سياسة عربية

"شفاء الصدور".. الدلالات النفسية لفيلم رعب بتقنية "HD"

الطيار الكساسبة في مقطع من فلم شفاء الصدور -يوتيوب
سجل تنظيم الدولة الإسلامية اسمه في نادي محترفي صناعة أفلام الرعب بتقنية الـ (HD) و (3D) بتصويره إعدام الرهائن والمعارضين له بطرق تتراوح بين قطع الرأس والحرق والرمي من على مرتفع مستخدما تقنيات تلفزيونية متطورة ظهرت جلية في سلسلة أفلام "صليل الصورام" وفيلم "شفاء الصدور".

ولا تملك إلا أن تحبس أنفاسك من الدقيقة الأولى وحتى الدقيقة الثالثة والعشرين لدى مشاهدتك لفيلم "شفاء الصدور" الذي يعدم فيه تنظيم الدولة الإسلامية الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا وهو على قيد الحياة.
 
فيلم بالرغم من قصر مدته إلا أنه حمل دلالات نفسية ورسائل سياسية حسب خبراء علم الاجتماع والنفس من خلال تقنيات وإخراج سينمائي لبث الرعب للمتلقي عبر استخدام أدوات المرئي والمسموع الحديثة.
 
خبير علم الاجتماع والنفس الدكتور حسين الخزاعي قرأ تفاصيل شخصية أبطال فيلم "شفاء الصدور" وبدأ بالجلاد التي تشير شخصيته إلى"شخصية سادية وحشية، تتلذذ في تعذيب الآخرين وترويعهم، كما تشير إلى قيادة مزيغة تعيش في شخصيات  مضطربة".

و تكشف الصور للخزاعي أن شخصية الجلاد هي "شخصية غير عقلانية لا تعرف لغة الحوار والتسامح ولا تعير اهتماما للقيم الإنسانية" .
 
وأخرج التنظيم مشهد إعدام الطيار بطريقة درامية منذ لحظة تجوله بين أنقاض موقع الإعدام الذي قصفته قوات التحالف سابقا حتى لحظة إعدامه حرقا التي سبقها حركات جسدية للطيار توحي بنوع من الندم على قصف هذا الموقع، وهو أمر يرجح الخبراء أنه جاء ضمن إملاءات مخرج تلفزيوني صور الفيلم.

 ورأى دكتور علم الاجتماع في حديث لـ"عربي 21" أن صورة الطيار معاذ الكساسبة وهو واقف داخل القفص كانت تؤشر "لشموخ واعتزاز بالنفس وتمسك بالكرامة ومسلما بقضاء الله وقدره، لم تظهر عليه علامات الإرباك والاضطراب والخوف.. لغة جسد معاذ كانت طبيعية لم تظهر عليه علامات الذعر، لم يرمش كثيرا ولم ترتجف قدماه، استطاع الوقوف لم يتسارع نفسه، رأسه مستو ومستقيم كان ثابتا لم يتوسل للإبقاء على حياته بالرغم من معرفة مصيره".
 
 لم يخل إنتاج الفيلم سينمائيا من رسائل أيضا، يرجح المخرج التلفزيوني والسينمائي أحمد الرمحي في حديث لـ"عربي 21" أن المدة الزمنية التي استغرقها إنتاج الفيلم هي ما بين 20 - 30 يوما، مرجحا أن يكون هذا سبب تأخير إعلان إعدام الأسير الكساسبة.

ورأى المخرج من خلال تحليل الفيديو أن تنظيم الدولة "استخدم 5 كاميرات تقريبا من زوايا مختلفة، وقد طلب من الأسير بالإكراه أن يقوم بالتمثيل، حيث طلب منه أن يلقي نظره على المقاتلين وتوزيع النظر ببطء في المكان".

وقال الرمحي إن "الفيلم يوحي بحرفية عالية في صناعته، حيث اعتمد في جزئه الأول على عرض لقطات أرشيفية للعاهل الأردني ولقاءاته ونلاحظ أن الأرشيف غير مسروق أو مسجل من قنوات حيث لا توجد شعارات أو شارات على زوايا الشاشة أي أنه تم شراؤه من وكالات أنباء".

وقدر الخبير وجود تخطيط وكلفة إنتاجية، حيث تم تجهيز الموقع بدقة وتجهيز الديكور بعناية فكان السجن "القفص" والجرافة ونشارة الخشب والمشعل والزي البرتقالي وزي موحد للمقاتلين على غير عادتهم.
 
وتميز التنظيم بقدرة عالية على استخدام التقنيات الحديثة وصلت إلى إنتاج العاب فيديو بتقنية 3D وأطلق عليها اسم "صليل الصوارم" وتمر مراحل لعبة "صليل الصوارم"، التي يبدو أنها نسخة عن اللعبة المعروفة "غراند ثيفت أوتو 5" Grand Theft Auto 5، بمهاجمة الجيش العراقي ثم القوات الأميركية.
 
كما يسعى التنظيم لإطلاق فضائية تبث عبر الإنترنت بجودة عالية بعد امتلاكه لكافة المهارات اللازمة لذلك.

وبين المخرج الرمحي أن "كلفة إنتاج الأفلام القصيرة باتت منخفضة خصوصا مع قدرة تنظيم الدولة المالية الكبيرة، فبإمكانك امتلاك كاميرات عالية الجودة بمبلغ 3000 آلاف دولار ووحدة مونتاج بقيمة 2000 دولار وبإمكانك شراء موسيقى (لا يستخدمها التنظيم ويستبلها بإيقاعات صوتية) وأرشيف عبر النت".

بالإضافة إلى إمكانك "شراء قوالب جرافيك شبه جاهزة، ولكن تبقى الحاجة إلى المحترف الذي يستطيع توظيف تلك الأدوات وهذا ما ميز فريق مؤسسة الفرقان التي انتجت فيلم شفاء الصدور".

أما عن الأسلوب الإخراجي، لفت الرمحي إلى أنه "تم اختيار زوايا منخفضة للكاميرا عند تصوير المقاتلين لتعظيمهم، بينما كان تصوير الكساسبة من زاوية عالية لتصغيره والتحقير،كما استخدم التصوير البطئ الذي يستخدم عادة لشد الانتباه ولترك الصورة السينمائية راسخة في الذاكرة وهذا ما نجحوا فيه".
 
وأضاف المخرج أن الفيلم نشر بعدة لغات وترجمات، فكانت نسخة انجليزية وفرنسية، لإيصال رسائل رعب لعدة دول.

ونشر التنظيم صورا لطيارين آخرين ومواقع تقريبية لمنازلهم، ويبدو أن الصور أخذت بعد إجبار الكساسبة على فتح موقعه على الفيسبوك ليتم إجباره على تحديد مواقع منازلهم على خرائط جوجل أو عبر الفيسبوك نفسه الذي يقدم هذه الخدمة بحسب رغبة صاحب الصفحة.

 الجدير بالذكر، أن تنظيم الدولة يملك الآن إذاعة تدعى "البيان" وتبثّ من مدينة الموصل في شمال العراق.