اقتصاد عربي

كيف يواجه المصريون أعلى موجة غلاء في 8 سنوات؟

تعرف مصر أزمة اقتصادية خانقة- أرشيفية
تسببت قرارات اقتصادية "مؤلمة" في ارتفاع تكلفة المعيشة في مصر، واتساع نطاق الفقر في العديد من المحافظات، بعدما تسببت هذه القرارات في حدوث أعلى موجة غلاء تشهدها البلاد منذ أكثر من 8 سنوات.

في أغسطس/ آب الماضي قررت الحكومة المصرية رفع أسعار الكهرباء، ثم بدأت بتطبيق ضريبة القيمة المضافة التي صاحبها زيادة في الأسعار خلال سبتمبر/ أيلول الماضي.

وكانت الضربة الأكبر في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني حينما أعلن البنك المركزي عن تعويم الجنيه بشكل كامل وإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي، ما أدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في البنوك من 8.88 جنيهات إلى أكثر من 18 جنيها حاليا، وكانت آخر الخطوات زيادة أسعار البنزين والسولار والمازوت والكيروسين وغاز السيارات وأسطوانة البوتاغاز بنسب تتراوح بين 1.7 في المائة و5.87 في المائة.

كل هذه القرارات أدت إلى قفز معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين في نوفمبر إلى 2.20 في المائة، بحسب ما أظهره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس الخميس، وهو أعلى معدل منذ عام 2008.

قفزة الأسعار

وكان محللون في بنوك استثمار توقعوا وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن قرار تعويم الجنيه ورفع أسعار المواد البترولية سيؤديان إلى قفزة كبيرة في أسعار السلع والخدمات ستظهر بقوة في أسعار النقل والمواصلات والسلع الغذائية والأدوية التي كانت تحصل على الدولار بالسعر الرسمي.

وقفز معدل التضخم الشهري في النقل والمواصلات إلى 6.12 في المائة في نوفمبر/ تشرين الثاني مقابل 5.10 في المائة في أكتوبر/ تشرين الأول، حيث زادت تكاليف المواصلات الخاصة بنحو 3.23 في المائة في نوفمبر مقارنة بأكتوبر، وتستحوذ المواصلات على 3.6 في المائة من إنفاق المصريين وفقا لبحث الدخل والإنفاق لعام 2015.

وقادت الزيادة القياسية في أسعار الأرز والسكر وزيوت الطعام ارتفاعا كبيرا في معدل تضخم مجموعة الطعام والشراب ليقفز إلى 5.22 في المائة سنويا في نوفمبر/تشرين الثاني مقابل 5.14 في المائة في أكتوبر الماضي ومجموعة الطعام والشراب صاحبة أكبر وزن نسبي في حساب المؤشر العام للتضخم الذي يعده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

السلع الأساسية

ومن أبرز السلع الغذائية التي سجلت ارتفاعات كبيرة في نوفمبر على المستوى السنوي الأرز 5.56 في المائة، والسكر 2.68 في المائة، كما ارتفعت أسعار مجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 5.43 في المائة، وقفزت أسعار زيوت الطعام بنسبة 7.53 في المائة والزبد والسمن 5.29 في المائة، والزبد المستورد 2.65 في المائة والمسلى الصناعي 46 في المائة، كما زادت اللحوم الحمراء الطازجة والمجمدة 7.21 في المائة والدواجن 6.14 في المائة والأسماك الطازجة والمجمدة 3.16 في المائة والمأكولات البحرية 8.19 في المائة.

وتعاني مصر في السنوات الأخيرة من تدهور اقتصادي وسط تفاقم عجز الموازنة وارتفاع التضخم وتراجع إنتاج الشركات والمصانع وشح العملة الصعبة في ظل غياب السائحين والمستثمرين الأجانب وتراجع إيرادات قناة السويس.

البنك المركزي يتنصل

من ناحية أخرى قال طارق عامر، محافظ البنك المركزي، أمس الخميس، إن المركزي لن يتدخل مجددا في سوق صرف العملة بعد تعويم الجنيه، وأضاف أن المركزي لم يعد يستهدف سعر صرف محددا بعد التعويم.

وردا على ما إذا كان من الممكن أن يتدخل المركزي مجددا في سوق الصرف، قال عامر: "نتدخل؟ لا مطلقا أصبح هذا في سجل التاريخ، فلن يكون هناك تدخل آخر".

وكان تعويم الجنيه أحد المتطلبات الضرورية لتمكين مصر من الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. وقال محافظ البنك المركزي إنه لا يوجد استهداف لسعر صرف محدد بعد الآن.

سعر الدولار

ولكن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي توقع تراجع سعر الدولار خلال الفترة المقبلة، وقال في كلمته بمناسبة المولد النبوي الشريف، أمس الخميس، إن سعر صرف الدولار لن يبقى على هذا الحال، فهذا ليس سعره العادل، والتوازن سيستغرق بضعة أشهر فليس من الطبيعي أن يكون سعر صرف الدولار 17 و18 جنيها.

وسجل سعر بيع الدولار في البنوك الحكومية الثلاثة الكبرى الأهلي المصري ومصر والقاهرة أمس الخميس 18 جنيها، بينما ارتفع سعر البيع إلى 25.18 جنيها في البنك التجاري الدولي.

وقال السيسي إن الظروف الاقتصادية والمعيشية صعبة في ظل الإصلاحات الاقتصادية، لكنه أضاف أن الإصلاح الاقتصادي كان ضروريا.

ولكن ما يدعو للتفاؤل هو أن أسعار الفائدة على أذون الخزانة الحكومية قصيرة الأجل أعلى من ذلك الذي يحصل عليه المستثمر في أطول السندات المصرية أجلا، وهو ما يشير لتوقع المستثمرين لاتجاه التضخم وأسعار الفائدة في مصر إلى التراجع في المستقبل.

وباعت الحكومة خلال الأسبوع الجاري أذون الخزانة لأجل 3 شهور بعائد 2.18 في المائة في المتوسط مقارنة مع 7.16 في المائة على السندات لأجل 10 سنوات، وهذا على عكس المعتاد في هذا المجال، حيث تعطي الأوراق المالية الأطول أجلا عائدا أكبر لتعويض المستثمرين فيها عن ارتفاعات الأسعار خلال تلك الفترة.