كتاب عربي 21

السيسي .. الألوهية وحدها لا تكفي

1300x600
ثم جاء السيسي، وأخبرنا، بحسن نية، أنه ما جاء إلا لينقذ مصر، يحمل الخلاص، من اتبعه فهو من المصريين، ومن ضل عن سبيله فهو من من الخونة الضالين، مصحف، في يمينه، وإنجيل في شماله، السماء أرسلته، ومعه محمد إبراهيم، كما أخبرنا "ألهلالي"، والأنبياء والصديقين، والصالحين، جاءونا في مناماتنا لتأييده ومبايعته، كما أخبرنا "علي جمعة"، قل نعم، على كل شيء يردده السيسي، أو يشير إليه، نعم، فـ نعم تزيل النقم، هكذا أخبرنا واحد اسمه تواضروس.

المهم، جاء السيسي وعلى طرف بندقيته مفاتيح الجنة، وأيده العلمانيون، والليبراليون، وأنصار الدولة المدنية، كما أيده ياسر برهامي وحزب النور، وجمع من أصحاب اللحى والشعارات الدينية، كل قد آمن، وللكافرين عذاب أليم.

أخبرنا أنه جاء بالنية الحسنة، كل مقومات تصديقه من وجهة نظره كان أنه أهل للتصديق والثقة، سألته المذيعة الأمنجية "لميس"، عن احتمالات تطبيخ الانتخابات، وتزويرها لصالحه، ذلك لأنه هو نفسه الجهة التي تدعو للانتخابات، وتدبج قوانينها، وتشرف عليها، وتترشح لها، ثم تفوز بها، فأجاب بأنه لا يصح أن يتصور أحد أنه مزور، هكذا دون ضمانات، أو إشراف لجهات رقابية متخصصة ومحل اعتبار، لا شيء سوى حسن النية، الضمان من جنس المنتج، وللكافرين كما قلت لك عذاب أليم، يصل أحيانا إلى حد الموت.

طيب، لن أترشح، سأترشح، لن أترك التاريخ، لا يهم التاريخ، عبد الناصر الجديد، رفع الدعم، وقانون الخدمة المدنية، الذي يضمن عبادة الموظفين له، وتسبيحهم بحد دولته آناء الليل وأطراف النهار، الرئيس المدني، وسط جنوده، أيدناه حفاظا على مدنية الدولة، وهو المسؤول أيضا عن دينها – كما أخبرنا بنفسه – في حواره مع مذيع بحمالات، والحاصل: لا يجوز في حق السيسي فهمه بمقاييس البشر، للآلهة مقاييس أخرى، منطق مختلف، قدرة، وجبروت، رحمة، وغموض، ذاك رجل يعلم الغيب، يشير إلى الإرهاب المحتمل، فيأتي من حيث لا ندري، له الأمر !!

الآن يخبرنا العسكري الأزرق بأنه لا مكان للنوايا الحسنة، فالدول لا تبنى عليها، تلك التي جاءت به أصلا، وصدقه على اعتبارها الملايين، وسلموا أنفسهم، وأموالهم، وضمائرهم، ووافقوا على السلب والنهب والقتل، وكل ما حاق بهم طوال عامين أسودين، يتجاوز معرفة الغيب، وكونه لا يسأل عما يفعل إلى أهمية التسليم بغير قيد ولا شرط، الأدهى: بغير قواعد، فإذا كانت رسل السماء تحمل أمارات التصديق، معجزات من لدن الله، فالسيسي لا يحمل شيئا، وليس معه شيء، ولم يعد بشيء، ولا يعرف شيء، عيل تايه، لا رؤية، ولا برنامج، ولا تصور، ولا حلول، ولا وعود نافذة، ولا خدمات، ولا صحة، ولا تعليم، ولا مواصلات، ولا أنابيب، ولا شيء على الإطلاق، أحمد موسى، ومرتضى منصور، والأستاذ حسين الجسمي، ومع ذلك عليك أن تصدق، وللكافرين عذاب أليم، اسأل الحبيب علي الجفري سيخبرك.

الآن، يختار السيسي قوائم معارضيه، ليدخلهم إلى البرلمان تحت اسمه، يريد تعديل الدستور لئلا يكون على الناس سلطان سواه، لا رئيس وزراء عن طريق البرلمان، لا صلاحيات لأحد، وحدي لا شريك لي في الملك، يجري مناقشة قانون لمد أجل الرئيس إلى الأبد، حتى المستقبل، يريده له وحده، دون منافس محتمل، طويل العمر، سلطنة بورينجا، حتى مبارك لم يفعلها، كان ينصب بطرق أخرى، أقل بجاحة، يريد السيسي أن يحكم مصر إلى آخر يوم، معنا ما دام في القلب نبض، ادخلوها بسلام قاتلين، واخرجوا منها على ظهوركم سالبين ناهبين، والمجد للشعب، أي مجد؟ وأي شعب؟ مجد الإيمان، وشعب التسليم، وللكافرين عذاب أليم، واسأل الشيخ مظهر شاهين ..سيخبرك.

ذلك الإله الذي يقبض الأرواح، ويقتل السياح، ويصل إلى صدارة الحكم بغير كفاح، يريد الآن أن يترقى، مرحلة ما بعد الألوهية، يريد أن يختصر الوطن في ذاته، أن يؤمم الزمان والمكان، عيد ميلاده، عيد للأب المصري، عيد جلوسه، يوم عادت مصر، ويوم يموت يرحل بجسده ويظل روحا طاهرة، طائرة، حائرة، مثل نقطة الفرح، ذلك لأنه "المشير" .. ربنا يجعله "عامر".