في شهر آب/ أغسطس الماضي، تمّ الكشف عن فضيحة جديدة من مسلسل فضائح إدارة الرئيس
أوباما، لا سيما في ما يتعلق بطريقة تعامله مع نظام
الملالي في
إيران. آنذاك كان يُعتقد أنّ إدارة أوباما قد دفعت في بداية العام حوالي 400 مليون دولار نقدا لنظام الخامنئي، وذلك كفدية مقابل إطلاق سراح عدد من المواطنين الأمريكيين الذين اعتقلتهم السلطات الايرانية.
عندما اشتد الضغط الإعلامي على إدارة أوباما ومع الانتقاد المستمر للطيف السياسي الأمريكي، قامت الإدارة بتبرير هذا التصرف بالقول إن هذه الدفعة ليست سريّة، فقد تمّ الإعلان عنها سابقا، ولم تكن بمثابة دفع "فدية" للنظام الإيراني لأنّ الولايات المتّحدة لا تدفع فدية مقابل رهائن.
لم تصمد هذه الرواية لأكثر من أسبوعين، خاصة أن إدارة أوباما كانت قد بدت صيدا سهلا لخصومها في هذا الموقف، فتمّ تسريب المزيد من المعلومات عن الصفقة التي قامت بها. وفي تفسيرها الخاص لتزامن تسليم المبلغ للنظام الإيراني مع توقيت إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين، قالت وزارة الخارجية إنّها "محض صدفة"، لكن سرعان ما تغيّرت الرواية إلى أخرى محدّثة، مفادها أن إدارة أوباما استخدمت المبلغ "رافعة للضغط على إيران"، من أجل التأكّد من تسليم الرهائن الأمريكيين!
بعد ذلك، عادت واعترفت وزارة الخارجية بأنها سلمت المبلغ إلى الجانب الإيراني بعد إطلاق سراح الرهائن في حركة يفهم منها بالفعل أنّ المبلغ كان عبارة عن فدية.
هذه الفضيحة وقعت رغم محاولة الإدارة احتواء الأضرار والتعتيم على الموضوع وصد محاولات التحقيق الرسمية في الموضوع من قبل الكونغرس.
ففي جلسة الاستماع الخاصة بأعضاء الكونغرس، الثلاثاء الماضي، اعترفت إدارة أوباما بأنها كانت قد دفعت 1.7 مليار دولار نقدا إلى النظام الإيراني عندما قام الأخير بالإفراج عن الرهائن الأمريكيين، أي أربعة أضعاف ما تم الإعلان عنه سابقا في وسائل الإعلام.
ووفقا للمصادر التي سرّبت بعض ما جاء في جلسة الاستماع لجون سولومون، فقد تم تسليم المبلغ إلى الجانب الإيراني على ثلاث دفعات.
هذا السلوك الذي اتّبعته إدارة أوباما، الذي قامت من خلاله بإرسال شحنات من الأموال نقدا إلى إيران بشكل سري وعبر رزم غير قابلة للتعقّب، دون أدنى حد من الشفافية تجاه الرأي العام، أشبه بسلوك كارتيلات المخدرات والأعمال غير المشروعة. لماذا يتم مثل هذا الأمر سرا، وبهذه الطريقة إن لم يكن هناك مشكلة في الأساس في تنفيذه؟
المثير للسخرية حقيقة هو محاولة ادارة أوباما التغطية على الموضوع من خلال اختلاق روايات متعددة، وعندما فشلت في هذا الأمر لجأت إلى أسلوب هابط.
وزارة الخارجية الأمريكية تطمئننا بأن هذه الأموال التي ذهبت إلى إيران نقدا وبشكل لا يمكن تعقّبه لا يقوم نظام الملالي في استخدامها حتى الآن في "أعمال شائنة"!
لا بل إن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر، ذهب أبعد من ذلك ليؤكّد أنّ النظام الإيراني استخدم هذه الأموال في "مشاريع التنمية، ومشاريع البنى التحتية"!
منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، مشاريع التنمية ومشاريع البنى التحتية الإيرانية الوحيدة التي نسمع بها ونراها هي تفريخ المزيد من المليشيات الطائفية الإجراميّة في العالم العربي في ظل صمت دولي رهيب لا يمكن تفسيره بأي شكل من الأشكال سوى أنّه غطاء لهذا التحرك الإيراني في المنطقة.
استنادا إلى تصريحات مسؤولين أمريكيين، هناك اليوم حوالي 100 ألف مقاتل شيعي في العراق وحده فقط مدعومين من قبل إيران، منهم حوالي 80 ألف مقاتل موالين لإيران، وفقا لكريس غارفر المتحدث باسم القوات الأمريكية في بغداد.
في
سوريا أيضا، يشير تقرير حديث لدايلي ميل تضمّن الكثير من التفاصيل عن ما يمكن وصفه بمعلومات سريّة تمّ الكشف عنها لأول مرة حول دور إيران في سوريا، أشار التقرير إلى أن نظام الملالي يدير في سوريا جيشا من المقاتلين قوامه حوالي 60 ألف مقاتل من المليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية، بالإضافة إلى مقاتلين من الجيش الإيراني والحرس الثوري.
هذا العقد المقدّس الموجود بين إدارة أوباما وبين نظام الملالي حول دور الأخير في المنطقة لم يعد سرا منذ زمن بعيد، والفضائح المتتالية التي تعصف بالإدارة إزاء طريقة تعاطيها مع العديد من ملفات المنطقة والعالم يعني أن هناك المزيد منها على الأرجح، وأنّ ما سيكشف عنها بعد رحيلها ربما يفوق بمراحل ما عُرف عنها حتى الآن.