تراجعت مصر بنقطة في مكافحة
الفساد، خلال عام 2015، بحسب تقويم المؤشر السنوي لمنظمة
الشفافية الدولية حول الفساد في العالم، الذي صدر الأربعاء، إذ إنهاسجلت 36 نقطة مقابل 37 نقطة، في العام الماضي، من أصل 100 درجة (!)
وتراجع ترتيب مصر على مؤشر مدركات الفساد، بمقدار 56 مركزا دوليا، إلى المركز رقم 88 على مستوى العالم، من بين 168 دولة، خلال العام نفسه، وذلك من المركز رقم 32 الذي احتلته في التقويم عامي 2012 و2013، اللذين حكم فيهما الرئيس محمد مرسي البلاد في النصف الأخير من العام الأول، والنصف الأول من العام الثاني.
وجاء ذلك على الرغم من أن مصر تقدمت على المؤشر ستة مراكز دولية، وتحديدا من المركز رقم 94 في عام 2014، إلى المركز 88، نتيجة تراجع عدد الدول الخاضعة للمؤشر، خلال عام 2015، إلى 168 دولة فقط، من أصل 175 دولة، وذلك تحت حكم رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، الذي تم تنصيبه في الثامن من حزيران/ يونيو عام 2014.
الأجهزة الأمنية تلغي المؤتمر
وفي غضون ذلك، استهجنت مؤسسة دراسات وبرامج النزاهة والشفافية لحقوق الإنسان، قيام أجهزة الأمن بإلغاء مؤتمرها الصحفي، الذي كان من المقرر عقده الأربعاء، بأحد فنادق الدقي، لإعلان مؤشر مدركات الفساد لهذا العام، فضلا عن مناقشة ما أثير حول تقرير رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، هشام جنينة.
وقال رئيس المؤسسة حجاج نائل، في تصريحات صحفية: "أبلغتنا إدارة الفندق أن الأمن ألغى المؤتمر، وعند التواصل مع قطاع الأمن الوطني بالجيزة لم يبد أي أحد سببا واضحا لمنع المؤتمر، واكتفوا بالقول إن ظروف البلاد لا تسمح بإقامته (!)
النزاهة: دليل عدم جدية المواجهة
ووصف نائل "موقف المنع" بأنه يؤكد عدم جدية الدولة في مكافحة الفساد، وأن الأمر لا يتعدى لديها تصريحات صحفية على مدار العامين الماضيين، حول مكافحة الفساد، مشيرا إلى أن الدولة لم تتخذ موقفا بشأن سن قوانين لمكافحة الفساد أو حول تداول المعلومات أو حماية الشهود والمبلغين أو محاسبة الفاسدين، وفق قوله.
وتابع بأن مساحة المجتمع المدني ضاقت بشكل غير معقول، وأيام مبارك كان فيه هامش عن الآن، ومكافحة الإرهاب لا تبرر القيود المفروضة على المجتمع المدني، مضيفا أن "الدولة تأخذنا لاتجاه مظلم".
ووصف بيان للمؤسسة "قرار الأجهزة الأمنية" بأنه ينطوي على انتهاك لحريات الرأي والتعبير، ويخالف الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وكذلك الدستور المصري.
واعتبرت المؤسسة أن هذا القرار مؤشر على عدم جدية الحكومة المصرية في مكافحة الفساد، كما أنه يشكل تناقضا صارخا مع تصريحات المسؤولين في الحكومة، وعلى رأسهم "رئيس الجمهورية" حول ضرورة مكافحة الفساد، كما أنه يشكل إنكارا كاملا لدور المجتمع المدني في مكافحة الفساد، وفق البيان.
السيسي: لن نسمح بأخذ جنيه واحد
وكان السيسي أكد في 13 أيلول/ سبتمبر الماضي أنه لا مجال للفساد، وأن الدولة لن تسمح بذلك، قائلا: "والله لن نسمح بجنيه واحد يؤخذ.. وهذا الكلام لا يخص أي شخص في الحكومة.. أنا أتكلم بوجه عام".
وعلق السيسي على قضية الفساد التي وصفتها الصحف وقتها بـ"الكبرى"، المتهم فيها وزير الزراعة السابق، صلاح هلال، وعدد من المسؤولين والإعلاميين- في كلمته بأسبوع شباب الجامعات المصرية العاشر - بالقول إنه لم يعجبه تناول الإعلام لقضية الفساد، مشيرا إلى أن التناول حمل إساءة للمتهمين.
كما وجه السيسي يوم 26 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بتشكيل لجنة برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية وعضوية ممثلين عن وزارات التخطيط والمالية والداخلية والعدل، ونائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام بدوي، لتقصي الحقائق ودراسة ما جاء من تصريحات بشأن تجاوز تكلفة الفساد داخل مؤسسات الدولة 600 مليار جنيه خلال عام 2015.
قطر الأولى عربيا في مكافحة الفساد
ويذكر أن مؤشر لهذا العام استند إلى 12 مصدرا ومرجعا رئيسا لقياس مستويات الفساد في 168 دولة عربية وأجنبية، منها البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي الدولي ومؤشر حكم القانون لمشروع العدالة العالمي.
ووفقا لمنهجية وآلية عمل المؤشر، تعمل هذه المصادر والمرجعيات على قياس مستوى الشفافية والمحاسبة والحوكمة في القطاع الحكومي من خلال أسئلة توجه إلى عدد كبير من الخبراء في مجالات مختلفة حول مدى شفافية القرارات التي تتخذها الحكومات، ومدى إسهام هذه الحكومات في القضاء على مظاهر الفساد، وإجراءات محاسبة الموظفين العموم، وكذلك القوانين الحاكمة للقطاع الحكومي في هذه الدول.
واحتلت قطر صدارة الدول العربية، في مكافحة الفساد، تليها الأردن، والسعودية، ثم البحرين، والكويت، فيما تقاسمت الجزائر والمغرب المركز رقم 88 عالميا مع مصر.
وتراجع تصنيف الدول العربية التي تعاني من صراعات مسلحة داخلية، مثل سوريا واليمن وليبيا والعراق وأخيرًا الصومال التي احتلت المركز الأخير عالميا بثماني نقاط.
وكشف المؤشر السنوي لمنظمة الشفافية - التي يقع مقرها في برلين - تصدّر الدنمارك دول العالم بحصولها على 91 نقطة من 100.
واعتمدت المنظمة على ستة معايير، وسجلت أن البلدان التي تحتل المراتب العليا تتميز بمستويات عالية من حرية الصحافة، وإمكان الوصول إلى معلومات عن الميزانية العامة، وتمتع المسؤولين بمستويات عالية من النزاهة، واستقلال السلطات.
وفي المقابل لا تحتل البلدان التي جاءت في المراتب الدنيا بـ"حوكمة رشيدة"، بجانب ضعف مؤسسات الشرطة، والقضاء، وغياب الإعلام المستقل.