تشهد الساحة السنية في
العراق حراكا سياسيا ملحوظا لتشكيل تحالفات جديدة، استعدادا للدخول في مرحلة ما بعد استعادة
الموصل والتخلص من سيطرة
تنظيم الدولة على مناطقهم.
ويثير هذا الحراك في المناطق التي نزح منها معظم سكانها، التساؤل حول جدوى هذه التكتلات الجديدة في تحقيق الاستقرار والإعمار فيها، فضلا عن التأثير في القرار السياسي للبلد.
وتمكن تنظيم الدولة في حزيران/ يونيو 2014، من السيطرة على محافظات نينوى (الموصل) والأنبار وصلاح الدين، وعدد من مدن محافظتي ديالى وكركوك، ذات الغالبية السنية.
ورأى مراقبون أن مرحلة ما بعد الموصل، قد تكون بمثابة فرصة ثمينة للقوى السنية في إعادة ترتيب العملية السياسية بالكامل، فيما أعرب آخرون عن عدم قناعتهم بهذا الحراك، إذا لم تسهم أطراف دولية في ذلك.
هيمنة إيرانية
النائب مطشر السامرائي، عن تحالف القوى العراقية (ممثل
السنة بالبرلمان)، قال إن "الجميع يبحث عن مخرج لأن العملية السياسية بعد 2003، وحتى الآن، لم تنجح في تلبية تطلعات الشعب العراقي".
وأكد في حديث لـ"
عربي21" أن "القوى السنية تشهد تجزؤا كما هو حاصل في تحالفات الكرد والشيعة، وأن الحراك ما زال جاريا ولم تتضح حتى الآن معالم تحالفات نهائية".
ووفقا لقول النائب العراقي، فإن تلك التحالفات مهما تغيرت وضمت من قوى إلى جانبها، فإنها لن تغير في واقع العملية السياسية شيئا، ما دامت تتدخل إيران في الصغير والكبيرة.
ولفت إلى أنه في حال لم تتدخل أمريكا والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، من أجل ترتيب العملية السياسية "المريضة" في العراق، فإن شيئا لن يتغير عن سابقه.
وأوضح، أن "القوى السنية في العراق صيحات في واد، وهواء في شبك لا أحد يسمع منها، طالما الطرف الآخر (
الشيعة) يتفرد بالقرار ولا يطبق الدستور ولا يعترف به".
فرصة ثمينة
وفي المقابل، رأى الدكتور عمر عبد الستار، الباحث في العلاقات الدولية، أن المكون السني مقبل على فرصة ثمينة في مرحلة ما بعد الموصل لم تمر عليه منذ عام 2003.
وأوضح في حديث لـ"
عربي21"، أن "بغداد ستكون في هذه المرحلة كما كانت في مرحلة الدخول للكويت (غزو الكويت)، واستثمرها الكرد في الحصول على حكم ذاتي ضمن سياسة الأمر الواقع".
ولفت عبد الستار إلى أنه ربما سيفرض هذا الحراك السياسي للسنة، على بغداد، سواء رضيت أم لم ترض، "لأن المشكلة في العراق هي إيران ومليشياتها، وكانت تغطى بتنظيم الدولة، واليوم كشف ظهر هذا الغطاء".
وحذر البرلماني السابق من ذهاب السنة إلى التسوية السياسية التي طرحها التحالف الوطني (الشيعي) دون دفع المليشيات من الأرض، لأن القوي سيعطي للضعيف الفتات في التفاوضات.
وأشار إلى أن المكون السني في العراق يتعرض للضغط من أطراف عدة، ومنها بغداد، للجلوس إلى طاولة تفاوضات، لكن إذا كانت سلطة بغداد أرقى من الحشد الشعبي فالوضع أفضل، وإذا كان العكس صحيحا فإننا نسير إلى الأسوأ.
ودعا عبد الستار إلى إعادة ترتيب الوطن، بعيدا عن "داعش" (تنظيم الدولة) و "ماعش" (مليشيات الحشد الشعبي الشيعية)، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في خطف إيران لشيعة العراق، وهي بذلك تكون قد خطفت البلد من محيطه العربي.
وشدد على أنه في المرحلة المقبلة ستشهد المنطقة تراجعا في دور إيران بالمنطقة، لأنه بقدوم ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، قد نشهد تقارب الأخير مع روسيا والانفتاح على السعودية وتركيا.
وتوقع الباحث في العلاقات الدولية، وجود توجه لردع إيران في المنطقة، والعراق يعد بمثابة "الحبل السري" في المنطقة، وإنه بدون ربط "الحبل السري" فإن المنطقة لن تستقر، بحسب تعبيره.
ومن المقرر أن تجري في العام المقبل 2017، انتخابات مجالس المحافظات، لاختيار حكومات محلية في محافظات العراق عامة باستثناء إقليم كردستان العراق.
وأعلنت كتلتا "عمل" و"الحل" انسحابهما من تحالف القوى، فيما ذهبت أطراف أخرى أبرزها كتلة "متحدون" برئاسة أسامة النجيفي، للتحالف مع المشروع العربي بزعامة رجل الأعمال خميس الخنجر.