى مستشارة له لشؤون الأمن القومي، ولو يدل هذا كله على شيء فهو دليل على توتر النظام وخوفه مما هو قادم، لكن الأكيد المتوتر الخائف لا يتخذ قرارا صائبا، فلو حمت فايزة أبو النجا مبارك من السقوط ربما كنا نصدق أنها ستحمي خليفته.