كتاب عربي 21

دارجا أصلاموفا: نِكاح الميديا والفحولة والإغراء

1300x600
أظنُّ أنها علامات الساعة، فالأيام قصيرة والأحداث كثيرة ومتلاحقة، والزمن يتقارب، ولا يطول عمر الحدث حتى تبتلعه أحداث أخرى، والحق أن فيلم مقابلة أصلاموفا للرئيس الوريث طويت تقريبا وصارت للذكرى، لكني لم أرتو بعد من تحليله.  

وكانت الأخبار قد أتتنا ممن لم نزود بأن غرف الماتريكس السوري بحثت عنها بالسراج والفتيلة، كما بحثت يوما عن غزال هارب متهم بالإرهاب، فاعتقلت حمارا وأجبرته على الاعتراف أنه ظبية البان، وكانت المخابرات تبحث عنها لدور البطولة في فيلم "نكاح الأثير" فالرئيس أنهكته مقابلات الأوربيين الذكور الغليظين الذي يبرزون الجوكر من جيوبهم (صورة عمران). الأسد الفحل يريد أسئلة مؤنثة، لها كعاب عالية، وقطوف دانية، وأنثى مغرية، ينطبق عليها الأثر المنسوب لعلي بن أبي طالب وهو منه بريء: "النساء فيهن ثلاث خصال: يحلفن وهن الكاذبات، ويتظلمن وهن الظالمات، ويمتنعن وهن الراغبات"، الأنثى أصلاموفا استجلبت من بلاد الروس الغزاة لتعديل درجة القلوية في مشاهد الحرب الحمضية القاسية. غزوة روسية لسوريا كانت بآلاف الرجال ولابد من أنثى واحدة على الأقل تؤنث المشهد فهي خواجياية.. فأهلا وسهلا.
 
وكان الهدف هو نجمة مجلات الإباحة التي زعمت أنها تعرضت إلى اغتصاب جماعي يثير الأخيلة في جبهات أذربيجان، والادعاء له غرضان محتملان: إما أنه دعاية لفحولة المقاتلين المسلمين وحبهم للسفاد وغشيان النساء ونكاح الحور العين وهي ليست حوراء ولا عيناء، وإما أنه دعاية لنضالها وقوة احتمالها للبأس والطغيان في الميادين الوثيرة والحرب الثانية والغرض الأول أولى... والله أعلم.

 وعلمنا أن المخابرات السورية لعبت دور الماكيير والإكسسوار في الفيلم، فطلبوا منها على دورها الذي لا نعلم أجره وثوابه، ارتداء ثياب ملونة، وعارية الذراع، والذارع والكراع من ألذِّ أنواع الطعام، ورغبوا إليها انتعال كعب عال فأخذنا علما أن المخابرات السورية "فيتشية" في كل شيء، فهي تعشق أبوط العسكر وكعاب النساء المدببة، وذكرونا بمسرحية "العيال كبرت"، فالعيل الجونيور قد كَبِرَ.

كانت فلتة دستورية تلك التي تولى فيها على مقاليد الحكم في سورية بالإجماع (وليس بالجماع)  فالدستور السوري كان يشترط أن يكون عمر الرئيس أربعين سنة، والسنُّ مقتبس من الفقه الإسلامي والسيرة النبوية، فالنبي- والنبي هو المعصوم المصنوع على عين الله - استثناء في الخلق، لم يبعث إلا بعد بلوغه الأربعين، فالرسالة كبيرة وثقيلة، وقلما يبلغ المرء هذا السن ويكون عزبا. 

فليس من حسن الخُلق أن يكون الرئيس عزبا، والأولى أن يكون محصنا مثله مثل القاضي والمحامي حتى لا يزلَّ به كعب عال أو ثوب ملون فينزلق إلى الخطيئة، لكن رئيسنا كان عزبا إلى هذه السنة المتأخرة، وهذا أمر غير محمود في الأعراف التي قضى عليها النظام بمسلسلات الصبايا والفانتازيا التاريخية.

في حصة التدريب العسكري، الذي فرض على طلاب الجامعة من أجل تحرير الجولان والقدس وكانت هدرا وحرقا لوقت الطلاب، جيل المستقبل، وكان من الأولى أن يكون الطلاب في المخابر والمكتبات أو في قاعات الرياضة، وكان إحصاء الطلاب الحاضرين يطول كل يوم أحقابا، وكان الضابط المندوب سنيّا دائماً، يسمي السوريون الإبعاد عن المركز في الجيش إلى الهامش "بالتنسيق"، المركز فيه الغنائم الكبرى وهو لعظام الرقبة... ويا الله ما أطولها من رقبة! 

وفي المناسبات القومية والوطنية كان من الأعراف العسكرية أن يخطب الضابط خطبة قومية سمعناها آلاف المرات في الإذاعة والتلفزيون فيُحضر معه صبيةً من أحلى الصبايا ويجعلها إلى يمينه، ثم يخطب وراء السلاح الوحيد في ترسانة الحرب السورية على الشعب العمومي وهو مكبِّر الصوت: الميكرفون، فيركن الطلاب ويهمدون ويصغون إلى الخطاب بالعيون والعقول والأفئدة تاركين الآذان في إجازة للخطيب المفوه، ويقومون في أثناء الخطبة بما قام به الجنود الأذربيجانيون مع أصلاموفا: دحماً دحماً...

فالطلاب الذين أوحشتهم زهرة الحياة الدنيا، بعيدا عن العمران والنسوان، وفي تلك الثياب الموحدة والأبواط ذات الأعناق العالية التي تصل إلى العنق، والعطش الطبيعي إلى الأنثى والذي زادته حياة العسكرية وحشةً؛ كانوا يتحولون إلى ذئاب جائعة تنظر إلى قطعة الحلوى الأنثوية إلى جانب الخطيب ولعابهم يسيل أنهارا.

لا نعلم هل هذا هو السبب الذي دفع بالمخابرات السورية إلى دعوة الممثلة الروسية لإجراء المقابلة العاطفية مع الرئيس في فيلم "الكعب العالي"، أم هو سبب يشبه سبب ظهور الممثلة إغراء عارية في فيلم "الفهد"، وهو فلم أخرجه مخرج سنّي للاستشهاد ببطولة ثائر علوي ضدَّ دولة الخلافة السنية التي كانت تفرض الضرائب وتسيء معاملة الشعب، وبعد أن انتهى المخرج من تصوير معظم الفلم قال للبطلة التي اختارت اسم إغراء من بين أسماء النساء، ونالت لاحقا لقب ممثلة الشعب من الاتحاد السوفيتي على حسن بلائها مع الفهد في الفيلم:

- الفيلم سيفشل يا بنت الحلال ، ولابد من مشاهد عارية حتى ينجح.

فقالت قولة لم تقلها خولة بنت الأزور ولا الخنساء:

- سيكون جسدي جسراً تعبر عليه السينما السورية!!

 الفهد- أيها السادة -  كان فهداً على إغراء وحدها، فقد تحول أديب قدورة بعد دور الفهد  إلى كومبارس وخبا ذكره!

النساء إحدى أدوات الحرب وإحدى غنائمها الكبرى، والسبب في حرب طروادة هو امرأة اسمها هيلين، وكان الرئيس السوري الجونيور قد ظهر في السنة الأولى في ساحة الأمويين وخطب، ثم جرى تهريبه خوفا من قتله، المهم أنه في ظهوره كان غريبا: فقد كان يرتدي بنطلونا ضيقاً..

نعم النساء هنَّ غنيمة الحرب الكبرى، ولهذا حرص دي مستورا على تحسين صورة النظام وقدم نساءه اللاتي اشتهرن باسم "نساء دي مستورا" للمشهد الدولي خاليا من تلك المرأة الوحيدة المحجبة، حتى يكنَّ جسرا للسلام تعبر عليه الميديا السورية، وقيل في حيثيات منح أدونيس الجائزة الألمانية التي اسمها جائزة "إيريك مارك ريماك" إنها منحت له قديرا لإسهاماته بفصل الدين عن الدولة ومساواة النساء في العالم العربي بالرجال، وتنوير المجتمعات العربية وربما: بناء الجسور إلى الغرب!!

فيلم أصلاموفا مدّ جمهور الرئيس بمشاهد لفيلم "جمهورية اسمها الرغبة"، والمقابلة ستقدم الرئيس الفحل الظافر الفيلسوف، ولهذا أو ذاك، يكرّر السيسي في مقابلته مع صحافة الغرب أنه ديمقراطي ويضمُّ برلمانه ثمانين امرأة (أي 80 جسرا إلى الغرب) وهي كما يعلم الغرب المنافق: علامة ديمقراطية مطلقة!

لم تخبرنا أصلاموفا عن مصائر الأيام الثلاثة في أسرِّة المقاتلين الأذربيجان، أكانت نصرا أم هزائم؟

 وكانت قد وُصِفت إعلاميا بأنها مثيرة للجدل، والصواب أنها مثيرة لأشياء غير الجدل، وكانت قد قالت إن المخابرات السورية قد طالبتها بإظهار أنوثتها في المقابلة: أظهريها يا مزة.. ده غلبان... كما قال سعيد صالح في مسرحية "العيال كبرت".

هذه بعض الثنائيات الناتجة والمتقبلة عن المقارنة: على اليمين فيلم الأسد وعلى فيلم الفهد.

حوار الأسد: فيلم الفهد

 المؤلف مجهول في السرداب: المؤلف حيدر حيدر

العدو هو الشعب وتركيا والسعودية وقطر: العدو هو السلطنة العثمانية

المخرج هو لونة الشبل: المخرج نبيل المالح

بطلة الفيلم روسيّة هي دراجا أصلاموفا: بطلة الفيلم هي سوريّة اسمها الفني إغراء وهي  صناعة وطنية ميّة بالميّة

من التشابهات أيضا:

أغراء ناعم بالكعب العالي والحفر والبراميل في فيلم الحوار: إغراء شامل بالتعري الكامل في فيلم الفهد.