مقابلات

زعيم كردي: واشنطن تدعم حزبا كرديا يمارس الإجرام بحق الأكراد

خصص سيامند جولته الأمريكية للتحذير من حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني - أرشيفية
قال رئيس تيار المستقبل الكردي، سيامند حاجو إنه أبلغ الأمريكيين بأنهم يدعمون الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني في سوريا، معتبرا أنهم يدعمون حزبا يمارس الترهيب بحق الأكراد في وسوريا ودفع الكثيرين منهم للهجرة.

وتيار المستقبل عضو في المجلس الوطني الكردي المنضوي في الائتلاف الوطني السوري.

وأوضح حاجو، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أنه عقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين وشخصيات دبلوماسية في واشنطن قبل أيام، وتم خلالها مناقشة العديد من القضايا المتعلقة بالشأن الكردي، وخاصة دعم ومساندة القوى الليبرالية والديمقراطية الكُردية السورية.

وتأتي مثل هذه الاجتماعات كمحاولة من التيار لمواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي تدعمه الولايات المتحدة، والمتهم بانتهاكات وتهجير جماعي في المناطق التي يسيطر عليها، إضافة إلى اتهامه من الأحزاب الكردية الأخرى بممارسة سياسة التهديد والقمع ضد معارضيه من الأكراد.

وتأسس تيار المستقبل على يد المعارض الكردي البارز "مشعل تمو"، الذي اغتيل في في مدينة القامشلي، شمال شرق سوريا، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2011 ووجهت أصابع الاتهام للنظام حينها.

* حدثنا عن جولتك في الولايات المتحدة؟

- في جولتي إلى أمريكا قابلت 11 مكتبا لسيناتورات أمريكيين، من بينهم مكتب السيناتور بوب كوركر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية من الحزب الجمهوري، كما اجتمعت مع مكتبين لأعضاء في الكونغرس الأمريكي، وكذلك قمت باجتماع موسّع مع مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، حضره كل من السيدين ماتيو توتيلو ولوكاس كيني، من القسم المسؤول عن الملف السوري في الوزارة، إضافة إلى أندرو ماسليكي من قسم الديمقراطية وحقوق الإنسان والسيدة كرستينا من قسم الملف التركي في الوزارة.

وخلال زيارتي أقام معهد الشرق الأوسط في واشنطن ندوة سياسية لي، تحدثت فيها عن مجمل الأوضاع في المناطق الكُردية في سوريا وتداعيات السياسة الأمريكية حيال الأزمة السورية عموما، الندوة كانت خاصة وحضرها أشخاص معنيون تمت دعوتهم إليها من قبل المعهد من بينهم السيدة مونيكا بلمونت، ممثلة وزارة الخارجية الأمريكية، والسيد كريستوفر بار ممثل لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ الأمريكي، والسيد روت سيترن، ممثل مجلس الأمن القومي الأمريكي، والبروفيسور هنري باركي، وعدد آخر من السياسيين الأمريكيين المختصين بالشأن الكُردي والسوري.

* كيف لمستم الموقف الأمريكي خاصة أنه يدعم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعارضون سياساته؟

- انتقدت بشدة السياسة الأمريكية المتبعة حيال الملف السوري، تجاه سياستهم الهشة أمام بقية القوى الدولية والإقليمية في سوريا والتي أفسحت المجال للكثير من المجموعات المتطرفة لضرب القوى المعتدلة السورية، كما أفسحوا المجال لروسيا وإيران ونظام الأسد لإعادة السيطرة على الأراضي السورية التي كان الأسد قد خسرها طيلة الأعوام الماضية.

ووجهت انتقادا لاذعا للسياسة الأمريكية المُتبعة تجاه الكُرد في سوريا، حيث أننا في المجلس الوطني الكُردي لدينا اتصالات مستمرة مع الأمريكان، منذ السنوات الأولى للثورة في سوريا، وكان بإمكانهم جعلنا حليفا لهم، خصوصا أننا نُمثل قوة سياسية ديمقراطية وليبرالية، وكان هذا الحليف يملك قوة عسكرية أيضا تتمثل بقوات "بيشمركة روج"، المكونة من الكُرد السوريين المنشقين عن قوات النظام، والمتطوعين المتواجدين حاليا في إقليم كُردستان العراق، ولكن الأمريكيين قرروا دعم "وحدات الحماية الشعب"، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د)، وكما نعلم جميعا فهذا الحزب هو الفرع السوري لحزب العمال الكُردستاني (PKK). هذا الحزب يمارس سياسة ترهيبية إجرامية في المناطق الكُردية في سوريا، وهو السبب الرئيسي لهجرة أكثر من نصف الشعب الكُردي من هناك، لأسباب عديدة منها القمع السياسي ضد النشطاء والسياسيين إضافة إلى تطبيق سياسة التجنيد الإجباري نيابة عن جيش النظام وهذا كان سببا لهجرة أكثر من 80 في المئة من الشباب الكُرد إلى خارج الوطن، وكما بينت للأمريكيين أن تطبيق التجنيد الإجباري بحسب القانون الدولي هي من حق الحكومات وحدها، ولا يحق للميلشيات تطبيقها.

وقلت لهم: "أنتم الأمريكان تدعمون تلك المليشيات التي تقوم بخطف الشباب والقاصرين وتجبرهم على خوض الحروب، وبالتالي أنتم تدعمون طرفا هو على قوائم الإرهاب في أمريكا وهذا هو التناقض بعينه".

كما بينت لهم أن هذه السياسة ستكون لها آثار كارثية على المنطقة برمتها، فحزب العمال الكُردستاني من جهة يُشكل خطرا على إقليم كُردستان العراق، ومن جهةٍ أخرى تسلحون منظمة تحارب أصدقاءكم في الناتو المُتمثلين بتركيا.

* لماذا برأيكم تدعم الولايات المتحدة حزب الاتحاد الديمقراطي رغم ما أشرت إليه من انتهاكات ورغم معارضة تركيا التي تصفه بالإرهاب؟

- الأمريكيون كانوا يبحثون عن حليف جاهز على الأرض، يكون لديه استعداد فقط لمحاربة تنظيم الدولة، دون قيدٍ أو شرط، في حين حزب العمال الكُردستاني كان يريد التخلص من هذه العزلة السياسية التي تحيط بهِ منذ سنوات طويلة قبل اندلاع الثورة السورية، ولذلك كان لديه استعداد لخدمة المصالح الأمريكية وأية قوة أخرى، كروسيا وإيران والنظام السوري، للخروج من حالة العزلة هذه.

وكل ما يهم الأمريكيين في سوريا هو محاربة التنظيم، وقلنا لهم إن سياستكم في سوريا هي السياسة الخاطئة نفسها في أفغانستان في الثمانينيات من القرن الماضي، حينها دعمت الولايات المتحدة الأمريكية المجاهدين، ومن بينهم أسامة بن لادن، من أجل محاربة الحكومة الأفغانية المدعومة من الاتحاد السوفييتي آنذاك، والجميع يعلم كيف كانت النتيجة وتداعياتها.

* هل تتوقعون تغير موقف الولايات المتحدة تجاه هذا الحزب بعد اجتماعاتكم الأخيرة؟

- على الأقل عدد من مكاتب السيناتورات عبروا لنا عن أن لديهم رؤية جديدة مخالفة للسياسة الأمريكية الحالية، وسيُقدمون المعلومات التي زودناهم بها بخصوص هذه الانتهاكات إلى البنتاغون، كما اتفقنا على أن يقوم وفدٌ من المجلس الوطني الكُردي في سوريا بزيارة إلى أمريكا وإجراء لقاءات مع المسؤولين الأمريكيين. وكما نعلم أن تغيير المواقف السياسة يحتاج إلى وقت، وفي اعتقادنا لن يستطيع الأمريكيون الاستمرار طويلا مع منظمة هي ضد الديمقراطية والتوجه الغربي، كمنظومة حزب العمال الكُردستاني وجناحه السوري "حزب الاتحاد الديمقراطي".

* ما هو موقف تيار المستقبل من حزب الاتحاد الديمقراطي وممارساته في مناطق سيطرته، ومن ذلك إعلان الفيدرالية؟

- نحن في تيار المستقبل الكُردي في سوريا؛ اتخذنا قرارا في مؤتمرنا في العام في 2014 بمقاطعة حزب الاتحاد الديمقراطي بسبب عقليته الاستبدادية الإجرامية العدوانية تجاه القوى والشعب الكُردي ضمن وجوده في حلف الأسد إيران، وقررنا اتباع العمل السري في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. ونرى أن الفيدرالية هي الحل الأمثل للحفاظ على وحدة سوريا، وباعتقادنا فإن الفيدرالية في سوريا لا يجب أن تكون على أساس عرقي فقط، بل تكون فيدرالية ممزوجة، عرقية جغرافية دينية. والفيدرالية هي حالةٌ ضامنةٌ لحقوق جميع المكونات السورية.

هناك من يقوم بالترويج لوجود تخوفٍ متزايد من أن تنتقل سوريا من الدكتاتورية العلوية إلى دكتاتورية سنية، إذا كان الحكم مركزيا وليس فيدراليا، ولذلك يجب إيجاد حل لهذه المعضلة ترضي جميع الأطراف الداخلية السورية بالدرجة الأولى، ومن ثم السعي لتحقيق توافق بين القوى الإقليمية والدولية عليه.

علينا إقناع الشعب السوري بأن الفيدرالية هي من مصلحة الجميع. يجب أن تكون لهذه الفيدراليات ديمقراطية ضمنية، فالفرق بين الفيدرالية التي ندعو إليها نحن في المجلس الوطني الكُردي، وبين الفيدرالية المعلنة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، هو أننا نسعى إلى إقناع السوريين ليكون القرار شاملا وبتوافق وطني يحفظ السلم الأهلي، أما الفيدرالية المعلنة من قبل (PYD) فهي من طرف واحد وتُمارس الديكتاتورية في داخلها، وجاءت ضمن مخطط نظام الأسد لإغراق سوريا في حروب أهلية طويلة الأمد، ولتوفر له المزيد من الوقت لقمع السوريين جميعا كُردا وعربا.

* ما هي العلاقة التي تربط حزبكم بالمعارضة السورية بمؤسساتها، الائتلاف أو الهيئة العليا للمفاوضات؟ وهل أنتم راضون عن أدائها السياسي؟ وموقفكم من مفاوضات جنيف؟

- نحن كجزء من المجلس الوطني الكُردي في سوريا، ممثلون في الائتلاف السوري المعارض، ولدينا ممثلون من قبل المجلس الوطني الكُردي في الهيئة العليا للتفاوض، ولكن مع الأسف يوجد ضمن الهيئة العليا للتفاوض شخصيات شوفينية عربية وأخرى متشددة إسلامية، ولسنا متفقين معهم سياسيا، كما يوجد هناك الكثير من التنظيمات والشخصيات العربية السورية الديمقراطية التي نستطيع التفاهم معهم. وباعتقادنا أنه من الضروري أن نعمل نحن الكُرد مع بقية أطراف المعارضة السورية لنتمكن من التخلص من هذا النظام الدموي، وعلينا ألا نتراجع عن سوريا ديمقراطية تضمن حقوق جميع المكونات بدون استثناء.

وبالنسبة لمفاوضات جنيف، فأعتقد أنه لن يكتب لها النجاح إن لم يتم ترحيل نظام الأسد.