صحافة دولية

لوفيغارو: كيف يمكن هزيمة تنظيم الدولة عسكريا؟

تحدثت الصحيفة عن عدم قدرة العمليات الجوية على هزيمة التنظيم دون تدخل بري - أرشيفية
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا حول التحركات العسكرية الروسية والغربية في سوريا، عرضت فيه مواطن ضعف الجهود الدولية الرامية للقضاء على تنظيم الدولة، وأكدت على أهمية التدخل البري من أجل تحقيق نتائج ملموسة، وانتقدت في الوقت ذاته مواقف الدول العربية التي قالت إنها تكتفي بالمشاهدة إزاء تمدد هذا التنظيم.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن التطورات الحاصلة خلال الأسابيع الأخيرة على عدة أصعدة، خاصة على الصعيدين العسكري والدبلوماسي، زادت من تعقيد المعادلة السياسية في منطقة الشام.

وقد أدى الضغط المتزايد الذي فرضه تنظيم الدولة من خلال سيطرته على الجبهة العراقية، في محور الرمادي والفلوجة، وتوسعه في منطقة تدمر السورية، وتزايد التهديد الذي يشكله هذا الكيان الجديد على دمشق والمناطق العلوية، إلى دخول هذه الحرب المستمرة منذ أربع سنوات والتي أدت إلى سقوط 250 ألف قتيل، في منعطف جديد.

واعتبر التقرير أن قوات بشار الأسد تتحمل مسؤولية كبرى في الصراع الدموي الدائر في البلاد، وما نتج عنه من تهجير عدد هائل من السوريين إلى خارج البلاد، وقد زادت أزمة المهاجرين من تعقيد معادلة الصراع الدائر في سوريا.

وقالت الصحيفة إن الاستهداف الفعال للمناطق الإستراتيجية الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة، يتطلب تنسيقا محكما بين قوات جوية وبرية من أجل القيام بضربات دقيقة ومؤثرة.

وقالت: "تجمع كل الأطراف المعنية بالملف السوري على أن تحقيق انتصار دائم على تنظيم الدولة، الذي يضم ما بين 30 و 80 ألف مقاتل، يتطلب وجود قوات برية على أرض المعركة". 

وذكر التقرير أن فكرة تشكيل قوات برية مشتركة لمجابهة التنظيم تواجه تحديات كبيرة، من بينها حدة الخلافات السياسية، والمدة الزمنية اللازمة لإعداد هذه القوات، حيث يتطلب تكوين هذه القوات، تدريب عناصر قتالية يتراوح عددها بين 40 ألفا و100 ألف مقاتل، وتوفير عربات وآليات مصفحة، وطائرات نفاثة وعمودية. وفي حال إقرارها، ستبلغ التكلفة اليومية لعملية الإعداد هذه 20 مليون يورو على الأقل.


وقالت الصحيفة إن رفع وتيرة العمليات الجوية يبدو أمرا مكلفا بعض الشيء، إلا أن اعتماد طائرات "إي-10" المخصصة للتحليق على ارتفاع منخفض، من أجل تدمير أكبر عدد ممكن من الآليات، واعتماد مقاتلات ضخمة من صنف "بي-52" أو "بي-2"، يمكن أن يسهل المهمة. لكن اعتماد هذا النوع من المقاتلات، يبدو مستبعدا حاليا، نظرا للأضرار التي قد يخلفها القصف على المدنيين السنة، الذين يمكن أن يقرروا مساندة تنظيم الدولة.

وذكر التقرير أن الأمريكيين نفذوا الجزء الأكبر من الضربات الجوية للتحالف الدولي على تنظيم الدولة، بنسبة 95 بالمائة من هذه الضربات. ولكن هذه الحرب تبدو مكلفة جدا، فقد تم إنفاق 3 مليارات دولار لاستعادة 10 في المئة فقط من الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم.

وأشار التقرير إلى أن موسكو تسعى لصياغة إستراتيجية عسكرية لمجابهة تنظيم الدولة، تختلف عن توجهات الدول الغربية، حيث تركز بالأساس على حماية سيطرة نظام بشار الأسد على المناطق الحيوية، وهي المدن الرئيسية القريبة من سواحل المتوسط.

وأورد التقرير معلومات تفيد بأن روسيا قد رفعت من مستوى وجودها العسكري البري في سوريا، ودعمها غير المحدود لنظام الأسد بالمعدات العسكرية، بعد أن كانت في وقت سابق قد قلصت عدد جنودها هناك من 800 إلى 400 جندي.

وتتمركز القوات الروسية في ميناء طرطوس، وفي قاعدة جوية جنوب اللاذقية أعيدت تهيئتها لتتمكن من استقبال المقاتلات الروسية والطائرات العمودية والطائرات بدون طيار.

واعتبرت الصحيفة أن الموقف العربي في سوريا لا يزال سلبيا جدا؛ لأن القوات العربية تعاني من غياب التناسق فيما بينها، كما أنها غير مؤهلة لخوض معارك في مناطق عمرانية آهلة بالمدنيين، إذا ما تم الأخذ بالحسبان حجم الآثار الجانبية المتوقعة للمعارك داخل المناطق السكنية.

وانتقد التقرير ضعف جاهزية أهم الجيوش العربية لخوض المعارك، حيث أن الصعوبات التي يواجهها الجيش المصري في سيناء، والخسائر التي تكبدها، والأضرار التي ألحقها بالسكان المدنيين، تعد خير دليل على عجز تلك القوات عن خوض معارك في مناطق آهلة بالسكان. كما لا يمكن الاعتماد حاليا على الجيش العراقي، الذي لا لا يزال يعاني من الهشاشة العسكرية والمعنوية، وكذلك الحال بالنسبة للجيش اللبناني.

وأوردت الصحيفة أن الرصيد البشري المحدود للجيش الأردني، يمنعه من المشاركة في تحالف ضد تنظيم الدولة، على الرغم من خبرته في الاضطلاع بمهام سرية، وخاصة عبر وحدة القوات الخاصة التابعة له. وبالتالي، تبدو الإمارات والمملكة السعودية القوتان الوحيدتان القادرتان على إسناد الحلف الجوي الدولي، ضد هذا التنظيم.

ورأت الصحيفة أن الوقت قد حان لتشارك القوات العربية في مهام عسكرية في المنطقة؛ لأن الفرصة تبدو مناسبة للتدرب واكتساب الخبرة في مواجهة الاضطرابات والأزمات التي يمكن أن تعصف بأمن المنطقة مستقبلا، كي لا تستمر هذه البلدان في التذرع بنقص الخبرة والتهرب من مواجهة التحديات التي تهدد أمنها، كما تقول الصحيفة.