سياسة عربية

من هو القيادي الإخواني الوحيد الذي رضي عنه السيسي؟

قدم محامون بلاغات ضد فهمي تتهمه بإهدار 25 مليون جنيه من موازنة مجلس الشورى- أرشيفية
منذ الدقائق الأولى لانقلاب يوليو 2013 في مصر، بدأت حملة اعتقالات شرسة طالت - وما تزال - عشرات الآلاف من معارضي الانقلاب، بدأت بكبار الشخصيات القيادية في جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة التابع لها، وفي مقدمتهم الرئيس محمد مرسي ورئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني.
 
ومع مرور الأيام كانت قيادات جماعة الإخوان، وعشرات الآلاف من الأعضاء، بل والمتعاطفين معهم، يتم اعتقالهم الواحد تلو الآخر، حتى أصبح كل أعضاء الجماعة موزعين بين معتقل أو مطارد داخل مصر أو هارب خارج البلاد.
 
لكن الشخص الوحيد الذي مثل استثناء من هذه القاعدة، كان الدكتور أحمد فهمي، رئيس مجلس الشورى السابق، الذي ظل منذ وقوع الانقلاب وحتى الآن حرا طليقا يمارس حياته بشكل طبيعي.
 
وحتى القيادات التي أبقى عليها النظام خارج السجن لشهور طويلة عقب الانقلاب لفتح قناة اتصال بينه وبين الإخوان، حسبما يرى مراقبون، مثل محمد علي بشر، وعمرو دراج، وياسر علي، وحلمي الجزار، وحسن مالك، غدر بهم النظام لاحقا، بعدما أيقن بعدم إمكانية التفاوض مع الإخوان، فتم اعتقال بشر وقبله ياسر علي وقبلهما حلمي الجزار، فيما نجح عمرو دراج من الإفلات من الاعتقال عبر الهروب في اللحظات الأخيرة إلى خارج البلاد.
 
كأن شيئا لم يكن
 
وكانت أجهزة الأمن بالشرقية ألقت القبض على أحمد فهمي، صهر الرئيس محمد مرسي، بعد الانقلاب بأيام، قبل أن يتم إخلاء سبيله سريعا دون إعلان الأسباب.
 
ويقوم فهمي، الأستاذ بكلية الصيدلة، بالذهاب إلى مقر عمله في جامعة المنصورة بشكل عادي، ويدرس لطلابه دون أي مضايقة من الأجهزة الأمنية، وهو ما مثل لغزا كبيرا لكل المتابعين.
 
وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي صورا لفهمي عقب مشاركته الشهر الماضي في مناقشة رسالة ماجستير داخل الجامعة حيث وقف بعدها يلتقط الصور التذكارية مع زملائه الأساتذة وطلاب الجامعة.
 
ولم ينج أحمد فهمي فقط من الاعتقال أو الملاحقة، بل إن نجله "عمر"، المدرس المساعد بكلية الطب بجامعة الزقازيق، حصل على منحة حكومية لدراسة الطب في الولايات المتحدة الأمريكية.
 
وحتى عندما انتقد "عمر" النظام الحالي، في حزيران/ يونيو من العام الماضي، اكتفى أشرف الشيحي، رئيس جامعة الزقازيق، بإحالته إلى محاكمة تأديبية عند عودته من المنحة.
 
اعتزل السياسة والجماعة
 
مصادر في جماعة الإخوان أكدت لـ "عربي21" أن فهمي لا يتولى الآن أي مسؤولية داخل الجماعة منذ الانقلاب، وأنه اختار الابتعاد تماما عن السياسة، وعدم التعليق على أي أحداث أو تطورات تطرأ على الساحة المصرية.
 
وقرر فهمي عدم التواصل أو التعليق على المتغيرات التي تشهدها "الإخوان المسلمين" والتي وصلت إلى حدث انقسام قادة وقواعد الجماعة فيما بينهم، وتبادل الاتهامات القاسية، والانتقادات اللاذعة بشكل علني لأول مرة في تاريخ الإخوان.
 
وكان آخر مرة ظهر فيها أحمد فهمي، كأحد قيادات الإخوان، عندما عقد بعض جلسات لمجلس الشورى المنحل بميدان رابعة العدوية، أثناء اعتصام أنصار الرئيس مرسي.

وقبل أن يشارك في انتخابات مجلس الشورى عام 2012، لم يعرف عن فهمي ممارسته لأي عمل سياسي على الإطلاق.
 
الإفلات من الدعاوى القضائية
 
وفي مطلع عام 2015، أقام المحامي المقرب من الأجهزة الأمنية، سمير صبرى، دعوى قضائية أمام القضاء الإداري يطالب فيها بفصل أحمد فهمي من عمله بكلية الصيدلة بجامعة الزقازيق، لكن هذه الدعوى لم يتم النظر فيها، واستمر فهمي في عمله بعد إيقاف قصير استمر لعدة أشهر فقط.
 
وعلى الرغم من مشاركته في الاعتصام، إلا أنه لم يتعرض للملاحقة أو الاعتقال بتهمة الانضمام إلى جماعة محظورة أو المشاركة في اعتصام رابعة، وهي الاتهامات التي سجن بسببها الكثير من قيادات الإخوان وأعضائها.
 
كما قدم محامون بلاغات ضد فهمي تتهمه بإهدار 25 مليون جنيه من موازنة مجلس الشورى كمكافآت وبدلات لأعضاء الجمعية التأسيسية لوضع دستور 2012 بالمخالفة للقانون، دون أن يتم اتخاذ أي إجراء ضده.
 
ويقول مؤيدو الانقلاب إن بقاء فهمي حرا على الرغم من عشرات البلاغات التي قدمت للنائب العام ضده وتطالب بالقبض عليه، يبقى لغزا محيرا لهم.
 
وخلال السنوات الثلاث الماضية لم يظهر أحمد فهمي في وسائل الإعلام سوى مرة واحدة، حينما أجرى حوارا مع وكالة أنباء "الأناضول"، في تموز/ يوليو 2014، أكد فيه أنه حمل رسالة من الرئيس مرسي لعبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع وقتئذ، يعرض عليه تولي رئاسة الوزراء، وهو ما رفضه السيسي الذي كان مصرا على الإطاحة بالرئيس.