نشر موقع "كريستيان ساينس مونيتور" مقالا للكاتب هوارد لافرانتشي، حول أهمية نتائج القتال في
حلب على مستقبل
سوريا.
ويبدأ الكاتب مقاله بالقول إن حلب تشكل الثقل الاقتصادي لدمشق، والمنافس الرمزي لها، وقد وقعت تحت الحصار معظم فترة الحرب الأهلية، التي أصبحت في عامها السادس، مستدركا بأن القتال الشديد فيها اليوم، حيث يقاتل الثوار، الذين كانت لهم اليد العليا في المدينة سابقا، لصد قوات رئيس النظام السوري بشار
الأسد، هو قتال من نوع آخر.
وينقل المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، عن خبراء قولهم إن نتيجة القتال لن تنهي الحرب المعقدة والمدمرة، التي تسببت بمقتل 300 ألف سوري، وتشريد الملايين، وتدفق بشري نحو الشواطئ الأوروبية، لكنها ستحدد مسار الحرب، والآفاق السياسية لكل من النظام والمعارضة.
ويورد الموقع نقلا عن الخبير في الشأن السوري والباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أندرو تابلر، قوله: "إن كان النظام غير قادر على استعادة حلب، فإن هذا سيثبت أنه غير قادر على استعادة سوريا كلها، وإن منيت المعارضة بهزيمة، وأخرجت من المدينة، فإن هذه علامة على أن الثورة فشلت".
وينقل لافرانتشي عن كبير الباحثين في معهد "ميدل إيست أفيرز" في "هيريتيج فاونديشن" في واشنطن جيمس فيليبس، قوله: "يمكن لحلب أن تشكل نقطة التحول"، ويرى فيليبس أنه حتى مع الهزيمة، فإن قوى الثوار لن تتفتت، لكن الهزيمة ستعني أكثر من مجرد خسارة مدينة، ويقول: "حتى لو خسروا حلب، فسيستمرون بصفتهم قوات ثورية، ويبقون شوكة في خاصرة الأسد، لكن الهزيمة ستحطم معنوياتهم، والأسد يعرف ذلك، وهذا هو سبب وضع النظام والقوى الخارجية، التي أتت لإنقاذه وألقوا بثقلهم كله في المعركة".
ويشير الموقع إلى أن الطائرات الروسية تستمر بشن الغارات على مناطق مدينة حلب الشرقية، التي يسيطر عليها الثوار، في الوقت الذي تشارك فيه القوات الإيرانية والمليشيات الشيعية القادمة من خارج البلد في عملية الحصار، لافتا إلى أن خبراء يرون أن جيش النظام السوري وحده لن يستطيع استعادة حلب.
ويلفت المقال إلى أن جيش النظام السوري يقوم باستهداف المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، بأسلحة تهدف إلى إرهاب الشعب وتحطيم معنوياته، مثل البراميل المتفجرة، التي ألقيت على منطقة السكري يوم الأربعاء، حيث تطايرت الشظايا في السوق، وقتلت سبعة أشخاص، مشيرا إلى أن هناك مؤشرات على أن النظام يستمر في اللجوء إلى الهجمات الكيماوية، بالرغم من مبادرة روسية أمريكية عام 2013، كان من المفروض أنها أدت الى تجريد النظام من أخطر الأسلحة الكيماوية التي امتلكها.
ويذكر الكاتب أن آخر التقارير بهذا الشأن كان يوم الثلاثاء، عندما ألقي برميلان يحتويان على عناصر كانت رائحتها شبيهة بغاز الكلور، ألقيت على منطقة السكري، بحسب اتحاد المنظمات الطبية والإغاثية، وقالت رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "تشاتام هاوس" لينا الخطيب في مقابلة حديثة مع مجلس العلاقات الخارجية: "كل الكيانات العسكرية التي تشارك في القتال ترى في حلب نهاية اللعبة سياسيا".
وتضيف الخطيب أن كل فريق مشارك يرى في النتيجة ما سيغير قواعد اللعبة، فمثلا إن استطاعت جبهة
فتح الشام، وهي جبهة النصرة سابقا، وقف تقدم قوات النظام السوري، فإنه يمكن لها "أن تفرض نفسها بصفتها قوة ثوار رئيسة في سوريا"، مشيرة إلى أن جبهة فتح الشام قامت بتغيير اسمها، والتخلي عن انتمائها لتنظيم القاعدة؛ لتبدو أكثر سورية.
وتتابع الخطيب قائلة للموقع إن عدم تمكن النظام من هزيمة المعارضة في حلب قد يجعله في المحصلة ينسحب نحو دمشق ومحافظات سوريا الغربية، وإن استطاعت المعارضة الحفاظ على حلب، فإنها يمكن أن تتصل بمدينة إدلب، التي هي معقل معارضة قوي آخر، ومن خلالها يمكنها تأمين طريق إمداد من تركيا.
ويورد المقال نقلا عن تابلر من معهد واشنطن، قوله إن الأطراف كلها تجد صعوبة في السيطرة على المدينة بشكل قاطع إلى الآن، مشيرا إلى أن "كل جانب لديه قوة أفراد محدودة لتحقيق الأهداف"، ويقول فيليبس إن محدودية إمكانات الثوار هي إدانة لإدارة أوباما.
ويبين لافرانتشي أن أمريكا تراجعت عن تقديم الإمدادات العسكرية للثوار، في الوقت الذي يحاول فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جاهدا التوصل إلى اتفاق مع
روسيا؛ لفتح خطوط إمداد إنسانية إلى حلب، ولإعادة "وقف الأعمال العدائية"، منوها إلى أن تلك الجهود بدت على وشك الانهيار خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية.
ويعلق فيليبس قائلا للموقع إن "روسيا خدعت أمريكا، فتلك الجهود ضاعفت تردي المعنويات لدى الثوار، وأثبتت أن الروس كانوا يفعلون ذلك فقط لشراء الوقت لصالح الأسد؛ ليساعدوه في إحكام الحصار على حلب".
ويختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريره بالإشارة إلى قول فيليبس إن "جهود إدارة أوباما للتوصل إلى نوع من التفاهم الدبلوماسي المتعاون مع روسيا لم تصل إلى أي نتيجة، لكن كان لها تأثير عميق في القتال في حلب".