بدأت وسائل إعلام
مصرية، خلال الساعات الأخيرة، في الحديث المكثف عن "
تعويم الجنيه" (ترك سعره حرا وفقا للعرض والطلب)، والتعريف به، وبإيجابياته على الاقتصاد، ودعوة الحكومة لحسم القرار بشأنه، مع ارتفاع حاد جديد سجله سعر صرف الدولار، بالسوق الموازية، الاثنين، أمامه، إذ بلغ 13.5 جنيه، وسط ترقب لقرارات البنك المركزي خلال الساعات الاثنتين والسبعين المقبلة.
وكان وزير التجارة والصناعة، طارق قابيل، ألمح لاتجاه الحكومة لتعويم الجنيه، خلال مؤتمر "اليورومني" بالقاهرة، الشهر الماضي، فيما اعتبرت تقارير إعلامية أن طلب السيسي من محافظ البنك المركزي، طارق عامر، لدى اجتماعهما، السبت؛ مواصلة خفض الدين العام، وزيادة الاحتياطي النقدي، مع مراعاة محدودي الدخل، بمثابة رسالة ببدء عد تنازلي لتعويم الجنيه.
وأشارت التقارير إلى الخطاب الأخير للسيسي، الذي تعهد فيه بخفض الأسعار خلال شهرين، "بغض النظر عن سعر الدولار"، وفق قوله، فيما توقع خبراء اقتصاد، ووكالات اقتصادية كبرى، اتخاذ البنك المركزي قراره بخفض قيمة الجنيه، بالتزامن مع لقاء وفد مصري بممثلي صندوق النقد الدولي، بواشنطن، الاثنين، لبحث إجراءات الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.
ويضم الوفد وزيرة التعاون الدولي، سحر نصر، التي ترأس الوفد، وطارق عامر، محافظ البنك المركزي، الذي يرأس الوفد في اجتماعات الصندوق، على أن ينضم إليهما عمرو الجارحي، وزير المالية، والدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط، وعدد من قيادات وزارات المالية، والتعاون الدولي، والتخطيط، والبنك المركزي.
وتتسلم مصر، الأسبوع الحالي، قرض البنك الدولي، بقيمة 500 مليون دولار، لتنمية الصعيد، ما سيساعد على توفير قدر كاف من الاحتياطي النقدي؛ لتغطية تعويم الجنيه، وفق مراقبين.
هكذا يمهد الإعلام المصري لتعويم الجنيه
وانطلقت دوائر إعلامية، وبرامج حوارية، وصحف الصباح، الأحد والاثنين، في تهيئة المناخ العام، للخطوة المرتقبة.
وصدرت صحيفة "البوابة" الاثنين، بمانشيت يقول: "تعويم الجنيه قبل 9 أكتوبر"، مضيفة: "بلتون: الدولار بـ11.5 أو 12.5 جنيه.. مصر تبحث مع "النقد الدولي" موعد إقرار قرض الـ12 مليار دولار".
من جهتها، قالت الإعلامية لميس الحديدي، إن ساعات الحسم الاقتصادية اقتربت جدا، مشيرة إلى أن الدولة (الحكومة) بدأت في تنفيذ الخطوات التي اتفق عليها، للحصول على القرض. وأضافت، في برنامجها "هنا العاصمة"، عبر قناة "سي بي سي"، أن أهم الإجراءات التي سيتم اتخاذها خلال أيام هي تعويم الجنيه أمام الدولار.
ورد الإعلامي عمرو أديب، على منتقدي أنباء التعويم، قائلا: "خايفين على إيه، البلد أصلا ما فيهاش دولارات، إحنا ممكن نشتريها بأي سعر علشان نمشي أمورنا".
وتابع، في برنامجه "كل يوم"، عبر قناة "أون تي في"، بأن سعر الدولار سيتم تحديده عن طريق العرض والطلب، بعد تعويم الجنيه، الذي سيوفر العملة الصعبة، بحسب قوله. كما علق رئيس مجلسي إدارة وتحرير "اليوم السابع"، خالد صلاح، على الأمر، فقال إن الحكومة تصمت منذ 48 ساعة أمام كل التقارير الاقتصادية التي تقول إننا "مقبلون على تعويم للجنيه"، مضيفا أنه "لو عندك نية للتعويم اطلع وقل، ولو لم يكن عندك.. انف هذا الكلام، واللي بيزمر ما بيخبيش (لا يخفي) ذقنه". وأردف، في برنامج "على هوى مصر"، عبر فضائية "النهار one"، أن مؤسسة "بلتون" المالية ذكرت أن تعويم الجنيه في مصر سيتم خلال ساعات قليلة، موجها رسالته للحكومة: "لو هتعوم قل، وطلَّع البرامج الاقتصادية، اللي هتوافق هذا التعويم".
وفي سياق متصل، تساءلت صحيفة "المصري اليوم"، الاثنين: "ما هو تعويم الجنيه؟"، قائلة إنه "الخضوع لآليات العرض والطلب".
وذهبت الصحيفة إلى أنه "مع اتفاق مصر وصندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات، ينتظر المواطنون الخطوات التي قد تتخذ تنفيذا لشروطه، التي قد يكون من بينها ما يُعرف باسم "تعويم الجنيه". ومخففة من الأمر ذكرت الصحيفة أنه "سبق أن قرر عاطف عبيد، رئيس مجلس الوزراء، آنذاك، عام 2003، تعويم الجنيه، الأمر الذي تسبب في ارتفاع سعر الدولار بنسبة اقتربت من خمسين بالمئة".
وكان سعر الدولار قبل قرار التعويم عام 2003، بثلاثة جنيهات و40 قرشا، لكن مع سريان تنفيذه فقد بلغت قيمته نحو 5 جنيهات و50 قرشا، حتى استقر حينها عند 6 جنيهات و20 قرشا".
السؤال نفسه طرحته صحيفة "اليوم السابع"، الاثنين، قائلة: "ماذا يعني "خفض" أو "تعويم" الجنيه؟ وما آثار ذلك على الاقتصاد؟
وأشارت إلى أن الأوساط الشعبية والاقتصادية تترقب، الأيام القادمة، بكثير من الاهتمام، التوقعات بخفض قيمة الجنيه، أو تعويمه بأسلوب "التعويم المدار"، في ظل سياسة المفاجآت التي يتبعها البنك المركزي؛ لإرباك المضاربين على العملة، وتكبيد تجار سوق الصرف خسائر كبيرة. ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بأنها "على صلة وثيقة بالحكومة والقطاع المصرفي"، تأكيدها أن قرار إجراء تخفيض جديد لقيمة الجنيه سيكون على الأرجح بعد ظهر الأربعاء المقبل؛ لتفادي تأثر الأسواق بهزات عنيفة على خلفية القرار، مشيرة إلى أن الأيام الثلاثة التالية ستكون إجازات.
وقالت صحيفة "الفجر"، الاثنين: "تعرف على مصطلح "تعويم الجنيه"، وما هي فوائده وأضراره في الوقت الحالي؟ وأشارت "الفجر" إلى أنه "ما زالت حالة الترقب الحذر تسيطر على الشارع المصري بعد تردد أنباء بتعويم الجنيه، في ظل حالة التدهور التي يشهدها الاقتصاد المصري منذ بداية عام 2016، وتحكم تجار السوق السوداء في العملة الصعبة، في الوقت الذي يعاني فيه المصريون من ارتفاع الأسعار بطرق غير مسبوقة".
ونشرت صحيفة "التحرير"، الإلكترونية، مقطع فيديو بعنوان: "سألنا الناس: تعرف إيه عن تعويم الجنيه؟".
https://www.youtube.com/watch?v=on3rBGaCfco
نواب: نتحدث بعد التعويم
وبينما تمضي الحملة الإعلامية في طريقها، علق رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، علي المصيلحي، على توقعات تعويم الجنيه، بالقول: "لا تعليق".
وأضاف أن رئيس البنك المركزي، هو صاحب قرار "تعويم الجنيه"، وعندما يصدر سنبدأ التحدث، والعمل على القرار، على حد قوله. الأمر نفسه ذكره، عضو مجلس النواب، خالد يوسف، في مداخلة هاتفية مع إحدى الفضائيات، إذ قال إن السياسة الاقتصادية التي تتبعها الحكومة ستقودها لتعويم الجنيه، وزيادة التضخم، فضلا عن زيادة الأسعار، مشيرا إلى أن مجلس النواب لا يعلم شيئا عن تعويم الجنيه، قائلا: "علمنا زي (مثل) علم المواطن بالضبط".
بلتون: التنبيه الأخير.. التعويم خلال ساعات
وكان بنك "بلتون فاينانشال"، توقع تعويم الجنيه، في مذكرة بحثية نشرها الأحد، تحت عنوان "التنبيه الأخير: التعويم خلال ساعات"، بحيث يصل سعر الدولار بعد التعويم إلى 11.5 أو 12.5 جنيه. ووضع "بلتون فاينانشال"، جدولا زمنيا لعملية تعويم الجنيه، يتضمن سيناريوهين، الأول: التعويم الكامل للجنيه، والثاني: خفضه من خلال طرح عطاء استثنائي لبيع الدولار، يعلن بالتزامن معه تحول مصر لنظام سعر صرف أكثر مرونة، على أن ينتقل المركزي للتعويم الكامل بعد ذلك في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.
وصرح رئيس قطاع الأسهم بشركة بلتون القابضة للاستثمارات، هاني جنينة، إن تعويم الجنيه سيتم في غضون 72 ساعة، هي أيام عمل البنوك بالأسبوع الحالي، متابعا: "قد يتم الأمر خلال الاثنين أو الثلاثاء أو الأربعاء، لكن الأكيد أن الأسبوع الحالي هو التوقيت الأمثل"، بحسب قوله.
قبل التعويم.. الدولار يسجل 13.50 جنيه
إلى ذلك، ذكر متعاملون في السوق الموازية (السوداء) للعملة، أن سعر الدولار قفز مساء الأحد، لمستوى 13.50 جنيه للشراء، متوقعين ارتفاع أسعار الدولار مجددا عقب قرار تعويم الجنيه إلى مستوى الـ14.5 جنيه، فيما تشهد السوق حاليا ندرة في المعروض بعد توقف حائزي الدولار عن بيعه لتحقيق أعلى سعر.
يذكر أن اقتصاديين مصريين حذروا من زيادة عدد المصانع التي تقوم بتصفية أعمالها، وتسريح العمالة بها، في الآونة الأخيرة، كنتيجة مباشرة لعدم قدرتها على استيراد المواد الخام، على خلفية تصاعد أزمة الدولار، متوقعين زيادة وتيرة إغلاق المصانع، في الفترة المقبلة، حال عدم تحرك الحكومة لحل أزمة الدولار، وتوفيره في البنوك، بالحد الذي يكفي تغطية احتياجات المصانع.
وقال المتحدث الرسمي باسم حزب "المصريين الأحرار"، شهاب وجيه، إن تعويم الجنيه سيرفع الأسعار، لكنه سيفتح الشركات والمصانع، وذلك في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر". وكتب وجيه: "التعويم حيغلي الأسعار بس حيخلي الشركات والمصانع تفتح، وبالتالي تلاقي شغل بمرتب يناسب الأسعار.. التثبيت حيعمل hyper inflation (تضخما مرتفعا) بسبب انعدام الثقة"، حسبما قال.