في إقليم يونان
الصيني الذي يعد من أكبر منتجي التبغ، يجري
التدخين في المطاعم والمكاتب وسيارات الأجرة، وحتى في المستشفيات، وباتت هذه العادة تشكل تحديا كبيرا في الصين أكبر منتجي التبغ ومستهلكيه.
يعمل ياو شينغانغ في ورشة عمل، وهو ينتهز فترة الاستراحة لتدخين غليون مائي تقليدي يعرف بالبونغ، شائع الاستخدام في جنوب غرب البلاد حيث يصنع عادة من خشب الخيزران.
وقال العامل الذي يدخن ما يوازي علبتي
سجائر في اليوم الواحد: "إنه أقل ضررا بالصحة، إذ إن الدخان يصفى في المياه داخل الأنبوب".
ولم يعد تدخين الغليون الرائج في أوساط الأقليات الإثنية شائعا كالسابق، وباتت السجائر المعقولة الكلفة رائجة في المنطقة.
وقال زهانغ جي وهو يدخن سيجارة على مكتبه: "الكثيرون يدخنون هنا والأمر مرتبط بالاقتصاد، فكثيرة هي مجموعات التبغ التي لديها مراكز في المنطقة".
ويشتري هذا الخبير في التجارة الذي يعيش في مدينة باوشان علبة سجائر في مقابل 10 يوان (1.5 يورو). وهو يشدد على أن التدخين "يعود بالنفع على الاقتصاد ويزيد من مداخيل الريفيين".
وتدخن أكثر من ثلث السجائر المصنعة في العالم في الصين وحدها. وتضم البلاد أكثر من 300 مليون مدخن، أغلبيتهم من الرجال. وفي العام 2010، كان أكثر من رجل واحد من بين اثنين مدمنا على التبغ، بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية.
ويتسبب التدخين في الصين بوفاة شخص واحد كل 30 ثانية، وتقدر كلفته على الصعيد الوطني بمليارات اليوروهات.
في المقابل، فإن الدولة تجني 7% من عائداتها من صناعة التبغ التي درت عليها العام الماضي 911 مليار يوان (135 مليار يورو). وارتفعت عائدات هذا القطاع بمعدل 12% في السنة الواحدة.
وتعد الشركة الحكومية "تشاينا ناشونال توباكو كوربورايشن" (سي أن تي سي) أول مصنع عالمي للتبغ بلا منازع، مع إنتاج يتخطى بثلاث مرات إنتاج أكبر منافسة لها "فيليب موريس".
وتتمتع هذه الشركة بنفوذ كبير وهي تحتكر تقريبا السوق الصينية. وكان رقم أعمالها في العام 2012 يساوي 170 مليار دولار، أي أكثر من رقم أعمال مجموعة "آبل".
وبناء على ما سبق، فإنه ليس من المستغرب أن يكون مبتكر السيجارة الإلكترونية، وهو الصيني هون ليك، قد واجه صعوبات جمة عند تسويق منتجه في بلاده. وتعد السجائر الإلكترونية نادرة في الصين.
وقد حددت منظمة الصحة العالمية هدفا عالميا يقضي بتخفيض التدخين بنسبة 30% بحلول العام 2025. وفي حال استمر الوضع على هذا المنوال في الصين، فلن تتمكن المنظمة الأممية من تحقيق هدفها.
وفي بلد تعرض فيه إعلانات في المدارس تفيد بأن التدخين "يساعد على التركيز"، لا شك في أن مكافحة الأفكار السائدة ستستغرق وقتا طويلا.
وقد أظهرت التجربة أن رفع أسعار السجائر هي الوسيلة الأكثر فعالية للتخفيض من الاستهلاك. وقد أدرج هذا التدبير في قلب التدابير التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية في الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ سنة 2005.
وأوصت المنطمة بأن يكون 70% من سعر السيجارة بالتجزئة ضمن الضرائب غير المباشرة.
وصدقت الصين على هذه الاتفاقية، لكن مسؤولين كثيرين يتخوفون من التداعيات الاجتماعية لزيادة أسعار السجائر بشدة، لافتين إلى أنها ستلقي بظلالها في المقام الأول على الفقراء الذين ينفقون قسما كبيرا من مداخيلهم على التبغ.
ويدحض الخبراء هذه الفرضية مشددين على المنافع المالية والصحية المتـأتية من تراجع استهلاك التبغ.
وأظهرت دراسة دولية نشرت في مجلة "ذي لانست" في آذار/ مارس، أنه من شأن زيادة سعر التبغ بنسبة 50% في الصين من خلال فرض ضرائب غير مباشرة، أن تجعل السكان يكسبون 231 مليون سنة عيش في خلال 50 عاما.
ومن المفترض أن يدخل قانون طموح لمكافحة التدخين حيز التنفيذ في بكين في حزيران/ يونيو، وذلك في العاصمة الصينية لا غير. وهو ينص، في جملة بنوده على الحظر التام للإعلانات ولبيع التبغ على الإنترنت للقاصرين. كما أنه يمنع التدخين في باحات المدارس والمراكز الرياضية والمستشفيات المخصصة للنساء والأطفال.
ومن شأن تطبيق هذا القانون أن يعكس مدى التزام السلطات بتدابير مكافحة التدخين، بعد عدة تعهدات لم تف بها.