ملفات وتقارير

"الأردن يقاطع" في مواجهة "الأردن ينتخب"

شهدت انتخابات نيابية سابقة عمليات تزوير واسعة باعتراف رئيس مخابرات أردني أسبق- أرشيفية
أطلق تحالف لحراكات وشخصيات سياسية أردنية يحمل اسم "الهيئة الوطنية لمقاطعة الانتخابات النيابية" حملة مقاطعة مع اقتراب موعد الانتخابات في 20 تموز/ يوليو المقبل، تحت عنوان (الأردن يقاطع)، في مواجهة حملة (الأردن ينتخب) التي أطلقتها الهيئة المستقلة للانتخابات، بهدف التشجيع على المشاركة.

وتأتي هذه الحملة في وقت أعلنت فيه جميع الأحزاب الأردنية، وعلى رأسها أكبر الأحزاب المعارضة "جبهة العمل الإسلامي"، المشاركة في الانتخابات، بعدما عدلت السلطات الأردنية قانون الانتخاب، وقسمت المملكة لدوائر تتنافس عليها قوائم على مستوى المحافظات، خلفا لقانون الصوت الواحد.

مبررات المقاطعة

وأوضح القائمون على الحملة أن سبب مقاطعتهم يكمن في "تعمد النظام السياسي منذ تأسيس الدولة الأردنية حتى اليوم؛ الاستحواذ على كامل السلطة، ومصادرة إرادة الشعب الأردني، وانتهاك حقه الدستوري الذي نص على أن الأمة مصدر السلطات"، مؤكدين أن النظام الأردني "يلجأ لتحقيق ذلك؛ إلى إجراء انتخابات شكلية، بهدف إضفاء الشرعية المحلية والدولية على سلطته الفردية المطلقة".

وقال عضو اللجنة الإعلامية للهيئة الوطنية لمقاطعة الانتخابات النيابية، رامي سحويل، إن "جملة من القوانين المقيدة للحريات، والشروط الدكتاتورية؛ تحول دون ممارسة الشعب الأردني لحقه الطبيعي في اختيار برلمان فاعل دستوريا؛ يمارس دوره في التشريع. لذا برزت هذه الحملة التي أطلقها ما يقارب الـ100 شخصية من مختلف المحافظات".

وأضاف سحويل لـ"عربي21" أن الدعوة للمقاطعة هي دعوة من أجل "توفير شرط ديمقراطي للشعب الأردني؛ بانتخاب مجلس أمة بالكامل"، مشيرا إلى أنه "بحسب الدستور الأردني؛ فإن ثلث مجلس الأمة (مجلس الأعيان) معيّن وضامن ومعطل لأي عملية تشريعية، كما أن قانون الانتخاب ينتقص من فكرة المواطنة، ويحول دون وجود قوائم وطنية بتمثيل نسبي مفتوح".

وتابع: "لذا؛ آن الآوان أن يكون للشعب بعد حراكه وهباته الشعبية؛ فرصته وحقه في التشريع".

إقرأ أيضا: تخوفات شعبية أردنية من استنساخ "نواب" البزنس والعشائر

وفي الرد على الدعوات المحرضة على مقاطعة الانتخابات؛ قال رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات، خالد الكلالدة، في تصريحات صحفية الاثنين الماضي، إن الدعوة للمقاطعة "جريمة بحق الوطن"، وإن من يقاطع "لا يؤمن بالديمقراطية"، رابطا بين المشاركة في الانتخابات وبين المواطنة.

من جهته؛ قال الناطق باسم الهيئة المستقلة للانتخابات، جهاد المومني، إنه "لا يرى أن هناك حملات مقاطعة، أو جهات تدعو لذلك، وإنما هي أصوات فردية تتحدث عن نفسها، وتهدد بالمقاطعة"، مضيفا لـ"عربي21"، أنه "حتى الآن؛ لم نشعر بأن هناك جهات معينة تحاول أن تؤثر سلبا على عملية المشاركة بالانتخابات، كما أن الهيئة لن تتدخل في ذلك، فالآراء الشخصية محترمة".

تخوفات

ويتخوف القائمون على حملة المقاطعة؛ من عدم نزاهة الانتخابات، ومن التدخلات الأمنية، وهي تخوفات طرحها أيضا حزب جبهة العمل الإسلامي في بيان إعلان مشاركته الشهر الماضي.

وبينت حملة "الأردن يقاطع" أن "القناعات السائدة في مختلف أوساط الشعب؛ هي عدم الثقة بنزاهة العملية الانتخابية، واستمرار المال السياسي، والتدخلات الأمنية، والقوانين المقيدة للحريات العامة، وسيطرة صندوق النقد والبنك الدولي على القرارين الاقتصادي والسياسي الأردنيين، وإفراغ قانون الانتخابات الحالي لدور المجلس الأساسي في التشريع، منتجا ذات السياسات، وذات المجالس السابقة التي رهنت الأردن والشعب الأردني بجميع مكوناته لحكومات غير منتخبة".

وقال سحويل إنه "لا جدوى من المشاركة في برلمان لا يستطيع أن يشرّع"، لافتا إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن المقاطعة هي التي ساهمت في تعديل قانون الانتخاب؛ بعد انخفاض نسبة المشاركة إلى 33 بالمئة من الشعب، ما دفع النظام الأردني إلى استشعار الخطر، وتوجيه الملك خطابا للبرلمان بضرورة تعديل القانون".

وحول تجريم من يدعو إلى المقاطعة، والانتقاص من مواطنته؛ استنكر سحويل هذه التصريحات قائلا: "نستهجن هذا التفكير المنافي لجوهر الروح الديمقراطية والتعددية، وهذا يدل على أن هنالك أجواء عرفية، ونستغرب أن يصدر هذا الخطاب من شخصية تدعي أنها ديمقراطية".

مراقبون: لا تأثير للمقاطعة

من جانبه؛ قال عضو تحالف "نزاهة" لمراقبة الانتخابات، محمد الحسيني، إن "مقاطعة الانتخابات حق في دولة لا يوجد فيها إلزامية تصويت".

واستبعد في حديث لصحيفة "عربي21" وجود "تأثير حقيقي" لدعوات المقاطعة "التي لا تتعدى وسائل التواصل الاجتماعي"، مستشهدا بـ"عدم فاعلية المقاطعة في الدورات السابقة، حيث كان هناك إقبال على الانتخابات رغم وجود تيارات كبيرة مقاطعة".

وبين أن "نسبة الاقتراع ترتفع خارج المدن الرئيسة، وهذا ليس له علاقة برضا الناس أو عدمه تجاه أداء المجالس السابقة، بقدر ما له علاقة بالانتماء للعشيرة أو للمنطقة".

ويبقى التحدي أمام السلطات الأردنية متمثلا في إقناع الناخب الأردني بنزاهة الانتخابات، وكف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في نتائج الاقتراع، بعدما عاش الأردنيون تجارب سابقة لانتخابات شهدت عمليات تزوير واسعة، باعتراف رئيس مخابرات أسبق أقر بتدخله في الانتخابات، وتعيينه لأكثر من 87 نائبا في البرلمان.